اليوم يومي.. فلا تزعجوني
نيسان ـ نشر في 2016-01-29 الساعة 19:46
الدكتورة إلهام العلان
حاولتْ، مراراً وتكراراً لعب دور الأم الارستقراطية صاحبة الثراء والجاه والسلطة.. أستيقظت صباحاً، بقيت في سريرها رافضة ما بداخلها من حرب البسوس "نطّي ع المطبخ"، نادت على إبنتها قائلة: "أعمليلي فنجان قهوة وهاتيه على التخت" دُهشت البنت وردت: "لاااا والله ما عرفتك".. كريات دمها الحمراء والبيضاء علِقتْ في طريقها، هاي تشد وتلك تُرخي وأتفقا على أن لا يزعجوها في يومها هذا.. هدأت قليلاً في سريرها واستمرت في لعب الدور..
شربت قهوتها ولبست شحاطتها وفتحت التلفزيون، "يمه بنا نفطر".. "يمه بنا نروح نشتري دفاتر المدرسة ؟".. "يمه بناش نحضر تركي حطيلنا على براعم".. "يمه..يمه..يمه..
أغلقت التلفزيون وأنطلقت للمطبخ، اليوم ما في زيت وزعتر، حمص وفول، لازم تتعودوا على الكورن فليكس والزبدة والمربى.. "يمه شو صارلك بنحبش التطلي".. "لا لا إحنا لازم نصير كلاس لمتى رح نظل بلدي!"..
حينها صرخ الصغير وقال: "ليش إن شاء الله نصير صلاس!".. "بدي زعتر من إلي عملته الجدة".. "والزيت إلي أشتراه أبوي لما رحت معه ع معصرة السلط".. "بديش أحبك يا ماماااا"..
حينها بدأت كريات دمها الحمراء والبيضاء بالإسترخاء أكثر فأكثر، وأيقنت أن هذا اليوم ليس يومها، وذاك الثوب ليس من مقاسها، وفنجان القهوة ما بيحلى إلا مع جاراتها.. ابتسمت وطبعت قبلة على جبين متمردها الصغير قائلة: "نط يا مقرود نجيب الدفاتر".. غضب وقال: "مش أول لما تفطرينا؟".. قهقهت بأعلى صوتها وردت: "وغداك منسف يا النشمي، لوي خايف الزبن ع حدودنا ورايح يركظ ع روسيا، مو عارف في مقاريد مثلك في بيوتنا !!"..
للأمهات المربيات نقول: حان الوقت لشد الأحزمة فالقادم لنا وليس لهم..


