اتصل بنا
 

محض اشتعال للخيال

نيسان ـ نشر في 2016-03-10 الساعة 11:40

x
نيسان ـ

محمد قبيلات

الأفكار والصور الجميلة، ما هي إلا اشتعال للخيال، نعم، هي لحظة أو حالة نحلق بها عاليا عن كل الدونيات.

هذا ليس اكتشافا جديدا.

لكنه مجرد انتباه لواقعة تتكرر منذ اللحظة التي وجد فيها الإنسان على هذه "البسيطة المعقدة"، فما كانت نشاطاته، الهادفة للسيطرة على الطبيعة، إلا عبارة عن عميلة جبارة من العصف والتحليق بالمتخيل.

أقوى الأدوات التي اخترعها الإنسان بما فيها الفأس، هو الاستقواء بالخيال على الواقع، كان اكتشافه نتيجة محتمة من أجل الوصول الى الحقيقة، اكتشاف خلق بطريقه الكثير من الخوارق المُتخيلة المتحكمة بالمصائر والسيرورات.

الغيب واسع ويعطي المجال فسيحا لرسم الصور، فأبحر به الإنسان مرة سابحا مع التيارات ومرة معاكسا لها، مرة كان البطل الممارس للقهر ومرة الضحية الساعية للخلاص من قهر ما.

حياة كاملة من البحث عن وسائل أكثر سهولة وواقعية، لكن الطريق إليها ما كانت تمر إلا من الخيال، الأفكار المطلقة، القوة الخارقة، الفكرة الشمولية، الأديان والأيدولوجيا، وجميعها أدوات للتيسير.. وكشفت في الطريق الى ذلك الهدف (التيسير) عن الكثير من العذابات.

في العودة للجذور، لا فرحة تعادل فرحة الإنسان عندما وجد الكهف فاستأوى به من العاصفة، ولا لذة تعادل ما استذاق في أول وجبة مشوية بالنار على حين مسغبة، ولا راحة تعادل راحته عندما وجد الطريق واستأنس بالهدي فيه بعد التيه والتخبط على غير هدى.

لكن خياله الواسع أخذه الى المدنية، وحلّق به ليمخر عباب السماء، وليغوص في أعماق المحيطات، ليبحث عن ضالته المفقودة التي تيسر له أموره وتريحه من مكابدة المعاول والأشغال الشاقة الأخرى، وما تبعها من تغير في العلاقات مع الأقران، دعته لتأجير قوته للآخرين.

أراد الراحة بأن تتحرك الأشياء من حوله من دون أن يجهد نفسه، فهو باحث عن الراحة بامتياز، ولا يقنع بما يحقق، بل انه دائما يظل يطلب المزيد.

تشكلت عقدته الجديدة القديمة، عندما شعر لأول مرة بترف الملل، لا يريد أن يخرج من كهفه في الصباح ويعود إليه بصيد في المساء، هنا بدأ الروتين والملل لأول مرة.

ماذا يريد؟

الراحة والسكينة لبنات شقيّات يلعبن بأفكاره، فيستقوي عليهن بإشعال الخيال، نعم... فكل ما نرى ونسمع محض اشتعال للخيال يحاول الإنسان من خلاله التخلص من اكتشافات وطّنته، وحصرت أعماله ضمن مسارات تقاس بالكم، ولم يعد يمتلك حريته الأولى بالسير دونما طرق تحدد مساراته.. انه الآن مسكون بالشوق للسير على غير هدى.

نيسان ـ نشر في 2016-03-10 الساعة 11:40

الكلمات الأكثر بحثاً