كف بوجع
شاهر الشريدة
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-01-31 الساعة 14:07
بفترة الثمانينيات كانوا معلمين المدارس من مصر موجودين بكثرة بالاردن، ليحلوا محل المعلمين الاردنيين اللي كانوا يطلعوا اعارة لدول الخليج، فالاخوة المصريين فضلهم علينا كبير، مش بس بزراعة الاراضي وبناء العمارات والبنايات، لكن بزراعة العقول وبناء الانسان كمان.
فجابوا لمدرستنا بالقرية، معلم مصري من مدينة سوهاج، كانت مدرستنا عبارة عن غرفتين من الطين والحجر وبنظام الصفوف المجمعة، من الصف الاول للثالث بغرفة، ومن الرابع للسادس بغرفة، والحصة تتوزع لكل صف ربع ساعة، وبعد السادس تبدأ معاناتنا بالنقل لمدارس القرى المجاورة.
بأول حصة كان الاستاذ بده يتعرف علينا وقال: كل واحد يقول اسمه من 3 مقاطع، فصرنا نحكي اسامينا، لغاية ما وصل الدور لعند طالب مخه مش مساعده، ظل ساكت، سأله الاستاذ: اسمك ايه يابني؟
فقال: يوسف يا استاد (كنا بالقرى نلفظ الاستاذ استاد).
رجع الاستاذ وقال: اسمك الثلاثي يابني.
رد الطالب: يوسف.
ف لخمه الاستاذ كف، كف عمل صدع بكل جسمه ليوسف مش بس بأذنه، وقال بعصبية وصراخ : بص كده اسمي ايه وقول ورايا، اسمي عبدالوهاب عثمان محمود يا بقرة، يلا قول اسمك ايه.
فمن الخوف رد الطالب بسرعة: عبدالوهاب عثمان محمود يا بقرة.
يوسف نسي اسمه للحظة من الكف والرهبة، لكن كفوف المعلمين لتعليمنا أهون بكثير من كفوف الحكومة لاذلالنا، واهون من كف الاحصاءات والتعداد السكاني، ومن الكفوف اللي بلخمونا إياها المذيعين و المذيعات بغنجهم ولهجتهم الغريبة.
يا خوفي يجي يوم نوكل فيه كف حامي حامي، ننسى معه هويتنا ولهجتنا وقيمنا، مش بس اسامينا.