اتصل بنا
 

هل يسبق الأردن العرب الى الصين؟

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2016-01-22

نيسان ـ

.

كما توقعنا في المقال السابق حرفيا والذي كان عنوانه كساد عالمي منتظر المشكلة أخلاقية وليس اقتصادية فقد اقتنصت الصين اللحظة وتوجهت الى العرب مقتنصة أكبر فرصة اقتصادية في الوقت الراهن.

نلخص المشهد الاقتصادي العالمي في اللحظة الراهنة بما أسهبنا به في المقال المشار إليه أعلاه: في الثمانينات اتجهت الأموال من الغرب الى الشرق بعد أن وصل الغرب الى زمان إشباع ورفاهية وتحديدا الى الصين حيث حوائج التنمية والأيدي العاملة الرخيصة ثم انهمك الصينيون أربعة عقود من الزمان في بناء امبراطورية اقتصادية رهيبة حتى وصلوا الى ثاني أكبر اقتصاد عالمي ... الآن وصل الصينيون الى ما وصل إليه الغرب قبل أربعة عقود... زمن إشباع ورفاهية ويريدون مكانا يضعون فيه خبراتهم وأموالهم فجاء الرئيس الصيني الى السعودية والى الجامعة العربية ووضع على الطاولة خمسة وأربعين مليار دولار عربون صداقة.

نزيد على ما قلنا وتوقعنا بأمرين أما الأولفهل تتخيلون حجم الوفر الصيني من تدني أسعار النفط الى أقل من الثلث خلال عام واحد. الصين تستهلك يوميا عشرة ملايين برميل نفط فاذا كانت الصين تشتري هذه الكمية قبل عام بمليار دولار فهي تشتريها الآن وبمتوسط السعر الحالي في كانون الثاني 2016 بثلاثمائة مليون دولار أي باختصار حجم الوفر الصيني اليومي سبعمائة مليون دولار فإذا ضربنا هذا الرقم بمجموع أيام السنة فنقول أنه لو استمر الحال على ما هو عليه في أسعار النفط فستوفر الصين سنويا أكثر من مائتين وخمسين مليار دولار وهو ما يوازي ميزانية دولة مثل الأردن لمدة عشرين عاما.

أما الأمر الثاني والحاسم والذي تستشرفه الصين فهو الحاجة الى إعادة الإعمار والبنية التحتية في البلدان العربية ولا سيما في سوريا والعراق واليمن.

الآن ما دور الأردن إن كنا حقا نبحث عن فرصة ومخرج من المأزق الاقتصادي الذي نعيشه والذي له أسباب موضوعية حقيقية غير تلك المتعلقة بالفساد والبيروقراطية فنحن في ظل انخفاض أسعار النفط أما كابوسين حقيقيين حيث يتعلق الأول بالعمالة الأردنية في دول الخليج العربية حيث أصبحت هذه العمالة مهددة بفقدان وظائفها ولا سيما في قطاع الإنشاءات وهو القطاع الأكبر في تشغيل العمالة الأردنية في الخليج العربي أما الكابوس الثاني فهو حجم المساعدات الاقتصادية المنتظرة من دول الخليج الى الأردن في ظل عجز ميزانيات هذه الدول بسبب النزول الحاد لأسعار النفط.

إذن الأردن الرسمي أمام فرصة تاريخية في إزالة الكوابيس والخروج من المأزق الاقتصادي ولا مجال للتردد والانتظار في إنشاء شراكة اقتصادية أردنية صينية تفتح للصينيين أبواب المنطقة استثماريا وتنمويا ولا سيما الى العراق وسوريا واليمن وحتى الى دول الخليج العربي.

لدى الصين فوائض الأموال ولدى الأردن فوائض المعرفة بالمنطقة ومفاتيحها وأسرارها وفوائض الخبرة الفنية القادرة على نقل التكنولوجيا الصينية الى المنطقة.

باختصار شديد الأردن وبسبب ما تمر به معظم الدول العربية من اضطرابات سياسية وأمنية وعسكرية سيكون وجهة الصين المفضلة ونقطة انطلاق رائعة الى كل بلدان الإقليم فهل نقتنص الفرصة هذه المرة ولا نعض أصابع الندم.

نيسان ـ نشر في 2016-01-22

الكلمات الأكثر بحثاً