(كرك الشومات) .. تتمسك بثوابتها في مواجهة العنف المجتمعي
نيسان ـ نشر في 2016-01-13 الساعة 12:20
ابراهيم قبيلات.. الكرك منذ سنوات وهي على صفيح ساخن، ما أن تخرج عائلاتها من جلوة حتى تدخل في تبعات جلوة أخرى، وكأن قدر المدينة الطيبة أن تبقى أسيرة لرصاصات لا ترحم.
دائما تقدم الكرك أكثر من المتوقع، ودائما تأسرك في التفكير بمآلاتها. هل تذكرون كيف أصرت الكرك على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية قبل نحو العام، وهل تذكرون أيضاً كيف ألزم معلموها الحكومة على شطب كلمة (إسرائيل) من بيانات الاحصاءات العامة؟.
هي كرك الهية، لكن عليك أن تتهيأ لكل ما هو خارج السياق.
الكرك في ذاكرة الأردنيين محطة قومية تنويرية تأبى النزول من برجها وأسوار قلعتها لتقارع هويات فرعية إشكالية في أسفل الوادي. لكنها اليوم تتجه إلى الفوضى.
من جديد تستعد العوائل لأطفاء مصابيح المحبة وتوضيب شنط الرحيل، فقد ارتفعت ألسنة النار وأزيز الرصاص في شوارعها وحارتها، على خلفية مقتل شاب من بلدة مؤتة، في استمرار لكلف مآسي الجلوة العشائرية التي تطال أبناء عشيرة المتهم.
اليوم، تنشغل النسوة بترتيب تفاصيل الرحيل على وقع صراخ الأطفال؛ لاستكمال فصول "تغريبة" المدينة عن واقعها، بعد أن استسلمت لسطوة الفقر وأصفاد البطالة منذ عقود، وهي بذلك تكون نواة لمدينة تخلع ثوبها القومي وترتدي خوذتها؛ لتسير إلى مستقبلها الغامض، فيما تظهر في خلفية المشهد مدن وقرى سينتهجن الوجع ذاته، سيما وأن كامل أسباب الفقر والبطالة متوفرة؛ ما يعني حتمية التفات الرسمي الأردني لخطورة ما يحدث في الكرك، واستبدال عوامل الهدم الأسري بعوامل البناء والاستثمار والتنمية لتعزيز الامن المجتمعي في المدينة.
مؤخراً، اقترن اسم الكرك بجرائم القتل والعنف المجتمعي من دون أن يدرك أبناؤها أنهم يستجيبون طواعية لارتدادات الأزمة الاقتصادية فاستبدلوا هوية مدينتهم القومية بأخرى لا تنسجم وروح المكان.
لن نتحدث عن آثار الجلوة على كامل فئات المجتمع، لكن سنعترف أن ترحيل الأسر من مكان إلى آخر بهدف انتزاع أسباب الانتقام من أهل المتهم سيخلق عبئا ثقيل الظل على مستقبليهم، الذين لا حول لهم ولا قوة في مقارعة عادات وتقاليد اجتماعية، تحاسب أقارب المتهم من الدرجة الخامسة، "الجد الخامس".
ما الحل لمواجهة بذور التعصب والتشدد القبلي من مجتمعاتنا بشكل عام؟
يبدأ الحل باعترافنا أولاً، بأن تشريعات وعادات ما قبل الدولة المدنية لا تنسجم مع دولة القانون والمؤسسات، لتبدأ مرحلة تسييد القانون إلى جانب مراكمة أسباب الانسجام المجتمعي بتوسيع محطات ومشاريع اسثمارية وتنموية تتكفل بإعادة الكرك إلى عرينها.
بقي أن نقول أن (كرك الشومات).. تتمسك بثوابتها في مواجهة العنف المجتمعي.