اتصل بنا
 

ماتَ الكبار

نيسان ـ للشاعر مصطفى عكرمة mustafa.ekrema@gmail.com ـ نشر في 2016-01-25 الساعة 11:54

x
نيسان ـ

كانَ استيقاظاً مفاجِئاً على حلمٍ جميل، وعندما عدتُ إلى النومِ نامت تحت رأسي هذه القصيدة وجاء بعدها مؤتمر "القمّة" في بيروت ليجيء مقطعها قبل الأخير، (وإن من الأحلام ما يتوقَّعُ).

وقد نُشرتْ في جريدة الوحدوي الدمشقيّة العدد (31).

كـــبّــرِ الله مـــــات فــيــنـا الــكــبـارُ ... فـاشـرأبـت تـحـمـي حـمـانا الـصـغارُ

لــــم يَــعُــدْ لـلـكـبـار يُـنـظـم شــعـرٌ ... لا ولا يُـــرهــبُ الــصِّــغـارَ احــتــقـارُ

واسـتـراحت مـن الـنفاق الـقوافي ... واطـمـأنـت مـــن خـوفـهـا الأعــذارُ

لـــم تــعـد تُـقـنع الـشـعوبَ وعــودٌ ... لا ولا يَـــخــدع الــشــعـوبَ شـــعــارُ

أوَمــــــا أصـــبـــح الــصــغــارُ كـــبــاراً ... حــيـنـمـا أرهـــــب الــكــبـارَ نِـــفــارُ؟

مــــا افـتـقـدنـا غــيـرَ الـمـذلَّـة لــمّـا ... راح عــنــا إلــــى الـجـحـيـم الــكـبـارُ

ذاب ثـلجٌ غـطى عـليهم، فها همْ ... نَـــتَـــنٌ كــــــلُّ كِــبْــرهِـمْ، وصَـــغــارُ

كـبرُهمْ لـم يـكن سـوى كـوْمِ تـبنٍ ... فـــي فـــلاةٍ، وأشـعِـلـت فـيـه نــارُ

من بصاق الأحلاف يهمي عليهم ... قَـــرَفـــاً.. أنــتــنــوا ومــــــلّ الـــعــارُ

هــم عـلـى الأهــل بـأسُـهمْ جـبّـارُ ... ولـــــدى الـــبــأس كــلُّــهـم خــــوّارُ

قد أراحوا الأعداء من قتل قومي ... فــعــلـى قــومـنـا الــحــروب تُــــدارُ

مات فينا احترامهم فهم الموتى وإن لم يوارِهم قَبَّارُ

واضِعوهم على الكراسيِّ أبقوْهم عليها لأنهم أصفارُ

جُـسِّـدتْ فـيهم الـمذلّةُ حـتى ... نـتـشـفّـى.. وطــالــت الأعــمـارُ

انظروهم خلف المعاقل تأبى ... أن تـرى شـؤمَ وجـههم أنظارُ

أنتنوا.. ضجّت الكراسيُّ منهم ... وانـتـقـاماً مـنـهم فــلا تـنـهارُ

حكمة الله أن نراهم - كما نهوى - أذلاّء مالهم أنصارُ

مــلــؤوا الأرض بـالـسـلاح وذلّـــوا ... بـــســـلاح عــــــلا عــلــيـه الــغــبـارُ

مــن دمـانـا أتــى الـسـلاحُ وفـيـه ... حــاربـونـا كــــي يـسـتـريـح الـتـتـارُ

لــــو شــــرْوه بـمـالـهـم لـصَـمـتـنا ... وصــمـتـنـا لــــولا عـلـيـنـا أغــــاروا

عُـشْـرُ مـعـشار مـا شَّـرْوهُ سـلاحاً ... كـــان يـكـفـي لـيـنـتهي الإفـقـارُ

عــشـرُ مـعـشار مــا أراقــوا دمــاءً ... كـــان يـكـفـي لــكـي تــعـزَّ الــدارُ

لم يُرق من دماء قومي الأعادي ... بـعـضَ مـا قـد أراق مـنها الـكبارُ

أيـهـا الـحـاكمون يـا مـن ظـلمتم ... لـــيــس بــالـظـلـم تَــخـلُـدُ الآثــــارُ

أيــهـا الـحـاكـمون يـشـهـد ربـــي ... مــالـكـم غــيــرُ شـعـبـكم أســـوارُ

كـلُّ حـصنٍ سـوى الـشعوبِ خِداعٌ ... وســــوى الـشـعـب كـــاذبٌ غـــدَّارُ

خـدعـتـكم عـــن الـشـعوب وعــودٌ ... وســـبـــاكــم بــريــقُــهـا الــــغـــرّارُ

وحــدَه الـشـعب بـعـد ربّـي نـصيرٌ ... لــيــس إلا لــكــم بــــه اســتـمـرارُ

فـاتـقوا غـضـبةَ الـشعوب عـليكم ... فــهـي ســيـفٌ أنّــى رمــى بـتّـارُ

وبـكمْ أوْ بـغيركمْ سـوف يمضي ... وعـلـيـكم فـيـمـا سـيـأتي الـخـيارُ

آن أنْ تدركوا إذا شئتمُ العزّ - بغير الشعوبِ - لا لن تُجاروا

ما أخذتمُ، وما وُعِدْتُمْ به - إلا من الشعبِ - كُلُه مستعارُ

والـلـبـاسُ الـمـعـارُ لــيـس بــبـاقٍ ... بــعــده الــبـردُ والأذى والـسُّـعـارُ

فـالبسوا حـبَّ شـعبكم تـطمئنوا ... فــلــكـم فـــيــه عـــــزّةٌ، وفـــخــارُ

واعـدلوا تـسلموا، وتـبقوْا طويلاً ... عــمــركــم إن عــدلـتـمـو أدهـــــارُ

سوف يمضي الزمان فينا سريعاً ... وسـيـبـقى مـــن بـعـدنـا الـتـذكارُ

والـجـهاد الـجـهاد لـيـس ســواه ... مــــا بــــه شــــاء نـصـرَنـا الـقـهّـارُ

أيــهـا الـحـاكـمون هـــلاّ عـلـمـتم ... أن أعــــمـــارَ ظــالـمـيـنـا قـــصـــارُ!

أيــهـا الـحـاكـمون هـــلاّ عـلـمـتم ... لـيـس مــن فـجـأة الـمماتِ فـرارُ!

أيـــن مـــن ودّع الـحـياة شـهـيداً ... مــــن ذلــيـلٍ لــذكـره اسـتـهـتارُ!

صدئت في العراء أسلحةٌ فيها ذللنا.. وعاث فيها الفارُ

حـيـنما يـصـدأ الـسلاحُ الـمغطّى ... بــــدم الأهـــل تُـحـجـبُ الأمــطـارُ

حـيـنـما يـصـدأ الـسـلاح الـمـنحّى ... عــن لـقاء الأعـداء تـسبى الـديارُ

حــيـنـمـا يــصــبـح الـــعــدوُّ ولــيّــاً ... ســـوف يـمـحـو حـقـوقَنا الإنـكـارُ

حـيـنما يـنـهكُ الـطـبيبَ احـتـضارٌ ... ســـوف يـنـسـابُ جـرحُـنـا الـنـغّـارُ

حـيـنـمـا تُــنـبِـتُ الـحـقـولُ جـــراداً ... لـيـس يـرجـى مـن الـحقول ثـمارُ

حـيـنـما تـصـبـح الـشـعـوبُ رمــاداً ... مــــــا عــلــيـه إن ذرّه الإعـــصــارُ!

حـيـنما يـبـطش الـطـغاةُ بـشعبٍ ... قـــيّــدوه.. ســتـعـمـل الأظــفــارُ

حين تُلغي الجهادَ فتوى شيوخٍ ... ســـوف يُـفـتـي لأمــتـي الـكـفّارُ

أيـها الـناعمون والقدس تُسبى ... وعــلـى الـشـعب جـيـشكم كــرّارُ

اُخــرُجــوا بـالـسـلاح أوْ فـاتـركـوه ... لـصـغارٍ قــد طــال مـنـها انـتظارُ

مـــا عـلـيـنا إذا الـطـغـاة تـعـامَوْا ... وأُضِـلَّـوا عـن فـهمنا، واحـتاروا؟

نــحــن بــاقــون والــغــزاةُ خــيـالٌ ... لــــم يــكـن قـــطُّ لـلـخـيال قـــرارُ

يـتـعب الـزّنـدُ والـسـلاح ويـبـقى ... لـلـبـسـاتـين زهـــرُهــا الـمـعـطـارُ

كم سلاحٍ طوى الترابُ وما زال سَخيَّاً بما يجود البذارُ!

إنــه الـحـق بــذرةٌ لـيـس تـفـنى ... وسـيـفـنـى الــصـاروخ والـــرادارُ

بـــذرةٌ تــمـلأ الـحـقـول اخـضـراراً ... ليس يقوى على شذاها الدمارُ

نـحـن مـا غـيرنا اخـضرارُ الـروابي ... ولــنـا وحــدنـا سـتـبـقى الـثـمـارُ

حـيـنما يـصدأ الـسلاح الـمغطى ... بـــدم الأهـــل تـنـهـض الأحـجـارُ

فــــإذا بـالـحـصى تـصـيـر قــضـاءً ... ومـــحــالٌ أن تـــهــزمَ الأقـــــدارُ

شـامُ يـا شـامُ يـا امـتدادَ جهادٍ ... حـــبُّـــهُ فــــــي قــلــوبـنـا مـــــوَّارُ

كـلَّـمـا زادتْ الـخـطوبُ اشـتـداداً ... زادَ مــــنـــا لــدحــرهــا الإصــــــرارُ

شاءكِ اللهُ أن تكوني لهُ أمَّاً رؤوماً حليبها هدار

لـم تـعودي مـن الفتوحاتِ إلاَّ ... وعــلا رأسَــكِ الـشَّـموخَ الـغارُ

شـهدَ الـكونُ والأنـامُ شهودٌ ... أنّــمــا بــعـضُ حــقِّـكِ الإكــبـارُ

أيها الحلمُ زرتني فلك الشك ... رُ، فـدعـني فـمـا لـليلي نـهارُ

لا تـعـدْ أيـها الـحبيبُ لـرأسي ... فــــإذا زرتَــــهُ فــســوفَ يُـــزارُ

نيسان ـ للشاعر مصطفى عكرمة mustafa.ekrema@gmail.com ـ نشر في 2016-01-25 الساعة 11:54

الكلمات الأكثر بحثاً