اتصل بنا
 

من الشقاوة للزنزانة..

نيسان ـ نشر في 2016-01-14 الساعة 19:16

x
نيسان ـ

الدكتورة إلهام العلان..
غالباً ما تشتكي الأمهات من الطفل الشقي، كائن صغير يقلب المنزل ويُشغِل الجميع، كثير الحركة، عصبي، متمرد، نحيف، شاحب الوجه، متجهم، طيب القلب وحنون، لا يفرق بين العشر قروش والدينار فالمال ليس من أولوياته، لا يفلت أحد من لسانه، فوضوي، المدرسة جحيم حياته ومع ذلك، تراه رجل بهيئة طفل ومن هنا تبدأ الحكاية..
هذا الصغير لم يخلق نفسيته ويرتبها حسب أهواء من حوله، لم يتدخل في تكوين دماغه وأعصابه الملتفة هنا وهناك وتخنقه كلما ضايقه أحد، لا يمتلك القرار في أن يذهب للمدرسة أو يبقى في المنزل إتقاءاً لمشاكله مع زملائه.. هو من لا يمتلك مفاتيح الحلول لقضاياه الشائكة بين الأخ والأخت والصاحب والجار والأبوين، هو الضحية المستقبلية ما لم يكن هناك من يتفهم شخصيته ونفسيته ويتقبلها كما هي مع السعي دوماً للوصول لسلوكيات توجهه بأسلوب تربوي علمي خاص..
أقول هذا، من منطلق حكاية يومية لطفل قمة في الذكاء وباقي الأوصاف الرائعة لطفل كان من الممكن أن يكون قائداً، مسؤولاً، شيخ عشيرة، تاجر ناجح، وأقلُها أكمل تعليمه وحصل على وظيفة محترمة في مكانٍ يليق به وبعائلته..
نداء للأمهات، إذا لم تكوني على أهبة الإستعداد لإستقبال وتحمل تبعات إنجاب طفل فَلِمَ أقترفتي هذه الجريمة! وإذا كنتِ بنت مدللة عند أهلك وعصبية ولا تحتملي شغل البيت وصراخ طفل وشقاوته، أما كان من الأفضل لكِ أن تبقي مدللة وتمارسي عبثك بعيداً، العنوسة أفضل لأمثالك صدقيني..
حين يُقمع الطفل لشقاوته، وتُلقى عليه شتى أنواع العقوبات، ويُحرم الحب والحنان والرعاية التي هي من أبسط حقوقه، ولعلاماته المتدنية يُمنع من الذهاب للمدرسة والكاراجات تبني مستقبله، حينها فقط يسقط المجتمع..
ونداء للشباب، لا يغرك معسولة الكلام تحفظ مجلدات وتناقش مثل الوزيرات، لا يبهرك المال والجمال، إبحث أو دع أمك ولا خالتك وعمتك تبحث فهن الأدرى بخبايا البنات وقصصهن في دهاليز وحكايا لا أنزل الله بها من سلطان، تربية الأطفال مسؤوليتك بالدرجة الأولى لأنك من اخترت المُربي، ومسؤولية المجتمع بحمايته من تبعات التربية السيئة، والضحية أنتَ وأنتِ والمجتمع ككل، معظم القضايا التي أودت بالأحداث للسجن التفكك الأسري، وهذا التفكك ناتج عن سوء الإختيار وعبثيته، والضحية في النهاية طفل كسر الكأس والصحن، وضرب أخوه وشتم صاحبه، وألقى بالأوراق على الأرض ولم ينظف غرفته وعقابه أشد من مجرم..
رفقاً بأطفالكن وليعبثوا كيفما يشاؤون، إقرأي وطالعي وتعلمي كيفية التعامل وسلوكيات كل مرحلة في حياتهم، الوقت المحدد للجارات ومواقل التواصل الإجتماعي أقسميه وبينكِ وبينهم، إرحمي السجون والشارع من التربية الفاشلة، أحبيهم حتى يحبوكِ، وفي لحظة الوداع: "الله يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جنانه".. وغير هيك الله يرضى عليكي: "خليكي في دار أبوكي وأرحمينا من ضحايا جداد"..

نيسان ـ نشر في 2016-01-14 الساعة 19:16

الكلمات الأكثر بحثاً