حقائق الملالي بعد سقوط الاقنعة
صافي الياسري
كاتب عراقي
نيسان ـ نشر في 2016-03-14 الساعة 11:18
ليس من قناع مهما تفنن صاحبه في حياكته قابل للديمومة والثبات ،فهو حتما سيتهرأ ويتساقط بالتقادم والانكشاف المتدرج ،فلابس القناع يعجز عن صيانته ابدا ،وتفضحه الحقائق التي لابد ان تتسرب عنه من شركائه والمتعاملين معه لابل حتى من زلات لسانه وتغير احواله ،المسؤولون الايرانيون في كل مراكزهم ومواقعهم في حقيقتم تيار من الفساد والفاسدين المتغانمية على حساب مقدرات الشعب الايراني فقد نشر موقع “تقاطع” أحد أهم المواقع الناطقة بالفارسية مقالاً للباحث والكاتب الإيراني مجيد محمدي، كشف فيه عن دور الحرس الثوري الإيراني في تجارة المخدرات.
وطرح الباحث عدداً من التساؤلات، منها هل الحرس الثوري بحاجة لتجارة المخدرات؟ وهل ثمة موانع عقائدية للحرس تحول دون قيامه بتجارة المخدرات؟ هل الحرس الثوري يمتلك الإمكانيات التي تؤهله للقيام بتجارة المخدرات؟ وأخيرا هل توجد أدلة وشواهد تكشف ضلوع الحرس في هذه التجارة القذرة؟
يشار إلى أن حجم تجارة المخدرات في إيران يبلغ مليارات الدولارات، وهذا ما كشفه نائب رئيس لجنة مكافحة المخدرات الإيراني في مقابلة له مع وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية “إيرنا” بتاريخ 7 يناير 2015، حيث أكد أن حجم تجارة المخدرات في البلاد يبلغ حوالي 3 مليارات دولار.
وحسب الباحث، فإن الحرس الثوري وقوات التعبئة، خاصة فيلق القدس بحاجة لمصادر مالية كبيرة لتنفيذ مختلف الخطط المكلفة في إيران والمنطقة، الأمر الذي يجعلنا لا نصدق أنه لا ضلوع لهم في هذه التجارة.. لاسيما أن أنشطة النظام الإيراني العسكرية ودعمه لنظام الأسد ولحزب الله والحوثيين والميليشيات الطائفية في العراق لم تتوقف رغم العقوبات الدولية، الأمر الذي يجعل الحرس الثوري يبحث عن مصادر مالية إضافية من قبيل الإتجار بالمخدرات، علاوة على الميزانية التي يقررها مجلس الشورى الإيراني.
ويشير الباحث في هذا الصدد إلى سيطرة الحرس الثوري وخاصة فيلق القدس على معظم سوق المواد المهربة في البلاد، ثم يتساءل كيف يمكن أن يغض الطرف عن الاتجار بالمخدرات المربح جدا في بلد يخضع بالكامل لهذا الجهاز العسكري، لذا لا يمكن أن تتم عمليات التهريب بهذه السهولة والانسيابية أمام أعين الحرس الثوري لولا الضوء الأخضر منه.
ويتساءل الباحث، عندما تقوم القوى اليسارية في أميركا اللاتينية وحركة طالبان في أفغانستان بالاستثمار في تجارة المخدرات، فما الذي يدفع تيارات شيعية تعيش في نفس الأجواء الى الابتعاد عن هذا الأمر؟
ويواصل “إن اليسار في أميركا اللاتينية يهرب المخدرات إلى الولايات المتحدة الأميركية بهدف تدمير الإمبريالية، لذا من الطبيعي أن يغض زملاؤهم الشيعة الطرف عن تهريب المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا عبر الأراضي الإيرانية، خاصة أن النظام الإيراني يشرع وقف العمل بالتوحيد، وبإقامة الصلاة لو اقتضت ضرورة حفظ وصيانة النظام عليه، ليس من الصعب الحصول على فتوى شرعية من المراجع تجيز الاتجار بالمخدرات، ومعلوم أن المراجع لم تحرم الأفيون كما لم تحرم المواد الصناعية المخدرة.
وحول الإمكانيات والقدرات التي تسهل للحرس الثوري الإيراني الضلوع في الاتجار بالمخدرات وتهريب أي بضاعة أخرى يشير المقال إلى امتلاك الحرس لموانئ وأرصفة بحرية غير مرخصة رسميا ولا تخضع لإشراف أي جهاز حكومي بالإضافة إلى أمن المطارات الإيرانية، مما يسمح له بالتصرف فيها بكل حرية كما ان للحرس الثوري شعب مختلف في كافة الحارات والجامعات والمدراس والمساجد والحسينيات والدوائر الحكومية، ويسيطر على الجبال والغابات والسهول والصحاري في إيران.
كما انتقل الباحث إلى شواهد على ضلوع الحرس الثوري في الاتجار بالمخدرات والتي وصفها بالعديدة، مستندا في ذلك إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين وإلى عناصر انشقت عن الحرس الثوري.
وبهذا الخصوص اعترف مدعي عام إيران الأسبق “دري نجف آبادي” في مقابلة له مع صحيفة “رسالت” الناطقة بالفارسية بتاريخ 2 أغسطس 2008 قائلا: “لو استمرت البلدان الغربية في تحدي إيران في مجال الطاقة الذرية،فان بإمكان إيران أن تسمح بعبور المواد المخدرة ليس عبر الأراضي الإيرانية بل عبر البحر ونقاط أخرى لأنه لا داعي لكي نكافح نحن تهريب المخدرات ونقدم الشهداء في الوقت الذي تزرع أفغانستان آلاف الهكتارات من خشخاش الأفيون”.
وهذه التصريحات تظهر بشكل جلي أن النظام الإيراني سمح بتهريب المخدرات عبر أراضيه إلى أوروبا التي استمرت في تحدي الملف النووي الإيراني هذا وكانت وزارة الخزانة الأميركية أدرجت اسم اللواء غلام رضا باغباني من كبار قادة فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني في قائمة الحظر بتهمة المشاركة في تهريب المخدرات، حسب إذاعة بي بي سي الناطقة بالفارسية في خبر لها بتاريخ 7 مارس 2012.
وفي 17 نوفمبر2011 كشف ضابط الحرس الثوري المنشق “سجاد حق بناه” في مقابلة له مع صحيفة تايمز أن الإتجار بالمخدرات وتهريبها أصبح أمرا منتشرا بين قادة الحرس الثوري في إيران، وأن البعض من هؤلاء القادة ضالع بشكل مباشر في ذلك.
ويقول سجاد حق بناه إن الحرس الثوري يستلم الأفيون المهرب من أفغانستان ويحوله إلى هيروين ومورفين في داخل إيران، ثم يقوم بتهريبه بمساعدة العصابات الإجرامية إلى مختلف أنحاء العالم.
ويضيف حق بناه حيث كان يعمل رئيسا لأمن المعلومات في الحرس الثوري قبل انشقاقه قائلا: “الحرس الثوري يستفيد في العمليات اللوجستية (لتهريب المخدرات) من شركات الملاحة البحرية والجوية الخاصة به، وبهذا يمتلك قدرات ميدانية غير محدودة.
وبلغ دور الحرس الثوري في تهريب المخدرات درجة أثارت احتجاج رئيس منظمة التفتيش العام الإيرانية مصطفى بور محمدي الذي أكد في مقابلة له مع صحيفة “تجارت فردا” في يناير 2013 بذلك فقال “مما لا شك فيه إن تهريب المخدرات بأي شكل من الأشكال خيانة للبشرية ولا فائدة ولا خير فيه لتقوم إحدى الأجهزة (الحرس الثوري) بممارسته فمن يفعل ذلك ومن يفكر في ذلك بدون أدنى شك فهو يضر البلاد وسوف لن نرى الخير والبركة ولا المنفعة من وراء ذلك”.
كما كشف تقرير غربي نشرته الديلي بيست عن حقائق مرعبه تجرم كبار قادة الحرس ، وتفضح ممارسات خفيت عن أعين العالم عموماً، والإيرانيين خاصةً، حول تعاون الحرس الإيراني مع رجال أعمال إيرانيين لخرق العقوبات الاقتصادية التي فرضت على ايران الملالي .
ومن أجل ستر تلك الفضائح، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني، يوم الأحد 6 مارس (آذار) الجاري عن الحكم بإعدام الملياردير، بابك زانزاني، وشريكين آخرين له، مهدي شمس البريطاني الإيراني الأصل، والإيراني فلاح هيرافي.
وذكر التقرير أنه 'خلال السنوات الأخيرة، برزت فضيحة عدت بمثابة أهم القضايا الناتجة عن العقوبات الدولية ضد إيران والمناخ الاقتصادي الذي أفرزته. فقد التف زنزاني وشريكاه، وبمباركة الحكومة الإيرانية، مراراً على العقوبات، وباعوا نفطاً إيرانياً لدول حول العالم، وأعاد ثمن مبيعاته إلى الاقتصاد الإيراني. ولكن هؤلاء الأشخاص جنوا أيضاً أرباحاً هائلة لحسابهم، واتهموا بخداع الحكومة وسرقة ما يقدر بـ 2,2 مليار دولار'.
ويشير التقرير إلى أنه 'عند وصول قضية زنزاني وشريكيه إلى المحكمة، كرر الملياردير ادعاءه بأنه وشريكاه تعاونوا مع أجهزة أمنية واقتصادية إيرانية من أجل المساعدة في التوصل لحلول بعض أشد الصعوبات التي شكلتها العقوبات'.
وبحسب ما نقل التقرير، توصلت المحكمة إلى أدلة تثبت بأن زنزاني وشمس وهيرافي متورطون في ممارسة 'الفساد على الأرض'. ووفقاً للمادة 286 من قانون العقوبات الإيراني، يعاقب بالإعدام كل من يثبت دوره في' نشر الفساد أو تعكير الأمن او النظام العام للدولة: سواء من خلال تدمير الاقتصاد أو نشر الفساد الأخلاقي أو الاقتصادي.
وفي الجولة الأولى من القضية، والتي انتهت في 3 أكتوبر(تشرين الأول)2015، أورد مساعد المحامي العام عن طهران، عدة شواهد بشأن تهم ضد زنزاني، من ضمنها 'إحداث خلل في الاقتصاد الإيراني، والنصب على شركة النفط الوطنية الإيرانية، وغسيل أموال، ونشر الأكاذيب'. ونتيجة لذلك، اقترح النائب العام لطهران توجيه تهمة 'الفساد في الأرض' لزنزاني.
ولفت إلى ترؤس القاضي سيء الصيت في المحكمة الثورية، عبد الحسن سالفاتي، لقضية زنزاني، وهو المشهور دولياً بخرقه المتواصل لحقوق الإنسان.
كما أشار التقرير إلى وضع اسم سالفاتي، في عام 2011، ضمن قائمة الشخصيات الإيرانية التي تفرض عليها العقوبات الدولية لعلاقته بتلك التجاوزات. ولكونه من الأشخاص الذين اشتهروا في إيران وكان دوماً تحت أعين الناس، فقد جاء تعيينه للحكم في قضية زنزاني كوسيلة لإثبات قوة القضاء، ولاتخاذ موقف حاسم في أحد أشهر قضايا الفساد في إيران.
وهناك من زعم بأنه لزنزاني علاقة بأكثر من 209 ملفاً، وأهمها قضايا غسيل أموال. ويقال أن الرجل اختلس حوالي 2,2 مليار دولار، وهي قيمة دين لشركة النفط الوطنية الإيرانية، حيث رفض تسديدها.
ووفقاً لما ورد في صفحة إيران وَير على فيس بوك، أشار أحدهم لوجود وجهين للفضيحة، وأنه من المثير للسخرية الاقتصار على معاقبة شخص باع بضاعة بشكل غير قانوني، دون محاكمة ومساءلة من شاركوا في عمليات البيع والتربح والغش والسرقة من خلال شراء تلك البضاعة.
وأشار التقرير إلى أنه ارتبط بقضية زنزاني عدد من المسؤولين الرفيعي المستوى في حكومة الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، ومعهم مسؤولون أمنيون كبار، ومن الحرس الإيراني. وتأكد أن هؤلاء منحوا زنزاني الإذن لعقد صفقات تجارية، وخرق العقوبات الاقتصادية.
ويقال إن 'زنزاني تمتع بنفوذ هائل إبان عهد أحمدي نجاد، ولدرجة أنه، وفي 27 يونيو(حزيران) 2012، أجاز ثلاثة وزراء إيرانيين(للنفط والاقتصاد والصناعة والمعادن)، لزنزاني متابعة صفقاته المالية، ووفروا له الفرص لتوسيع نشاطاته التجارية، ولدعم مؤسسات حكومية'.