اتصل بنا
 

أبغض الحلال

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2016-03-09 الساعة 15:08

نيسان ـ

أبغض الحلال إلى الله تبارك وتعالى هو الطلاق، ومعناه في اللغة التحلل والتسريح من عقد الزواج، ونسمع ونشاهد في هذه الأيام كم عدد حالات الطلاق التي تقع ولأتفه الأسباب، من دون تعقل أو تفكر، أو تدبّر، خصوصا من الشباب الذين في غالبهم لا يفهمون معنى لعقد الزواج الذي عظمه المولى في كتابه الكريم بأنه ميثاق عظيم تأخذه المرأة من الزوج مقابل إفضاء كل منهما للآخر، في حين أنهما لا يستطيعان ولا يحل لهما أن يفضيا بمثله إلى أي من محارمهما أو الغير من دون هذا العقد الذي عظمه الله.

الخطبة في بلادنا تتم إما عن طريق امرأة تزاول مهنة التوفيق بين الناس وتعريفهم بأن لدى الأسرة ألفلانية ابنة للزواج، وتصف بما لا يطق الوصف إلى الطرفين، وفي غياب الاستفسار الصحيح عن إي طرف منهما نتيجة توزع الناس وبعدهم عن بعضهم، وربما حتى عدم التواصل بين الأقارب، يصعب الحكم الصواب على نتيجة هذه العلاقة التي بنيت على الاتكال لا التوكل، لأم من شروط التوكل الأخذ بالأسباب أولا, لهذا يكون الزواج فاشلا وغير مضمون الاستمرارية لغياب المعرفة الصحيحة والحكم الصحيح، كما أن الاغتراب أقصد اغتراب الخاطب ــ زوج المستقبل ــ عامل مهم في أغلب الأحيان في فشل الزواج، نتيجة تغير ربما طباعه لبعده فترة طويلة عن بيئته ومجتمعه، ونهله ثقافة اجتماعية تكون بعيدة جدا عن عن مجتمعه وحتى عن أهله.

ومن أسباب فشل الزواج لجوء الأهل إلى تزويج ابنهم أو ابنتهم، نظرتهم إلى أنه واجب أسري يريدون الخلاص منه، لأن العرف بين الناس أحيانا زوّجها أحسن ما تعنّس ويشمتوا فيك أقاربك أولا، وثانيا يا عمّي هو أجانا أحسن منه وإحنا رفضنا، مهو موظف في البلد الفلاني وراتبه (؟)، ويا عمّي جيرانه مدحوا والده الي دايما في المسجد، مع أن جيرانه لا يعرفونه إنما جاءت شهادتهم من باب ــ إحنا مالنا ــ ومن أسباب كثرة حالات الطلاق استسهال هذا اللفظ على اللسان، وكثرة تكراره لصحبة سيئة، وتربية خطأ، إذ يسمع الأب أو الأم ابنهما أو ربما ابنتهما يحلف أو تحلف بهذا اليمين ولا يردعانهما، ولا يبيّنان لهما خطورة تكرار هذا اليمين، وإن حصل وتم الزجر من الوالد أو الأم بقلك البن يا عمّي هذا لغو لسان ولا يعلم أنه إذا حصل أي جدال أو نقاش بينه وبين زوجته تكون أول كلمة تخرج من فمه (الطلاق)، ولربما المرأة هي التي تطلب الطلاق لمجرد نقاش بينهما لا يوجب طلبها، فيما هو نقاش عن طبخة أو لباس أو ربما عن شيء خارج نطاقهما، لا يستوجب منها طلب ذلك، إنما لترضي صديقاتها، وتوهمهن بأن قرارها بيدها ولن تسمح له بالتعدي على ما تحسبه جهلا من اختصاصاتها، فالحياة الزوجية مشاركة كما شراكة أخرى إنما هذه الشراكة أسمى وأعظم الشراكات وأجلها. قال الرسول الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم frown رمز تعبيري أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة).

ويا أيها الرجل شابا كنت أم كهلا اتق الله في زوجك، قال المصطفى عليه الصلاة والسلام:( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) وقال عليه الصلاة والسلام:( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، فإذا ما غضبت من الزوجة فعليك بالصبر واللين، أخرج من البيت وقتا ولو قصيرا واستعذ بالله من الشيطان، واعف أن الله يحب العافين، لأن الرسول الكريم قال: ( إن الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)، وأنتم أيها الأهل لا تحطبوا على زوجات أبنائكم وخصوصا أنت أيتها الأم فكما كانت لك حياتك مع زوجك فاتركي أبنائك وحياتهم، فلا تخربي عليه عيشهم لمجرد الغيرة أو حب التملك وكأن ابنك سلعة سرقته منك من لا تستحقه، قال الرسول الكريم: ( ليس منا من خبّب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده ) ومعنى خبب: أفسد. وقال أيضا: (ليس منا من فرّق)، وفي الختام إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق. اتقوا الله في نطفكم ، ففي رواية عن سيدنا عمر بن الخطاب الخليفة العادل، أتاه رجل يشكي إليه زوجته بإطالة لسانها عليه، فوقف بباب الخليفة العادل يسمع امرأته تعلي صوتها وأمير المؤمنين ساكت لا يتكلم، فاستدار الرجل راجعا، يحدث نفسه إذا كان أمير المؤمنين هذا حاله فكيف بحالي.وفي هذه الأثناء خرج أمير المؤمنين فرأى الرجل فناداه يسأله عن حاجته، فقال يا أمير المؤمنين جئتك أشكو حالي فسمعت زوجتك فرجعت، محدثا النفس إذا كان هذا حال عمر فكيف حالي. فقال الخليفة العادل ــــ الذي خاف إن عثرت شاة أو بغلة في العراق أن يسأله الله عنها لِمَ لَم يسو لها الطريق ـــ : تحملتها لحقوق لها علي، فهي طباخة طعامي، خبّازة خبزي، غاسلة ثيابي، مرضعة أولادي، وليس ذلك بواجب عليها، وسكن قلبي بها عن الحرام، لذلك أتحملها. لمن ألقى السمع وهو بصير.

نيسان ـ نشر في 2016-03-09 الساعة 15:08

الكلمات الأكثر بحثاً