اتصل بنا
 

أي حرب باردة؟

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2016-02-17 الساعة 09:09

نيسان ـ

تحول مؤتمر الأمن في ميونيخ نهاية الاسبوع الماضي، قاعة محكمة غربية جامعة ضد سياسات روسيا وإندفاعاتها العسكرية المتصاعدة، ابتداءً من القرم وصولاً الى سوريا مروراً بأوكرانيا. لكن دميتري ميدفيديف لم يجد حجة او رداً على سيل من الإتهامات الاوروبية والاميركية سوى القول: "إن العالم ينزلق الى حرب باردة جديدة وان ما بقي من العلاقات هو في رأينا سياسة مغلقة وغير ودية يمارسها حلف شمال الاطلسي حيال روسيا"!
يفتقر هذا الكلام الى الحد الأدنى من الصدقية لأكثر من سبب، ذلك ان فلاديمير بوتين المفعم بخيلاء القوة، والذي يسعى الى إعادة حقبة الاستقطاب الثنائي عبر اعادة رسم "الدور السوفياتي" لروسيا على الخريطة السياسية الدولية، هو الذي بدأ اندفاعاته في القرم وأوكرانيا وسوريا التي تميزت بالغطرسة المتعمدة وجاءت في وقت ملائم جداً، وخصوصاً بعدما بدأ باراك اوباما يتسلل منسحباً الى عمق الساحة الدولية، في ما بدا انه استقالة تدريجية من الدور الاميركي السابق والموتور الذي نفذه جورج بوش الأبن أي حروبه الإستباقية على الارهاب.
ينتقد ميدفيديف ما سمّاه توسع حلف شمال الاطلسي ومدّ نفوذ الإتحاد الأوروبي الى عمق دول أوروبا الشرقية، التي كانت جمهوريات سوفياتية في السابق ولا تزال روسيا تعتبرها عمقها الإستراتيجي، وفي هذا ما يثير الإستغراب لسببين: اولاً لأن دول حلف شمال الاطلسي بما فيها أميركا، لم تدخل أو تجتح الجمهوريات السوفياتية السابقة كما فعلت روسيا في القرم واوكرانيا، وثانياً لأن هذه الجمهوريات هي التي إختارت التوجه غرباً سواء بسبب معاناتها السابقة في الكنف السوفياتي، أو بسبب الإنهيار المريع بعد البيريسترويكا، أو بسبب تطلعها الى النموذج الغربي الناجح الذي طالما راقبته بحسرة ينمو ويتقدم في المانيا وفرنسا وبريطانيا ودول الاطلسي.
جون كيري رد على ميدفيديف بالقول إن على روسيا ان تغيّر أهدافها ليس في سوريا حيث تواصل قصف المعارضة نافية حصول ذلك تكراراً، وهو ما يثير ازدراء العالم تقريباً، بل في القرم وأوكرانيا، فها هو الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو يقول من مؤتمر ميونيخ: كل يوم يتسلل الجنود الروس وتدخل الاسلحة والذخيرة الروسية الى بلادي، ثم مخاطباً فلاديمير بوتين مباشرة "هذه ليست حرباً أهلية في أوكرانيا، وهذه ليست حرباً اهلية في القرم، بل انها جنودكم الذين يحتلون بلادي"!
ما تفعله روسيا في سوريا ليس مختلفاً على الإطلاق، وليس هناك في الواقع من لا يريدها ان تصحح أهداف غاراتها بحيث تستهدف "داعش" وليس المعارضة السورية، التي تحاول خنقها منذ البداية في دعمها رهان الاسد على الحل العسكري، الذي لم يتوان سيرغي لافروف في تبنيه قبل أيام... والمضحك ان الذين يشنون الحرب الباردة يشكون منها!

النهار

نيسان ـ نشر في 2016-02-17 الساعة 09:09

الكلمات الأكثر بحثاً