اتصل بنا
 

2016... ضربة بداية

كاتب اردني مغترب

نيسان ـ نشر في 2016-01-12 الساعة 10:28

نيسان ـ

تتيح الأيام العشرة الأولى التي انقضت من العام الجديد القول إن علينا التواضع بشأن آمالٍ ذهبنا فيها إلى أن حزمة انفراجاتٍ ستشهدها الأزمات العويصة في غير بلدٍ عربي في 2016، وإن الأنفع لمداركنا أن نخفّض سقف توقعاتنا في هذا الاتجاه، وإنْ من المسوَّغ أن نُبقي على نزرٍ من التفاؤل، أقله من باب "اشتدّي أزمة انفرجي". وهذه جولة تفاوضٍ أولى مرتقبة، في نهايات يناير/كانون الثاني الجاري، بين وفديْن سوريين، من المعارضة والسلطة، من المفترض أن تفضي إلى بناء هيئة حكم انتقالية، في الطريق إلى حلٍّ ينهي الحال السوري الدامي، يسبق المفاوضات المرتقبة، في افتتاح العام الجديد، نشاط عسكري حكومي وروسي، أمضى عدوانيةً وأعنفَ استخفافاً بالذي اشتمل عليه قرار مجلس الأمن 2254 عن وقفٍ لإطلاق النار وفك الحصار عن مدنٍ وبلداتٍ سورية، بل اقتُرفت، في أثنائه، مجازر مروّعة، قضى فيها مئات المدنيين. ويؤشر هذا التلازم بين استخدام القوة العمياء، العارية من أي أخلاق، ومسار التفاوض السياسي، معطوفاً على المكابرة التي يتعاطى بها نظام الأسد مع قصة التفاوض هذه، يؤشر إلى أنه مجرد تنويع مستجد فقط، ستشهده الأزمة السورية في العام الذي عبرنا إليه، من دون أن يأخذها إلى الحلّ المشتهى، أو المتمنّى، ولا سيما وأن الموقف الأميركي، في الأثناء، مُرضٍ، إلى حد بعيد، للأسد وأنصاره، بل ولداعميه في موسكو وطهران أيضاً.

ويجوز حسبان قطع السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وهو ما ساندته دول عربية أخرى باتخاذ الخطوة نفسها، ضربة البداية الأوضح في المشهد العربي العام، ما يُنذر، ابتداءً، بأن الصراع المعلن بين الرياض وطهران سيكون أشدّ وضوحاً، وستعرف ساحاتُه، المعلومة والمُشهرة، مغالبةً ومكاسرةً قاسيتيْن على الأغلب. ويمكن الاجتهاد بالقول إن المملكة العربية السعودية دشّنت شوطاً أكثر تظهيراً لإرادة صارت لديها بأن زمن الاتكاء على إسناد أميركي في التنازع، المعروف التفاصيل، بينها وبين طهران ولّى، وأن ظهيرها في اليمن وسورية، وفي البحرين أيضاً، هو قدراتها الخاصة، وخياراتها السياسية والعسكرية الذاتية، فأنْ يُهاتِف الوزير جون كيري، نظيريْه الإيراني جواد ظريف والسعودي عادل الجبير، لتهدئة الخواطر، فذلك يعني أن 2016 سيكون عام اندفاعةٍ متقدمةٍ في العلاقات الأميركية الإيرانية، نحو تحسّنٍ يتجاوز الألفة الظاهرة بين كيري وظريف في لقاءاتهما (أو مباحثاتهما؟) إلى غير صعيد، مالي وسياسي ودبلوماسي. وعليه، يجوز الاجتهاد بالقول إن حسماً سعودياً خليجياً للوضع في اليمن، ينهي الشذوذ الحادث في التحالف العسكري، بين مليشيا الحوثي وقوات علي عبدالله صالح، صار شديد الوجوب، وفي وقت مبكّر من العام، لما سيبعثه هذا الحسم من رسائل كثيرة الدلالات، إلى طهران، وإلى واشنطن أيضاً.

لم يبدأ العام الفلسطيني الجديد بما يُيسر حديثاً عن انعطافةٍ ما إلى غير التقليدي المعهود، وموجزه مزيد من انكشاف السلطة الوطنية الفلسطينية، أمام خيار العدوان الذي تنهجه إسرائيل، واستهانتها بأي حقوقٍ فلسطينية، وأيضاً أمام الروح الوثّابة التي تتبدّى لدى شبان مقاومين، يبدعون مواجهة مبتكرة ضد المحتل. وفي الوسع أن يُقال إن مستجدّاً بشأن حال السلطة وهيكليتها ومستقبلها قد يطرأ، إذا ما ارعوت الرؤوس الحامية، في حركتي فتح وحماس، وأيقنت أن "خرّافية" المصالحة المضجرة آن لها أن تنتهي، إنْ بانتخاباتٍ أو بغيرها، أقله من أجل إنهاء المأساة الحادثة في معبر رفح. كما أن مستجداً في حال السلطة المذكورة يُحتمل حدوثه، في مسألة خلافة الرئيس محمود عباس، والتي لم يعد طرحها محرّماً، بل مشروعاً وضرورياً.

هناك، في ليبيا، ثمّة ما ينذر بما هو غير مطمئن، وإذ اكتمل العام الذي انقضى باتفاقياتٍ وتفاهماتٍ تم توقيعها والتوصل إليها، من أجل إنهاء التنازع الشديد التأزم والتعقيد هناك، فإنّ مستجدّات مريبة، استهلت بها أطراف إقليمية وعربية ودولية العام الجديد، لا توحي بما يُطمئن. فرّج الله عن ليبيا.. وعن مصر والجزائر، وكل بلدان العرب.

نيسان ـ نشر في 2016-01-12 الساعة 10:28

الكلمات الأكثر بحثاً