اتصل بنا
 

ما أجمل تحديك يا يوسف..

نيسان ـ نشر في 2016-02-04 الساعة 12:55

x
نيسان ـ

بقلم الدكتورة الهام العلان

خلال فترة تدريسي لمادة التربية الوطنية التقيت بطالب نمرود أسمه يوسف، من أول محاضرة أوصل لي فكرته "بكره المادة والدكتورات".. "نزلتها عند دكتور لويش غيروا وأعطوكي إياها".. طبعاً الإنطباع الأول عند الطرفين سيحدد مسير المادة ونتائجها، فما العمل؟

التجاهل مع الطلبة المتميزين فكرياً ومهملين دراسياً، يُعطي في بعض الأحيان نتائج إيجابية؛ وفي نفس الوقت "خلي عينك عليه" فهذا ليس بالطالب العادي، يحمل شخصية قوية، وإحباط دراسي، وعدم ثقة بمدّرس المادة تتجاوز قناعتك برسوبه وإعادته للمادة، قد يوصلك للحضيض بنظرة جانبية، أو تلطيش كلام تضطر لطرده من المحاضرة، وهنا تكمن الطامة..

في هذه الحالة لا مجال إلا بالتعزيز والإقناع بأنه يستحق النجاح بجدارة، ينظر إليك بإستغراب قائلاً: "إلا في مادة التربية الوطنية".."كابوس الأربع سنوات فيها".. يوسف يبصم بأصابعه العشرة على ذلك ويقول: "أوعديني تنجحيني وبوعدك أدرس منيح وأجيب أعلى علامة في الفاينل".. أن يحصل على أعلى علامة في الفاينل وهو أصلاً معيد للمادة فهو يستحق "كف خمساوي" لإهماله السابق.. سأجازف وأعقد صفقة معك يا "ملطوش"..

طول فترة إمتحان المادة وعيوني عليه، لا مجال للغش أبداً، هناك إتفاق مبرم وعلي التقيد به لهذا لن اسمح لك بخداعي يا نمرود.. أنهى الإمتحان واتجه نحوي قائلاً: سأحصل على أعلى علامة دكتورة وعند وعدك صح؟ قلت له: مليون صح، لكن قل لي كيف درست ومتى؟ قال: منذ لحظة الأمان التي منحتيني إياها بأنني ساتخطى تلك المادة ورغماً عنكِ..

وفعلاً، حصل على ثاني أعلى علامة في الشعبة ونجح بجدارته.. ما أجمل تحديك يا يوسف.

في شعبتي كان العديد من الطلبة المثابرين، الرائعين، من يعمل ويدرس، ومنهن سيدة منزل وأم لعدة أطفال، ومنهن المتفوقات والمتميزين، ومنهم من يريد المساعدة فقط لتخطي تلك المادة، لا ينقصهم سوى أعطونا الفرصة لنتحاور، نُعّبر، لا تنتظروا منا الكثير لكن في جعبتنا ما نقدمه، أقولها وبصدق: تستحقون الكثير من الإهتمام وتغيير الأساليب التدريسية والمناهج..

كفانا تلقين وتحفيظ وزج معلومات ليس لها أول من آخر.. تعبنا وأتعبناكم معنا..

نيسان ـ نشر في 2016-02-04 الساعة 12:55

الكلمات الأكثر بحثاً