اتصل بنا
 

ذاكرة القرى

نيسان ـ نشر في 2016-03-07 الساعة 22:56

نيسان ـ

كل ما في القرى بهي وجميل ، واجمل ما في القرى ذاكرتها الفتية التي لا تشيخ ، تتفرس الوجوه وتعرف من قسماتها جذور العرق وخلجات النفوس ، فمن نسي نفسه واطلق لها عنان السراب ، سرعان ما تزجره ذاكرة القرى .

ففي القرى ، " لا توجد رقبة تعلو على الاخرى ، فالكل جسم واحد ويدهم واحدة " ، الا ان هناك مشهدية ذاب اصحابها في الانانية ونشوة النفاق باتت تفسد على القرى نكهة المناسبات الاجتماعية وطعمها اللذيذ ، فترى بعض الاشخاص في مناسبات الافراح والاتراح او الجلسات المختلفة يتصدرون المجالس بالصوت والكلمة والنبرة ، يحتكرون فيها الوطنية والانتماء والمغالاة في الولاء ، يلوثون الاسماع والجلسات بسراب النفاق والرياء والتملق والكذب .

نقول لهؤلاء لا تفسدوا على القرى برائتها وبكارتها وفطرتها ، ففي القرى ابجديات الوفاء بلا مصلحة ، وفي القرى اول ما يولد الاطفال يتهجأون حروف الوطن ، الحب في القرى فطري " كازهاره لا تبحث عن انية " ، " حتى الدوالى في القرى تتثاءب حبا من نوافذ البيوت " .

نقول لهؤلاء ان الذي يبدل المبادىْ كل عشية كما يبدل جواربه ، وبقي يلهث عن مكان يرم فيه مصالحه الضيقة ، وتقلب على كل الوان الطيف الفكري والسياسي ، لن يتقن فن العزف على اوتار الوطن ، لان الحب الحقيقي فطري لا تصنعه المصالح ، حتى وان جلس على كرسي الوظيفة الرفيع ، فالكرسي لا يعطي مزامير العزف الوطني الخالص ، فالقلب الذي يملؤه السراب لا يجود بالوفاء ، " خنافس الارض تجري في اعنتها وسابح الخيل مربوط الى الوتد ، وكم كريم غدا في غير موضعه وكم وضيع غدا في ارفع الجُدد " .

نقول لهؤلاء ان في المدن متسع لكل شيء ، ففي المدن المسارح والمدرجات والصلات والاندية ، مارسوا فيها كل طقوسكم المستعارة ، فذاكرة المدنية ارهقتها الحداثة ، لكن النصيحة لو اننا نستمتع بصدق اعمالكم افضل وخير من حشو كلامكم ،" اوقية عمل خير من طن من المواعظ والمهرجانات الفارغة المضمون " .

اتمنى على هؤلاء الذي بدلوا ثيابهم ، حين يأتون على القرى لو يغسلوا عقولهم وقلوبهم تحت مازريب اول بيت ليذوب الصدأ والشوائب " ، فذاكرة القرى لا تنسى وقادرة على شحذ مخزونها .

نيسان ـ نشر في 2016-03-07 الساعة 22:56

الكلمات الأكثر بحثاً