كساد عالمي منتظر .. المشكلة أخلاقية وليس اقتصادية
فتح سعادة
كاتب أردني وخبير مياه
نيسان ـ نشر في 2016-01-16 الساعة 15:19
.
هوت الأسهم والأسواق العالمية مؤخرا واعتلى الاقتصاديون المنابر ليحذروا من كساد عالمي جديد والسبب هذه المرة الخوف من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
سوف يأتوننا بكل سبب لكل مصيبة عدا سببها الحقيقي. اللائمة الآن على الاقتصاد الصيني. يريدون أن يستمر التدمير والتجويع في سوريا والنهب في العراق وتكديس المليارات في بنوك سويسرا وتسويق السلاح بمئات المليارات حول العالم وطرح نسب هائلة من إنتاج العالم من الطعام في المحيطاتللمحافظة على الأسعار ودليل صحة الاقتصاد عندهم ارتفاع أسعار الفائدة ليزداد الفقراء فقرا والأغنياء غنى, يريدون أن يحدث كل هذا ثم يستمر الاقتصاد العالمي في النمو.
ليس هذا فقط فأنا أكاد أجزم أن اللاعبين الذين أشعلوا أسعار النفط قبل حوالي عشر سنوات وأوصلوه الى مائة وخمسين دولارا للبرميل وبشروا بوصوله الى مائتي دولار هم من أوصلوا أسعاره الآن الى ثلاثين دولارا ويبشرون بانخفاضه الى عشر دولارات.
لمصلحة من يحصل كل ذلك...
لم يبق لنا إلا الضرب بالمندل بحثا عن المتسبب.. حتى في الحربين العالميتين الأولى والثانية لم يستمر القتل المجنون طيلة سنين كما شهدنا ونشهد منذ حرب الخليج الأولى ولغاية الآن.
الإشباع الذي حصل في الغرب ومنذ الثمانينات وخلود الغربيين الى الرفاهية أدى بالثروات والاستثمارات الى الهروب شرقا وخصوصا الى الصين وذلك لسبب بسيط, القوى العاملة موجودة شرقا والأسواق موجودة شرقا والحاجة للتنمية موجودة شرقا, الصين الآنتكاد تصل الى ما وصل إليه الغرب في الثمانينات .. أدركت أنها لا بد أن تأخذ نفسا وتتجه لعالمها الداخلي فتزيد الإنفاق داخليا وتنمي الطبقة المتوسطة مع استعداد هائل لضخ الاستثمارات في دول المشرق أو في أفريقيا إذن هي دورة حياة ومال طبيعية جدا.
غير الطبيعي الآن والذي لا يريد العالم أن يعترف به أن الدول المؤهلة لاستقطاب استثمارات قادرة على تشغيل العالم لعقود قادمة هي دول فاشلة بفعل شياطين العالم في القتل والتدمير ومص دماء البشر وإشعال الفتن الداخلية ولا يقل ما يحدث في أفريقيا أهمية عما يحدث في الشرق الأوسط.
إذن مشكلة العالم الاقتصادية هي مشكلة أخلاقية بامتياز وهي مشكلة احتكار ورغبة مجنونة في السيطرة تتلبس لباس صراع الحضارات والطوائف والديانات وهي مشكلة إنكار الواقع والاستكبار عن الحقيقة.
الأنكى من ذلك حرب النفط فحين صعد النفط الى حدود مائة وخمسين دولارا للبرميل قلنا بأن هناك رغبة في إيقاف الصين عن نمو مضطرد أصبح يهدد الدول العظمى فما مغزى هذه الحرب الآن.
إن كان المقصود إيقاف إيران وروسيا فهذا جنون لأن ما يجري سيدمر اقتصاد العالم في ظل رأسمالية لا تعرف رحمة.
سعر ثلاثين دولارا للبرميل مع ميل للهبوط الى عشرين أو عشرة دولارات سيوقف التنمية في دول الخليج وسيوقف الصين وسيوقف اقتصاد أمريكا وسيدمر أسواق الطاقة البديلة في أوروبا وسيوقف استثمارات النفط وسيحطم المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للفقيرة.
الحل هو في قبول الواقع وفي السماح لدورة التاريخ أن تستمر فكما سمح للاستثمارات أن تهرب الى الصين وأن يصبح الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم فالحل الآن في الشرق الأوسط وفي أفريقيا
الحل لا يزال شرقيا بامتياز وهذا ما لا يريد العالم الاعتراف به سواء من جهة توفر فرص الاستثمار الحقيقي في مناطق جائعة للتنمية مع امتلاكها ثروات هائلة سواء في دول الخليج ومن ضمنها اليمن البلد الذي يجب أن يبنى من الصفر تقريبا وفي كل شيء والعراق بعد حروب مستمرة منذ أكثر من ثلاثين عاما وفي سوريا البلد الذي تم تدميره بحرب مجنونة.
إذن الحل في إيقاف القتل والسماح لدورة الحياة أن تستمر حتى لو هربت الاستثمارات الى حيث لا تشتهي مافيات العالم.
والحل في سعر نفط عادل يتيح للجميع الاستمرار أما كيفية إيقاف إيران وروسيا فهذه حرب عقول وليس حرب نفط مجنونة ستدمر الجميع.