( دَمـْعُ الرِّجَالِ ) لـ يوسف طالب الرفاعي

نيسان ـ

تـَفَجَّرَ نَبْعُهُ أَعْلَى الجِبَالِ فَـشَــقَّ خُـدُودَهُ دَمْـعُ الرِّجَالِ

تَعَارِيجٌ عَلَى الخَدَّيْنِ غَارَتْ كَـــوَادٍ سَـــيْــلُهُ بَيْـنَ التِّلالِ

تُحَاكِي قِصْةَ الأَيْامِ طُهْراً وَشَمْسَاً قَدْ تَلَظَّتْ لِلزَّوَالِ

سُنُونُ العُمْرِ قَدْ وَلَّتْ وَوَالَتْ كَدَمْعِ العَيْنِ يَخْرُجُ بِانْسِلالِ

عُيُونُ الشِّعْرِ تَبْكِيهَا القَوَافِي بِكَسْرِ حُرُوفِهَا كَسْرَ الغِلالِ

وَصَقْرٌ قَدْ عَلا فِي الجَوِّ نَجْمَاً وَتَــرْمِيهِ البَـلايَا بِالنِّـبـَالِ

فَيَسْقُطُ هَاوِيَاً قَدْ ضَاعَ مَجْدُهْ وَيُصْبِحُ كَالوَلِيدِ لَدَى العِيَالِ

فَدَمْعُكَ لَسْتَ تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ هُبُوبُ الرِّيحِ أَدْمَغَ ذِي الكَمَالِ

وَأَشْجَارٌ تَعِيشُ الدَّهْرَ صَبْرَاً وَيُثْنِي عُودَهَا ثــَمَـرُ الجَمَالِ

فَيُحْدَبُ أَصْلُهَا لِيَعِيشَ فَرْعٌ وَيَرْخَصُ ذِي الفَخَارِ لِكُلِّ غَالِ

كَـفَـيٍّ قَدْ أَظَلَّ الخَيْرَ فِينَا فَنَجْمَعُ خَيْرَهَا وَسَطَ السِّلالِ

دَوَائِرُ قَرْنِكَ المَاضِي خَيَالٌ كَمَا الأَفْلاكُ تَسْرِي بِارْتِحَالِ

فَيَأْتِي بَاغِيَاً بِالفَأْسِ يَهْوِي لِبَتْرِ جُذُورِهَا بَتْرَ الحِبَالِ

فَيَخْرُجُ صَمْغُهَا دَمْعَاً عَلَيْهَا وَتَبْكِيَهَا التِّلَالُ بِكُلِّ عَالِ

جُذُورُ العِزِّ تَرْبِطُهَا القَوَافِي وَتَرْبِطُ كُلَّ غَالٍ بِالمُحَالِ

وَلَيْلُ سَوَادِ شَعْرِكَ قَدْ تَوَلَّى بِلَيْلٍ طَالَهُ شَيْبُ الهِلالِ

فَأَمْسَى كَالمَنَارَةِ فِي الظَّلامِ حَكِيمَا مُسْتَجِيبَاً لِلسُّؤَالِ

لِيَرْجُو مَقْعَدَاً فِي ظِلِّ عَرْشٍ لِشَمْسٍ حَرُّهَا دُونَ الظِّلالِ

فَيَأْتِيهِ اللَّئِيمُ بِكُلِّ قُبْحٍ لِيَنْزِعَ هَيْبَةَ الشَّيْبِ الجَلالِ

فَلَسْتُ أَرَى الرِّجَالَ بِدَمْعِ عَيْنٍ إِذَا هَوَتِ الـرِّكابُ مِنَ الجِـمَـالِ