جمعية الجماعة في (البكب)
د. فايز الهروط
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2015-05-03
مما لا شك فيه ان الجماعة قدمت خدمات جليلة للحكم في زمن المد القومي والشيوعي والانقلابات العسكرية التي اجتاحت المنطقة العربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وقد كانت صوت الحكم وسوطه في المدارس والمساجد،
يضاف لما سبق جهد الحكومات التي استخدمت كل الأساليب لتفريغ الأحزاب القومية واليسارية من مضامينها التنظيمية والعقدية، حيث أن الحكم في تعامله حول الضغط الى استجابة شكلية، وحول الاستقواء الى إرضاء مدروس، حتى وصل الحال بهذه الأحزاب إلى ما وصلت إليه ...!!!
اعتبار الجماعة بأنها جماعة إرهابية ومتطرفة بدأ من مصر بعد (الانقلاب) على حكم الجماعة بقيادة مرسي ثم انتشر في دول المنطقة، بما يشبه الإجماع أو القرار المبيت تجاه الجماعة، وكأنه دعوة مفتوحة للجماعة لاختيار طريق اخر غير الطريق الذي طالما تغنت به وهو الإصلاح، من خلال الدعوة، ولم يشفع لها تماهيها في مفاصل كثيرة مع الأنظمة الحاكمة في المنطقة.
الأردن لا يستطيع أن يكون بمعزل عن محيطه، وفي ظرف أصبح فيه الإسلام السياسي يثير إشكاليات متعددة، ولكنه لم يختر نهج التجريم والتحريم في تعاطيه مع الجماعة، واختار (حل) الجماعة و(إحلال) الجمعية بديلا لها، وكل ذلك باسم (القانون) .
تعاني الجماعة من إشكالين رئيسيين، ويبدو أن الوقت قد فاتها في تداركهما، الأول؛ يظهر في إشكاليتها في التعاطي مع الحدث، حيث تلجأ في الحدث او الموقف السياسي الى الأسلوب الدعوي، والعكس صحيح أيضاً، ويبدو ذلك جليا في تفاعلها مع الحراك بعد أن عجزت عن استيعاب الحالة الجماهيرية واحتوائها وتوظيفها، يطمئنها في ذلك شعورها بأنها أكبر القوى السياسية على الساحة، ما غيّب عنها الكثير من الرؤى, سيما وأن أبجديات السياسة أن تبدأ من حيثما بدأت الجماهير، وتنتهي الى حيث تريد أنت.
كما انها عجزت عن احتواء (زمزم) التي فتحت ما يشبه المزاد على الجماعة، حين تقدمت ببرامج لا شعارات تخص الساحة الأردنية، وكانت حريصة على فصل الساحة الأردنية عما يجري في سوريا ومصر، ولكن الجماعة تعاملت بما يشبه الغطرسة تحت تأثير نشوة ما يحدث في مصر وغابت الرؤية السياسية تماماً عنها.
أما الإشكالية الثانية فتبدو في ارتباطها العضوي مع (حماس)، هذا الارتباط الذي يثير زوبعة من الأسئلة الإقليمية بقيت تعصف داخل الجماعة منذ سنوات عدة، كما أن (حماس) أصبحت مثار استفهام استنكاري من المحيط العربي في طبيعة علاقتها بالنظام الإيراني الذي لا يخفي ولا تخفى أطماعه في المنطقة، ومحاولاته توظيف القضية الفلسطينية لمصالحه ومصالحه فقط.
هذا التنظيم الجماهيري صاحب القواعد العريضة، هل نشاهد في قادم الأيام ان الكثيرين منهم غير مقتنعين ب(الجمعية) وأن (الجماعة) لم تعد تنظيما معترفا به، وسيعتزلون العمل السياسي ويصيبهم ما أصاب (رفاقهم) في التنظيمات القومية واليسارية، حيث نجد أن أكثر المؤمنين بالنهج خارج الأحزاب...؟؟
ويصبح صحيحا، ما يحلو لكثير من أصحاب الدولة والمعالي ترديده حين يحرجون بعد سؤالهم عن سوء الإدارة والفساد من قبل أحد الحزبيين: بأن منتسبي هذا التنظيم مضافا له بقية أحزاب المعارضة لا يزيدون عن (حمولة بكب) ...!!! في إشارة لعدم القدرة على التغيير أو حتى التأثير.