اتصل بنا
 

العنف الأسري

كاتبة أردنية

نيسان ـ نشر في 2016-01-10 الساعة 13:24

نيسان ـ

العنف الأسري والذي يعّرف بمسميات أخرى مثل الاساءة الأسرية أو الاساءة الزوجية يشمل العنف الجسدي: الضرب، الصفع، الركل، الركل بالأشياء ...الخ أو الاعتداء الجنسي ويشمل الاغتصاب وهو ممارسة الجنس دون رغبة الشريك - الشريكة داخل مؤسسة الزواج.

قد يختلف تعريف العنف الأسري من بلد لآخر و ضمن منظومة عقائدية و ثقافية وأخرى. فالمجتمعات التي حققت ثورات مجتمعية لصالح حرية أعلى للفرد وتعريفات أعمق وأدق لمعنى الكرامة وتقدير الذات: بلا شك لها معايير مختلفة حول الاساءة الأسرية.

ففي هذه المجتمعات يشمل مفهوم العنف الأسري تعريفات مثل الاعتداء العاطفي أي محاولة السيطرة على الآخر، اجبار الاخر بالاقتناع بقناعات معينة قصرا أو عبر التهديد، و يشمل الاعتداء العاطفي التخويف، المطاردة، اعطاء الآخر صورة سلبية عن ذاته، التقليل من آرائه والاستهزاء بها، منع الآخر من الحصول على موارد يحتاجها مثل المال، أو اخفاء معلومات مهمة عنه لأهداف سلبية مثل السيطرة على قراره أو تضليله، أو ممارسة العنف المبطن مثل الاهمال وعدم مشاركة الآخر.

يتفق الكثير من علماء النفس الاجتماعي على ان الهدف من العنف هو اكتساب السيطرة على الضحية، هنا يشعر المعتدي بنشوة التحكم بالاخر و بأن ذاته تتمدد و تصبح أقوى عبر التحكم بالآخرين، اذلالهم وحرمانهم أو لومهم وعزلهم .

هناك الكثير من المسببات للعنف الأسري من بينه أنه يصبح سلوك مكتسب من المحيط، اذ يتعلم الفرد هذه الطريقة من خلال الأسرة التي نشأ بها، كما أن ثقافة المجتمع السائدة قد تدعم بشكل مباشر او غير مباشر درجة من درجات العنف و تعتبره مقبول أو حتى محبب، كما تؤثر الاضطرابات السلوكية و الشخصية في تشكيل هكذا سلوك عنيف .

في الوقت الذي يفترض من مؤسسة العائلة أن تعزز مفهوم الأمان وأن تعزز قيمة المشاركة و تبادل الخبرات والحوار لتساهم في نشأة أفراد بكامل الأهلية النفسية والعاطفية للمشاركة ايجابا في الحياة، اذا غابت هذه المعاني وتغلبت عليها لغة التهديد الازدراء التخويف، الإهمال واذا أُستبدل الحوار بلغة الضرب والسخرية يخسر المجتمع الكثير من طاقاته وإمكاناته.

فبينما تختلف ردود فعل وتجارب الأشخاص الذين تعرضوا للعنف الأسري من شخص لآخر، تثبت الدراسات أن الكثير من الذين يتعرضون لهكذا عنف يعانون من مشاكل تنطوى تحت ما يعرف بالاكتئاب الواضح أو المبطّن، ويشمل الشعور بتدني الإعتزاز بالنفس وتقدير الذات، القلق، عدم ايمان الشخص بقدراته وإمكاناته، وهدره لطاقاته، هذا عدا عن أن الكثير من ضحايا العنف الأسري قد يصبحون عنيفين بدورهم أو يقبلون الاساءة من آخرين لاحقا ويعيدون اختيار علاقات يصبحون ضحايا فيها.

وفي معرض الحديث عن العنف الأسري والاساءات التي يتسبب بها الأزواج لبعضهم البعض في هذا السياق، أو يتسبب بها الأهل للأبناء، أختم بكلمات جبران التي عبرت عن عمق معنى العلاقات الانسانية، بحيث أنه في رحلة الحياة بإمكاننا ان نستمتع بالعلاقات التي نؤسس لها من دون رغبة في التملك أو السيطرة المرضية، بامكاننا ان نشارك الاخرين في فرح الحياة و متاعبها من دون الرغبة في الاستحاواذ، أن نستمع الى الاخر نرشده نساعده اذا كنا في موقع الارشاد او المساعدة و الأهم هو ان نتشارك بفرحة الوجود و ألقه و نجد حلول معا لمشكلات الحياة عوضا عن التأسيس لعلاقات مرضية نهدر فيها انسانيتنا وانسانية الآخر .

يقول جبران:

" أولادكم ليسوا لكم

أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم, ولكن ليس منكم.

ومع أنهم يعيشون معكم, فهم ليسوا ملكاً لكم.

أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكارأً خاصةً بهم".

نيسان ـ نشر في 2016-01-10 الساعة 13:24

الكلمات الأكثر بحثاً