اتصل بنا
 

الشطرنج الداعشي الغربي

مدرب ومحاضر التنمية البشرية‏

نيسان ـ نشر في 2016-01-28 الساعة 12:10

نيسان ـ

.

كثر التقارير الصهيونية والغربية تختصر المعركة الآن في بعض محافظات العراق بين طرفين: قوات المالكي ودولة البغدادي، وهذا تضليل مفضوح، في تجاهل شبه تام لثورة جموع العراقيين من أبناء العشائر وغيرهم في بعض المحافظات رفضا لسياسات المالكي العدوانية.

ولأمرٍ ما تبالغ، عن قصد، بعض التقارير في تصوير قوة داعش والبغدادي من لبنان إلى العراق مرورا بسوريا، فمن يقرأ يظن أن أرض العرب بُسطت لهم.

فالبغدادي يضرب في بيروت وفي حلب وإدلب والرقة وفي الفلوجة والرمادي والموصل ويترك بصماته في سيناء ويصنع له مجموعة في الضفة الغربية؟؟؟؟

فيُعلن النفير العام داخل الأجهزة الاستخبارية، وتشتغل آلة التخويف والتحريض، فالعدو يزحف والإرهاب "السني" يضرب..

هي لعبة استخبارية لا تُحسن بعض الأجهزة غيرها، لكنها كثيرا ما تنقلب عليهم، تُدار خيوطها وتُحبك قصصها وتلفق أخبارها في دوائر التأثير الدعائي الإستراتيجي.

"ثورات العرب تنهار" هذا ما خلصوا إليه، أفسدها الإخوان بتواطئهم مع "الإرهاب" في مصر وفجرها "الاقتتال الداخلي" بين الثوار في سوريا، وما يجري في العراق ولبنان تمدَد "مفزع" و"مروع" لدولة القاعدة، لتنتهي الثورات إلى حروب أهلية تأكل الأخضر واليابس وتنشر الفوضى أينما حلَت.

الحرب استخبارية في المقام الأول، مهمتها الأساسية إجهاض تحرك الشعوب وثوراتها، تعتمد على إستراتيجية الاختراق والتفجير من الداخل: معلومات متضاربة، شحن، تضليل، دعاية مضادة، تحريش، اندساس، فتح معارك جانبية وتزوير الأخبار وما إلى ذلك، هذا الكم الهائل من الأدوات تُستخدم أحيانا دفعة واحدة لاستنزاف الثورة وإنهاك قواها بضربات متسارعة متلاحقة تعصف بالعقول، تجرَ إليها البعض وتستدرجهم إلى الغرق في مستنقعات التصعيد الداخلي.

وترمي بأوراقها وتنوع تأثيراتها وتتسلل عبر التناقضات والثغرات، هي لا تواجه مباشرة، وإنما تراهن على الاستنزاف وإطالة أمد الصراع من وراء لافتات وشعارات وحجج ودعاوى، ولا يعني هذا أنها بارعة وفائقة الذكاء والدهاء، ولكن لأن البعض من المحسوبين على الثورة لديه القابلية والاستعداد الذهني والنفسي للانجرار والتجاوب مع مثل هذه المخططات، وتصلبه وانغلاقه وعناده يسهل عملية زرع الألغام ونصب الفخاخ.

هي تُدرك أن القاعدة لا تمثل إلا جزءا يسيرا وأحيانا جانبيا من المشهد الثوري، ولكن عملية النفخ والتهويل والربط المضلل والتمدد الدعائي المغرض العابر للحدود يراد لها أن تصنع الصورة الطاغية المهيمنة على الوضع، وبهذا أمكن صناعة الخوف والترويع ومن ثم الابتزاز والتركيع.

ولو كانت القاعدة (داعش تحديدا) معضلة داخلية معلومة في العراق وسوريا لأمكن احتواؤها من عقلاء الثوار وحكمائهم، ولكن لأنها كيان هلامي غامض مجهول الحال (وأقصد الدائرة القيادية المغلقة) لا يُعرف عن رؤوسها إلا القليل وأظهرت ولعا بتجنيد المقاتلين الأجانب، سهُل اختراقها والتلاعب بمسارها، بل وأُريد لها أن تعيش في ظلام دامس، وأثارت بهذا الكثير من الزوابع وأحدثت ثغرات وتصدعات مربكة ومستنزفة.

ومحاولات واجتهادات الثوار في سوريا والعراق لمعالجة هذه المعضلة مهمَ للحدَ من مخاطرها وانتشارها، بما يحقن دماء مقاتلين غُرر بهم ويمنع اتساع رقعة الاقتتال الداخلي والفقدان التدريجي للحاضنة للشعبية ويقطع على المتربصين والأعداء المحاربين الطريق لاستنزاف الثورة من الداخل بعدما أعيتهم المواجهة المباشرة.

نيسان ـ نشر في 2016-01-28 الساعة 12:10

الكلمات الأكثر بحثاً