قانون الانتخاب ..من المسؤول؟
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2015-05-05
ثلاث أولويات تحكم النقاش الدائر حول قانون الانتخابات؛ هوية الدولة وبناؤها والحفاظ عليها من المخاطر الخارجية.
لكن، بعيداً عن الديباجات ورصانتها، فإن الحديث الخاص لكل مكون من مكونات المجتمع الاردني، يجري الآن بلغة سافرة عن الحقوق التي تخص كل منها، وهذا أمر طبيعي، فكل المجتمعات التي نهجت سبل الديمقراطية، فيها مكونات وأطياف مختلفة ومتنوعة، وربما ما استقرت فيها الأمور إلا بعد حسم نقاشات المحاصصة، والتوصل الى صيغ توافقية أرضت جميع الأطراف.
ومع أن قانون الانتخاب يأتي بناء على توافقات معينة، إلا إنه يصبح فيما بعد أداةً لترسيخ القيم الجديدة في المجتمع، والتي تبني الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات وتحفظها.
من هي الجهة المخولة بصياغة البنود الأساسية لهذا القانون ووفق أية رؤية؟ هل هي الحكومة أم مجلس النواب أم لجنة وطنية كتلك اللجان التي صاغت الميثاق الوطني، والأجندة الوطنية فيما بعد؟ أسئلة غاية في الأهمية تبقى برسم الإجابة.
في حال كانت الحكومة صاحبة ولاية ولا تهيمن عليها النظرة والخلفية والأجندات الخاصة، يكون لا بد من دور لها في الصياغة، وفي حال رضينا عن القانون الذي أنشأ مجلس النواب الحالي، وعن تمثيله لكل مكونات وألون الطيف السياسي للشعب الاردني، فمن المقبول أيضاً أن يكون له دور، أما اذا لم تتوافر تلك الشروط، فانه لا يبقى أمامنا من خيار غير لجنة وطنية ممثلة، ولا بأس أن يمرر ما تنتجه هذه اللجنة، تالياً، على شكل قانون مؤقت يقره مجلس النواب القادم.
حيث من المفترض أن يشكل القانون البيئة المناسبة لدعم وإنتاج الأحزاب الكبيرة والقوية، التي تمثل مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة، ويعمل على توحيدها لا تفتيتها، يكون ذلك من خلال القوائم الانتخابية والانتخاب المباشر، وإن بالتدرج عن طريق الدائرة الموسعة، كما في قانون 1986، الذي أجريت على أساسه انتخابات 1989، وفي ذلك التزام بما يتطلبه الدستور.
على إثر البيئة الصحية لذلك؛ يتشكل طرف ثالث مهم لجهة عملية التطور السياسي، ويتجاوز العطل الناجم عن الشد والجذب بين طرفي الأزمة، المتكون دائماً من ثنائية الحكومات والاسلاميين فقط.
من أجل تحقق غايات الدستور، لا بد من قانون انتخاب عصري يلبي أولوياتنا، ويشترط ذلك توافر الرغبة والإرادة لدى أصحاب القرار في ذلك؛ ما يكوّن الشعور بالرضا لدى كافة مكونات المجتمع، وبالتالي يؤسس لحالة من الشرعية لمجلس النواب القادم، إلى جانب المحافظة على حقوق المستفيدين من الكوتات، من خلال التقسيم العادل للدوائر الانتخابية.
ذلك لن يتأتى إلا من خلال تجاوز الأخطاء التي وقعت في الماضي، فقانون الصوت الواحد والكوتات والقائمة الوطنية في الانتخابات الاخيرة، وتقسيم الدوائر الانتخابية لوهمية وغير ذلك، كلها عوامل تشتيت وتشويه للمكونات الطبيعية للمجتمع، وأدت الى تراجع الاصلاح السياسي.