نظفوا جامعاتنا، بكفي تخريج متمردين
شاهر الشريدة
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-02-22
بإحدى المرات أيام الجامعة، كنت قاعد بهدى الله، وأمان الله، وبسمع للدكتور، فاتفاجأت بطلبه، والفاظه الغريبة لما حكالي انتا هيه، نزل أجرك.
فقلت: ليش يعني انا بالذات تطلب مني انزل اجري! وهظول البنات جنبي ما حكيت معهم، والا ليكون مكتوب ع صلعتي هبيلة، فطردني.
ولما راجعته بمكتبه، قال: يا زلمة عمرك شوفت الملك ع التلفزيون حاط اجر ع اجر؟ جاوبته: ماعندناش تلفزيون، فطردني طول الفصل.
ما بعرف ليش طردني، مع اني كنت بحكي جد، لكن هالموقف كان من مواقف كثيرة زادت من قناعاتي بأن كل مظاهر القهر، والظلم، والفوضى اللي بنشوفها، سببها فشل جامعاتنا بخلق أجيال مؤمنة بالمساواة، والعدل، والإنسانية.
فلما انقبلت بالجامعة الاردنية، وما كنت كتبت اسم اي جامعة ثانية لما قدمت طلب القبول؛ لأني كنت بدي جامعة اتعلم فيها اشي جديد، واشوف حياة جديدة، ومجتمع غير، فاخترت الاردنية لأن فيها كل الثقافات، والملل، والشعوب، وتجربة نوعية لأبن قرية.
كانت طموحاتي، واحلامي كبيرة، بعضها واقعي، وبعضها اكتشفت انها اوهام، اوهام لأني هربت من واقع مظلم، معدومة فيه العدالة، لواقع ورجاني كل مظاهر انعدام العدالة.
هيك جامعاتنا، اللي المفروض فيها تخلينا نؤمن بالمساواة، وعدالة المجتمع ، وعدالة القانون، لكن اللي شوفته عزز روح التمرد جواتي.
تسلط ، وقمع ، واستغلال نفوذ ، ورشاوي جنسية، ومادية، وعلاقات شخصية، وتمييز بين اولاد الذوات، وأولاد الحارات، بين أصحاب لغة بتي وتيب ودادي ومامي، وبين أهل الهاظا والهظاك ويابة ويمة.
فما نستغرب لما نشوف وزير صار دكتور كان يظل بالمحاضرة قاعد ع ظهر الطاولة، حاط اجر ع اجر بوجوه طلابه، ويخلي طلاب الماجستير يصححوا اوراق الامتحانات، وينجحوا ويرسبوا ع كيفهم.
وما نستغرب نشوف وزير دكتور من تبعون جماعة سياسة راجعيني ع المكتب.
وما نستغرب نشوف دكتور عضو بهيئة مكافحة الفساد مثلا، وحياته بالجامعة مجبولة بالفساد الإداري والتعليمي.
مظاهر كثيرة من اللاعدالة، عشناها، وبنعيشها ببلدنا من انتاج، وتوزيع جامعاتنا.
تعلمت كثير من الجامعة بكافة النواحي، واكيد بنعتز بوجود اساتذة بستحقوا الاحترام بكل مطرح بجامعاتنا، لكن صار عندي قناعاتي، انه كلما تفشى الظلم، كلما تلاشى الاحساس بالعدالة، وتولدت روح التمرد على القانون.