الفاديات
نيسان ـ نشر في 2016-01-09 الساعة 19:42
حيدر الغدير
إلى الحرائر الفلسطينيات الطاهرات، اللواتي أصررن على الرباط في المسجد الأقصى لحمايته من عدوان الصهاينة, وأقسمن أن يفدينه بالأرواح, فكُنَّ الإيمان والفداء، وكُنَّ النموذج الباهر والقدوة الآسرة.
هُـــــــــنَّ الأجَــــــــلُّ مـــعـــادنــاً وذكــــــــاءَ ... وعــزيــمــةً فــــــوق الــســهــا شـــمـــاءَ
الــمــســبــغــات ثـــيـــابــهــن تـــعـــفــفــاً ... والـمـسـبـغات لـــدى الــوضـوء الــمـاء
مــــــاء الـــوضــوء يــزيــدهـن طـــهــارةً ... وثــــيـــابـــهـــن تـــــزيــــدهــــن نـــــــقــــــاء
هــــــن الــحــســان خــلائــقــاً ومــبــادئـاً ... وبــــهـــن جُــــــزْن الــكــوكــب الـــوضَّـــاء
وجــمــعــن لــلـحـسـن الـــــذي أوتــيــنـه ... حــســن الــعـفـاف صــيـانـة وإيــــاء(1)
وجــعـلـن لـلـحـسـن الــطـهـور مـكـانـة ... أعــــــلــــــى وأغــــــلــــــى عـــــــــــزةً ورُواء
فــــغــــدون ذروتــــــــه فــــكـــل مــــزيـــة ... فــي الـحـسن تـبـدو جـنـبها شـوهاء
* * * ... * * *
الــــفــــاديــــات رأيــــتــــهــــن ســــــمــــــاء ... ورأيـــــت فــيــهـن الــمــنـى الـحـسـنـاء
هـــــــنّ الــعــزيــزات الــلــواتــي رُعْــنــنــا ... وأثـــــــرن فـــيــنــا نـــخـــوة وضَــــــراء(2)
الــتــالـيـات الآي فــــــي رأد الــضــحـى ... وأصــــائـــلاً فــــــي فـــرحـــة ومـــســـاء
الــمــخــلِـصـات الــمــخـلَـصـات قـــوانــتــاً ... الـــعـــاشــقــات الـــــحـــــق والـــعـــلــيــاء
لــــمــــا اتـــقـــيــن الله حـــــــق تـــقــاتــه ... أدركـــــــــن مـــــنــــه عـــنـــايـــةً ورضــــــــاء
وقـبـسـن مـــن عــمـر الـعـظيم حـمـيّةً ... ومـــــــن الـــفــواطــم عــــفـــةً وحــــيـــاء
وتَـــخِــذْن مـــــن زرد الــيـقـيـن أســنــةً ... ومـــــــن الـــتــوكــل أســـيــفــاً وَوِقــــــاء
ورأيـــن عـــز الـشـمـس فــي ريـعـانها ... فـــقــبــســن مـــنـــهـــا عــــــــزةً وإبــــــــاء
وقـبـسـن مـنـهـا إذ رأيــن سـطـوعها ... مـــــجــــداً جـــلـــيــلاً جــــانــــب الـــخـــيــلاء
ومــــحـــون بـــالــنــور الــــــذي أدركـــنـــه ... مـنـهـا الـمـخـاوف مَـحْـوَهـا الـظـلماء
فـطـلـعـن أرجــــى مــــا تـؤمـلـه الــعـلا ... وأتــــيـــن أغــــنـــى مـــــــا نــــــود رجــــــاء
فــــإذا بــهـن الأســـد فـــي أجـمـاتـها ... بــالــرعــب رعــــــن الــبــغــي والأعـــــداء
* * * ... * * *
وأعــــــــدن فـــيــنــا خــــولـــةً وسُـــمــيــةً ... ونــسـيـبـةً فـــــي الـــعــزم والـخـنـسـاء
وأعـــــدن عــائــشـة الــطـهـور وزيــنـبـاً ... وأعـــــــدن أصــــبـــر أهـــلــهــا أســــمـــاء
ووجــدن فــي نـيـل الـشهادة مـنحةً ... جــلَّـت مـــن الـمـولـى الـكـريـم عــطـاء
الــظـافـرون بـفـضـلـها مــوتــى فـــإن ... لـــبــســوا كــرامــتــهـا غــــــدوا أحـــيـــاء
فـجـعـلـنها الــهــدف الـــذي أُشـربـنـه ... ولــــــــــــه ســــعــــيــــن بــــــــــــراءةً وولاء
هــن الـظـباء فــإن غـضـبن فـلن تـرى ... مـــــنــــهــــن إلا أســــيــــفــــاً حــــــمــــــراء
بـــوركـــن مــــــن فـــئــةٍ أرتـــنــا قـــــدوةً ... مـــيـــمـــونـــةً لا تــــــعـــــرف الإعــــــيـــــاء
وتــرى الـمـخاطر أنـعـماً مـهـما عـتـت ... والـــــــــذلَّ عــــــــاراً والــــونــــى ضَــــــــرَّاء
ولــــقــــد عــــلـــون بـــنــيــةٍ أخــلــصـنـهـا ... تــســتــعـذب الأهــــــوال لا الأهــــــواء
فـغـدون فــي الـدنـيا سـماء جـلالها ... وغـــدون فـــي عـلـيا الـسـماء سـمـاء
إن الـــجــراءة فـــــي الــنــسـاء حــمـيـة ... مـــــــن شـــأنــهــا أن تــصــنــع الـــجـــرآء
وبـــهـــا غـــدونـــا إذ قــبــسـنـا نـــارهـــا ... جــــــرآء نــجــعــل مـــــن بـــغــوا أشـــــلاء
أكـــفـــاء لــلــجـلَّـى عـــلـــى أهــوالــهــا ... ومـــــــن الــتــلـبُّـث والـــونـــى طــلــقــاء
* * * ... * * *
الــــفــــاديــــات أعــــــدهــــــن بــــشــــائـــراً ... قـــد جــئـن مـــن عـلـيـا الـجـنان وِضــاء
وغداً تكون وعودهن وفي الضحى ... قـــــــــدراً تـــــــــراه عــيــونــنــا وقــــضــــاء
يــلــقـى بــــه الــبـاغـي جــــزاء ضــلالــه ... وبــــــــه نــــكـــون بــربــعــنـا الـــســعــداء
* * * ... * * *
الـــــفــــاديــــات أعــــــدهــــــن كـــتـــيـــبـــةً ... مـــــنــــصــــورةً وأعـــــــدهــــــن لـــــــــــــواء
نـــــادى فــلــبَّـى الـمـسـلـمون نــــداءه ... جـــــلُّــــوا وجــــــــلَّ فــــوارســــاً ونــــــــداء
طــوبـى لــهـن فـديـن أقـصـانا الــذي ... يـــشــكــو الــيــهــود أخـــســـةً جــبــنــاء
لـــكـــنـــهـــم عــــــاثـــــوا لأن حــــمــــاتـــه ... وهــــنــــوا فـــكــانــوا هــــمـــةً شـــــــلاء
والـــيـــوم أيــقــظـهـم حُـــــداء حـــرائــر ... طــــابـــوا وطــــبـــن عـــزيــمــةً وحُــــــداء
طــــوبـــى لــــهـــن قـــيـــادةً وإهـــابـــةً ... وبـــطـــولـــةً تــــــــذر الـــبـــغــاة هــــبــــاء
الـــقـــدس فــــــي أخـــلادهــن أمـــانــة ... وشــــمـــوخ مـــئــذنــة عــــلـــت شـــمـــاء
والـهـول مـهما اشـتد روض شـائق ... يــبـصـرن فــيــه مــــن الــخـنـوع شــفـاء
* * * ... * * *
إنـــــــــا لـــنــفــخــر أن فـــيـــنـــا نـــــســــوةً ... أرجــعــنــنــا بــــعــــد الــــونــــى بُــــسَـــلاء
هـــــــن الـــســوابــق لا مـــــــراء وإنـــنـــا ... نــــــجـــــد الــــطـــريـــق ســـلـــكــنــه أرزاء
لـــــكــــنَّ فـــــيــــه مـــفـــازنـــا ورجــــاءنــــا ... ونــــحـــب فــــيـــه الـــهـــول والــــــلأواء
إنــــــــا ســنــسـلـكـه أبـــــــاةً أقـــســمــوا ... أن يـــرجــعــوا بــالــنــصـر أو شــــهـــداء
والــنـصـر أرجــــى مـــا يــجـيء لــنـا إذا ... نــسـقـيـه مـــنــا فـــــي الــلـقـاء دمــــاء
قــســمـاً سـنـسـقـيه الــدمــاء غــزيــرةً ... والــــفـــاديـــات يـــقـــدنــنــا حُــــمَـــســـاء
* * * ... * * *
إنــــــــــي أقـــــبـــــل راحـــــهــــن تـــزلـــفـــاً ... لــــلــــه أرجــــــــو مـــــــن لــــدنـــه رِضـــــــاء
وعــســاي أدرك بــعــض مــــا أدركــنــه ... فـــــأفــــوز فــــــــوزاً جــــــــاوز الأمــــــــداء
فــــــــي جــــنــــةٍ أظـــلالـــهــا مـــمــتــدة ... ســــعــــداً وجــــــــوداً بـــالـــغــاً وبــــقــــاء
تـفـنى الـدهور ولـيس تـفنى إنـها ... هــــبـــة حــبــاهــا ربـــهـــا مــــــن شــــــاء
ألــقـى الـنـبـيَّ وصـحـبـه فــي ظـلـها ... والآل والــــخــــلــــفــــاء والــــحــــنــــفــــاء
والــــفـــاديـــات الــــنـــائـــلات كـــــرامـــــةً ... طـــــابــــت فـــكـــانـــت نـــعـــمــةً غَــــــــرَّاء
إن يــبــد بــعـض الــنـور مـنـهـا فــجـأةً ... يــخــفـي الــنــجـوم طــوالــعـاً وذُكـــــاء
نــلـن الـخـلـود بــواهـراً وشـفـعن لــي ... فــحــبــانــيَ الـــرحـــمــن مــــنــــه رِعـــــــاء
فــبـهـن نــلــت مــفـازتـي وسـعـادتـي ... شـــــكــــراً لـــــهــــن أيـــــاديــــاً بـــيـــضــاء
طــوقــن جــيــدي بـالـجـمـيل فـلـيـتني ... كــنـت الـــذي أمــضـى الـحـيـاة فـــداء
وجــعـلـتـهـن مـــنـــارة فـــــي نـــاظــري ... أرنـــــــــو إلـــيـــهـــا جـــــهــــرةً وخــــفــــاء
وإذا خــــلـــوت وإن لـــقــيــت أحــبــتــي ... فــيــزيــد إيــمــانــي هــــــدىً ومـــضــاء
* * * ... * * *
ولـــقــد رأيـــــت الـمـفـتـديـن مـحـاسـنـاً ... تـــــربــــو وتـــبـــقـــى ثـــــــــرةً مـــعـــطــاء
لــــكــــن صــــنــــع الـــفـــاديــات رأيــــتــــه ... فــــــاق الــمـحـاسـن نـــصــرة وســـخــاء
إذ بــعـنـه لــلــه وهــــو مــــن اشــتــرى ... لــــــــمـــــــا رآه كــــالــــضـــيـــاء نـــــــقـــــــاء
فــحـبـاه مــــن شـــرف الـقـبـول أجــلَّـه ... ســـعـــداً يـــــروع ورفـــعــةً وحِـــبــاء(3)
أنـــــــا لـــســـت أجـــحـــد غـــيـــره لــكــنــه ... كــــــــــان الأعـــــــــز بـــطـــولـــةً وغَـــــنــــاء
ومـــمـــحــضــاً لـــــلــــه جـــــــــلَّ جـــــلالــــه ... لا كــــبـــر فــــيـــه يـــشــيــن أو خـــيـــلاء
فـــعَـــلا ونــــــال مـــــن الإلـــــه كـــرامــةً ... تــــــــزداد مـــــــا مـــــــرَّ الــــزمـــان عـــــــلاء
مــجــد وطــهــر بــردتــاه فــهــل تـــرى ... إلا الـــــــريــــــادة غـــــــايــــــةً حــــســــنــــاء
تـــزكــو وتـرمـقـهـا الــخـلائـق غــبـطـةً ... مــــحــــمــــودةً أو نــــقــــمــــةً نــــــكــــــراء
والـفوز يستدعي ثناء أولي النهى ... ومــــــن الــلــئــام الــحــقـدَ والــبـغـضـاء
* * * ... * * *
وأنــــا رأيــــت ولــيــس فــــيَّ حــسـادة ... فــــي الــفـاديـات كـتـيـبـةً خــضـراء(4)
والـــقــول فـــعــلاً والــعــهـود رعــايــة ... والـحـسم يـحـرسه الـهـدى قـد جـاءا
الــبــائـعـات الــشــاريــات وعــــــن رضـــــاً ... الـــبـــالـــغـــات الــــنــــجــــم والــــــجـــــوزاء
يــــا لــيــت قــومــي يـعـلـمون مـكـانـةً ... أدركـــــنــــهــــا مــــيـــمـــونـــةً زهــــــــــــراء
طــيّــبـنـهـا فـــغـــدت نـــضـــارة مـــنـــزل ... لــــبـــس الــــجـــلال مــــجـــادةً وبـــهـــاء
الـحـسـن فــيـه يــجـل عــن وصــف لــه ... والــســعــد فـــيــه كـــواكــب تـــتــراءى
وتــســابـق الـنـعـمـاء فــيــه نـفـسـهـا ... والــمــجــد يــســبــق أخـــتـــه الــعــلـيـاء
والــطـيـب مــســك نـفـحـه مـــر الـصـبـا ... إن فــــــــاح يــــمــــلأ ربـــعـــنــا أشــــــــذاء
قــــد راعــنــي فـأتـيـت أطــلـب جـــوده ... ثـــــــــــــــراً فـــــــكـــــــان عـــــــطـــــــاؤه آلاء
فــشــكـرتـه شـــكـــر الــمــقــر بــفـضـلـه ... وحـــبـــوتــه نــــبــــض الــــفــــؤاد ثــــنــــاء
لـــكـــنـــنــي أدركـــــــــــت أن عــــــطـــــاءه ... أنــــقــــى وأبــــقـــى أنـــعــمــاً وجـــــــزاء
شـــتـــان بـــيـــن عــطــائــه لـــمـــا غــــــدا ... فــــــــوق الأنــــــــام غـــمـــامــةً ســــحَّـــاء
وعــطـاء مـثـلـي وهــو ســؤر سـحـابة ... لـــــــم يـــــــرو زرعــــــاً أو يـــبـــلَّ ظِـــمـــاء
تــتـفـاوت الأفــضـال فـــي إحـسـانـها ... ويـــظــل مــــن جــــادوا بــهــا فــضــلاء
عـفـوا فـعـاشوا لـسـت تـبـصر بـينهم ... حـــســـداً يــشــيــن وبــغــضــةً وعـــــداء
الـصـدق طـهرهم فـكانوا كـالضحى ... فــــــــي رأده والإخــــــــوة الــسُّــمَــحــاء
وتـــفــاوت الــفـضـلاء حــكـمـة خــالــق ... لــــم تــجـعـل الأرضــــى لــديــه ســـواء
لــكــنـهـم بـــاقـــون فــــــي ســلــطـانـه ... ورِعــــــائــــــه الأخــــــيـــــار والـــصُّـــلـــحــاء
* * * ... * * *
صـــنـــع أعـــزتـــه الــبــسـالـة والــتــقـى ... فـــــغــــدا لـــــهــــن الـــجـــنـــة الـــغـــنـــاء
أكــبــرتــهـن لِـــمـــا صــنــعــن وحــيــنـمـا ... عـــــــايــــــنــــــتــــــه ألــــــفــــــيــــــتــــــه لألاء
فــحـبـوتـه قـــبــل الــقـريـض مــودتــي ... وجــــــرى الـــســـرور بــمـقـلـتـيَّ بـــكــاء
وإذا الــسـرور طــغـى فــجـاز حــدوده ... فـــانــظــره دمــــعـــاً وارتــقــبــه غِـــنـــاء
لـــكـــنـــه فـــــــــي حـــالــتــيــه بـــســـمــة ... لــبــسـت مــــن الــحـلـل الــحـسـان رداء
والــنــفـس بـــيــن هـنـائـهـا وبــلائـهـا ... كـــالـــريــح تــــأتــــي شــــــــدةً ورخــــــــاء
ولــربــمــا الأفــــــراح صــــــارت حـــســـرةً ... ولــــربـــمـــا صـــــــــار الـــبـــكـــاء هـــــنــــاء
* * * ... * * *
شـعري أجـدْ فـي الـفاديات قـصيدةً ... تُــــهـــدى لــــهـــن يــتــيــمـةً عــصــمــاء
واجـــعـــل مــرامـيـهـا وفـــــاءً خــالــصـاً ... ومـــــدادهـــــا الأطـــــيـــــاب والـــحِـــنَّـــاء
لــتــكــون بـــيــن الأوفـــيــاء مـــرادهــم ... وتـــكـــون أكــــــرم مــــــا نــــــود وفــــــاء
والـشـعـر يـعـظم إن تـرفَّـع عــن جــداً ... وأراد مــــحــــض الــــحـــق لا الإطـــــــراء
وعــســى قـصـيـدتيَ الــتـي حـبـرتـها ... فــــي الــفـاديـات سـتـبـهـر الــشـعـراء
فــتـكـون أنــفــس مــــا نــظـمـت ودرةً ... فــــاقـــت ضـــرائــرهــا ســـنـــاً وســـنـــاء
واحــمـل لــهـن هــديـةً مـــن مـقـلتي ... ومــــــــن الــــفــــؤاد مـــحـــبــةً ودعــــــــاء
وقـــــلادةً مـــــن صـــنــع أمـــــة أحـــمــدٍ ... مــــــــن أكـــرمـــيــن أراجــــــــلاً ونــــســــاء
إياء الشمس: أشعتها وحسنها.ضراء: شدة.حباء: عطاء وإكرام.بالغة القوة.


