اتصل بنا
 

خطباء الجمعة .. ماذا بعد الصراخ ..؟

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2016-03-02 الساعة 12:28

نيسان ـ

جهل كثير من الخطباء والمحاضرين ــ سامحهم الله وهدانا وإياهم إلى الصواب ــ بفن وأسلوب الخطابة، وكيفية جذب انتباه المصلين والمستمعين، وتفهم الفكرة والعظة من الخطبة. فهم يتبعون أسلوب التهويل والصراخ والتخويف، وكأن مفاتيح الجنة والنار بأيديهم، وقد فتحت أبوابها وتشققت الأرض وبدأ الناس يخرجون سراعا، وخرّت الجبال وانكشطت السماء، وبدأ الحساب.

ذلك كله لإرهاب الناس، وحسبهم فهم قلة قليلة، فالناس عوام لا يفقهون، ما يسمعون، إذ يخاطبون الناس المصلين في المساجد بصوت عال وصراخ لا مبرر له حتى يكاد السامع لا يفهم ما يقولون من غلاء حناجرهم وتضارب صدى أصوات السماعات التي تملأ أركان المساجد.

وإذا ما تطرق أحدهم إلى فلسطين والأقصى الشريف، فإنك لا تسمع إلا صراخا وعويلا يسمع من على بعد الكيلومترات، يدعو ويتمنى الهلاك ليهود الذين لا أحد يحبهم، إلا من هو مطبع معهم ممن طمس الله على سمعهم وقلوبهم وأبصارهم، وقد يبدو للخطيب أنه بدعائه ذلك أدى ما عليه، لقوله تعالى: ادعوني استجب لكم، مع أن الأصل مع الدعاء أن يكون مقرونا بالعمل لقوله تبارك وتعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون.

هذه هي القاعدة لتحرير القدس والمقدسات، أما الصراخ فهو كغثاء السيل يتلاشى من المسامع مع خروج المصلين.

نحن مع رفع الصوت في المواطن التي تتطلب ذلك،وحسب المعنى ومقتضى الهدف والعبرة، هذا أساس فن الخطابة والإقناع، حتى يتدبر المستمع ويتفهم ما يلقى إليه، وعلينا أن نهتدي بهدي نبينا الكريم صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته، فقد كان عليه الصلاة وأتم التسليم يرفع صوته وتحمر عيناه إذا ما أشار إلى موقف يريد أن يبينه للناس على أهميته. وعلى خطباء المساجد الأجلاء أن يعوا أن لكل مقام مقال، حتى يوصلوا رسالتهم إلى الناس بمفهومها الصحيح. وهناك بعض الخطباء ممن ليست لهم صلة باللغة العربية فيكسر وينصب ويرفع حسب ما اتفق معه من تدبر للغة التي هي لغة القرآن الكريم التي يجب أن نحافظ عليها، هؤلاء يؤتى بهم ارتجالا من دون تخطيط ولسد ثغرة بسبب غياب خطيب أصيل لأي عذر.

اتقوا الله في المنابر والناس. لمن ألقى السمع وهو بصير.

نيسان ـ نشر في 2016-03-02 الساعة 12:28

الكلمات الأكثر بحثاً