إنتفاضة القدس ...الدهس والطعن وقضايا أخرى
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2016-01-27 الساعة 18:20
>
عند تأريخ ما يجري في القدس، وقد أُختلف على تسميته، إن كان حراكا او هبة أو إنتفاضة ، لا بد من الأخذ بعين الإعتبار العديد من القضايا وأهمها ، أن (مستدمرة) إسرائيل المحاطة بدول عربية تمتلك جيوشا جرارة، ويقودها جنرالات تزدان أكتافهم بالرتب العالية، وتزين ياقاتهم علامات الأركان ، وصدورهم نياشين "الإنتصارات" ، ومع ذلك لم يسجلوا عليها نصرا ولو صوريا يوما ما ، بإستثناء الشراكة الأردنية –الفلسطينية في معركة الكرامة عام 1968، مع استبعاد حرب تشرين 1973 التي تحولت من نصر إلى هزيمة وفتحت علينا أبواب الإستسلام والذل.
لكن (مستدمرة) إسرائيل مرعوبة جدا هذه الأيام ، بسبب قيام ثلة من الشباب الفلسطينيين والفتيات الفلسطينيات ، بإنتفاضة في القدس دفاعا عن الأقصى الذي لم يجد من يهب للدفاع عنه ، وحمايته من دنس الصهاينة ، في حين أن العالمين العربي والإسلامي هذه الأيام ، يملأون الدنيا ضجيجا وصراخا ، تغذية لفتنة طائفية ، ناسين أو متناسين أن هناك عدوا شيطانا من شياطين الإنس يتربص بالأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.
هناك صور لا بد من توثيقها عند الحديث عن هذه الإنتفاضة وهي أن السلطة الفلسطينية ورغم ما تفعله مستدمرة إسرائيل بها وبالشعب الفلسطيني ، تكثف التنسيق الأمني مع العدو ، ويتفاخر بعض مسؤوليها بأنهم أفشلوا عشرات المحاولات لتنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية ، ناهيك عن أن طرف المعادلة الفلسطينية الآخر وهو حماس ، يتحفنا بين الفينة والأخرى ، بتصريحات عن جاهزيتهم لمواجهة إسرائيل ، ولا نراهم يفعلون شيئا على أرض الواقع ، ولا أدري إن كنا في مرحة الحصاد وقطف الثمن أم لا .
من القضايا التي يجب التوقف عندها كثيرا ، هي حجم الرعب الذي يلف مستدمرة إسرائيل النووية ، جراء إستمرار هذه الإنتفاضة التي لا يعرف أحد حتى الآن من يقف وراءها ، إلى درجة أن هناك من يقول أن مستدمرة إسرائيل لها أصابع تحركها ، من أجل مواجهة السلطة بواقعها المؤسف والإثبات لها بأنها عاجزة عن إيقافها ، وهذا يعني ضعف السلطة على الأرض ، ما يقود للقول انها غير جديرة بتمثيل الفلسطينيين وبالتالي لا تفاوض معها ، بل يتوجب على إسرائيل التفاوض النهائي مع الجانب الأردني وإحياء "الخيار الأردني " الذي تتمسك به مستدمرة إسرائي منذ البداية.
ورغم ذلك فإن إسرائيل إستثمرت هذا الحراك من خلال زوايا عديدة منها أنها أثخنت في القتل ، وهناك أمر عسكري للجيش الإسرائيلي ومن يحمل السلاح في المستدمرات ، ينص على إطلاق النار في مقتل على كل هدف فلسطيني متحرك ، وهذا بحد ذاته يهدف إلى هدفين الأول قتل أكبر عدد من الفلسطينيين لإثارة الهلع عند الآخرين ، والثاني لرفع الروح المعنونية عند المستدمرين الذين عادوا للمربع الأول حيث الخوف والهلع ، بعد ان أوهمتهم قياداتهم انها دجنت جميع العرب ولم يعد هناك عربي يشكل أدنى تهديد لمستدمرة "يهوه" التلمودية.
لكن ورغم أن هناك تسارعا في الأحداث والتفسيرات ، علينا أن نتأنى في المعالجة كي تؤتي كتاباتنا أكلها عند البعض المعني بالحقيقة وغير المسكون بنظريات العداء والتهويل والتبجيل والتفخيم ، فعلى سبيل المثال لا الحصر هل يعقل ان تقوم فتاة فلسطينية بمحاولة طعن جندي أو حارس مستدمرة مدججين بالسلاح بطبيعة الحال وقويان جسديا ومدربان ، بالسلاح وهي الفتاة الغضة الطرية؟ وحتى لو إفترضنا ذلك وتجردنا من روح الإتهامية ، ألا يستطيع هذا الجندي أو حارس المستدمرة من إعتقالها لمعرفة من يقف وراءها على أقل تقدير ، خاصة وأنه هناك من يقول ان هذه الإنتفاضة لم تفصح عن أبيها أو جدها أو خالها على أقل تقدير ؟
وصورة أخرى هل يعقل من سبعيني أن يحاول طعن جندي إسرائيلي محاط بمجموعة من الجنود ، أليس من الأفضل لوكان جيش الإحتلال لا يبيت أمرا ،إعتقال ذلك الكهل بدلا من قتله؟
قصص عديدة تروى في هذا المجال تدل على وحشية العدو الإسرائيلي الذي يستعد لأعظم الفتوحات في حياته وهي إقامة علاقات مع دول عربية مؤثرة لم تخطر على بال البعض .