وزير غفيان
شاهر الشريدة
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-01-09 الساعة 16:14
.
بنهاية السبعينيات، شفقت علينا الدولة، وقررت تفتح شارع رئيسي لقريتنا مع العالم الخارجي.
فالمقاول كان كوري، كنا لما نشوفه نخاف، لأن وجهه وعيونه مش مثلنا، كنا أول وعي، وسايق الجرافة بتذكر اسمه ابو محمد، كان يظل يسولف ان الكوريين بوكلوا البشر والكلاب، فلما بده يمزح معنا، يقول: فلّوا فلّوا اجى الكوري.
كبرنا، وظلت ذكرى ابو محمد وسواليفه بذاكرتي، وكل ما احاول انسى قصصه عن الكوريين، بطلعلنا زعيم كوريا الشمالية بقصصه الغريبة والعجيبة.
مرة اعدم 12 من الوزراء والمسؤولين، عشان بتابعوا مسلسلات من صنع العدوة اللدودة كوريا الجنوبية، ومرة اعدم وزير الدفاع بقذيفة مضادة للطيران، عشان كان غفيان باحتفال عسكري، غير عن قصة شعره اللي امر كل الشعب يحلق مثلها.
كل قصصه، وحتى قصة الوزير الغفيان، كانت عادية لنوابنا ومسؤولينا اللي من عادتهم النوم بكل مطرح، تحت القبة، فوق القبة، بالسيارة، بالمكتب، بالعزا، بالعرس، بالاحتفالات، وما استفزتهم.
الاشي الوحيد اللي استفز حكومتنا، انه جرب قنبلة هيدروجبنية بالبحر، وحطت عقلها بعقل هالزلمة، وحالفة يمين إلا تحطله حد.
احنا ما صدقنا ننسى خرافة سايق الجرافة، وبطّلنا نخاف من أهل كوريا، وحكومتنا راحت تبلش مع كوري لا سائل لا بيابان، ولا بكوريا الجنوبية، ولا بامريكا، ولا حتى بمجلس أمن.
تركت كل همومنا ومشاكلنا والمنطقة، وراحت ع دولة، فرق توقيت بينّا وبينها 18 ساعة، لتظل تخوفنا بالكوري.
ع اليوم ان ما فتحولنا هالشارع، وظلينا نركب الخيل والدواب، احسن من هالعمر اللي قضيناه خوف وفليلة.