اتصل بنا
 

أعمى يقود بصيرا !!

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2016-03-10 الساعة 13:46

نيسان ـ

(أعمى يقود بصيرا !!) ألأصل هو عكس ذلك، ولكن المشهد العام الذي يعيشه الناس على هواهم من دون وازع من ضمير أو خلق وكأنهم لم يقرأوا قول الله تبارك وتعالى: (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرؤوف رحيم) وقال : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).

وقال صلى الله عليه وسلم: (مالي والدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل بظل شجرة ثم راح وتركها) ترى الناس وقد أخذتهم مباهج الحياة الغرور، وفيهم رجل أعمى، فاقد حبيبتيه، لكنه متقد البصيرة، لديه حس مرهف، ما يسمونه الحدس أو الحاسة السادسة، أخذ يصف لصاحبه البصير، إحساسه وفهمه لهذه الحياة الفانية، التي لا تساوي في نظر من يمتلك قلبا بصيرا زهرة السيجارة التي يعصرها بين أصبعيه من دون إدراك أنه سيحاسب حتى على هذه الزهرة التي دفع ثمنها من قوت أبنائه وأهله، وسيسأل عن ماله فيما أنفقه.

فيصف الأعمى، للمبصر العينين أعمى القلب ما يتخيله بحدسه وما يسمع به ممن حوله، الطبيعة بأشجاره الوارفة الخضرة وأنهارها ذات اللون الأزرق وسمائها الصافية المزينة بأقمارها ونجومها، وجمال وسر الغروب والشروق، وكأن لسانه يذكر صاحبه المدعي الإبصار بقول الله تعال: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) لا الذين ينفقون أوقاتهم وحياتهم في معاقرة أعمال السوء والمنكر، الباحثين عن قتل أوقاتهم وأنفسهم التي حرم الله إلا بالحق، كما يفعل أسلافهم غرب النهر المدافعين بأرواحهم ودمائهم، شيبا وشبانا رجالا ونساء عن بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي نام الناس من حوله عن صوت صرخاته وضرب خناجر بني صهيون في جنباته وخواصره، وهم في غفلة في محال الكوفي شوب والأراجيل، التي والله لو أنهم دفعوا بهذه الأموال التي ينفقونها في سبيل شياطينهم التي هي من صنع أعداء الأمة، لما كان حال أولاد القردة والخنازير كما نرى، ولكان حال أهلنا وإخوتنا غرب النهر أقوى وأشد بأسا في مواجهة أعداء الأمة. ولكنهم سكّروا وعموا وأصموا آذانهم، فلم يعودوا يروا قوافل الشهداء والأسرى من النساء والأطفال والشبوخ، ولم يروا كبار السن يسحلون في شوارع وأزقة القدس الشريف وعموم فلسطين، فهل جرب أحدهم أن يمسك بحجر ويرميه أمامه ويصغي سمعه ليعرف تأثير أحجار فلسطين في بني صهيون، التي هي بإذن الله حجارة من سجيل، يرمي بها أطفال وشباب الأقصى الشريف الذين ليس معهم إلا الله والقلة القليلة من أبناء هذه الأمة، التي طمس الأمريكان والأوروبيون ومسلسلات الأتراك على قلوبهم وأبصارهم أما بصائرهم فليست معهم.

ويقول صديقنا الضرير لصاحبه؛ انظر إلى الدنيا ببصيرتك لا ببصرك؛ قال تعالى: ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره). فكم من بصير أعمى وهو مبصر لكنه أعمى البصيرة، ولكن الضرير مبصر لأن بصيرته حية، يحس بها ما حوله.

ينتقل الأعمى إلى أن ينصح لصديقه بأن يعمل لآخرته أكثر مما يعمل لدنياه الفانية، ليسأله ؛ أنت بالأمس عملت كذا وكذا، وأنفقت مالا، وأضعت من وقتك وصحتك، فما نتيجة ذلك وتقويمه لديك إن كنت أمينا وصادقا مع نفسك. ولمن يقودون سياراتهم في الشوارع والأزقة على غير هدى، وعيونهم وعقولهم مقفلة اتقوا الله، وأبصروا قول الحق تبارك وتعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا). لمن ألقى السمع وهو بصير.

نيسان ـ نشر في 2016-03-10 الساعة 13:46

الكلمات الأكثر بحثاً