اتصل بنا
 

دروس

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2016-03-15 الساعة 13:03

نيسان ـ

دروس كثيرة تعلمتها خلال السنوات الماضية. بعضها ارتبط بإدراك الأولويات الحقيقية للناس، والاستماع إليهم دون ضجيج أو صراخ يصدر عن مدعى امتلاك الحق الحصرى للحديث باسمهم. فغير صحيح أن الأغلبية الفقيرة ومحدودة الدخل فى مصر تكترث فقط بالهموم المعيشية والمطالب الاقتصادية والاجتماعية المشروعة، كما يدعى الرسميون وخدمة السلطان الذين يتحدثون باسم الناس. بل الصائب هو أن الأغلبية تهتم أيضا بصون كرامة الإنسان وصون حقوقه وحرياته، وأن الكثير من الناس ينتفضون حين تقترب المظالم والانتهاكات من الأهل أو الجيران أو الأصدقاء أو الزملاء. دون ذلك، ما كانت مدينة الأقصر لتنتفض بعد سقوط مواطن ضحية لجريمة تعذيب مفضى إلى القتل ارتكبتها عناصر شرطية، وما كان حى الدرب الأحمر لينتفض بعد تورط شرطى فى قتل مواطن خارج القانون.

دروس أخرى ارتبطت بالتمييز بين الجادين فى الدفاع عن الحقوق والحريات، وبين حملة أختام ديمقراطية زائفة ممن يمتنعون عن التضامن مع ضحايا المظالم والانتهاكات ما لم تكن ممارسة التضامن مأمونة العواقب أو ممن ينتظرون فى المساحات الخلفية للفضاء العام إلى أن يصبح إنكار القمع والظلم عبثا خالصا وأمرا مستهجنا من قبل عموم المواطنين فتتعالى أصواتهم مدعية ديمومة دفاعهم عن الحقوق والحريات وصدارتهم لمساعى الانتصار للمظلومين وجبر الضرر عن الضحايا.

خلال السنوات الماضية، مر علينا فى مصر العديد من الأحداث المفزعة التى انتهك بها حق الناس المقدس فى الحياة، من ماسبيرو إلى محمد محمود ومن مجلس الوزراء إلى الاتحادية. وخلال السنوات الماضية، خضبت دماء الأبرياء اماكن كثيرة.

وإزاء هذه الأحداث، ومسئوليتها تقع إما على السلطات الرسمية أو على جماعات عنف وإرهاب، صمت حملة أختام الديمقراطية الزائفة تارة بسبب تبعيتهم للحكم ،او موالاتهم لجماعة تخلط بين الدين والسياسة وتبحث فى الجوهر عن سلطوية بديلة. صمتوا، ولم يشرعوا فى الدفاع عن الحقوق والحريات المهدرة إلا حين أصبح الإنكار ممارسة مذمومة، كما بشأن ماسبيرو ومحمد محمود والاتحادية.

دروس ثالثة تعلمتها فى معرض المعاناة من حملات الاغتيال المعنوى ومن موجات المزايدة على الأفكار والآراء إن باسم ديمقراطية زائفة أو وطنية زائفة أيضا. وفحوى هذه الدروس هى أن القيمة الأخلاقية والإنسانية للفرد منا لا تذهب بها لا افتراءات ولا شائعات، طالما واصلنا الدفاع عن مبادئنا وقناعاتنا بوضوح وعلانية وقاومنا الخوف الذى تورثنا إياه ممارسات القمع والظلم التى تحاصرنا. كذلك، وعلى مدى زمنى لا ينظر به المرء تحت قدميه فقط، لا تقلل موجات المزايدة أبدا من مصداقية الأفكار والآراء التى تطرح بإخلاص دفاعا عن ديمقراطية جادة وعن مصالح الوطن المرتبطة حتما بشيوع العدل والمساواة كما الحق والحرية.

باختصار، لأن المزايدين سرعان ما تكشفهم تناقضات مواقفهم (نقدس الحرية فى مصر وسوريا ونصمت عنها فى البحرين واليمن والسعودية، نوجه الكثير من الانتقادات إلى السلطة الحاكمة فى مصر ثم نتعاون معها لكى يطول أمدها)، وسرعان ما يكتشف الناس ضحالة ضجيجهم وصراخهم إذا ما قورنا بتماسك الأفكار والآراء المستندة إلى ديمقراطية غير زائفة ووطنية رشيدة (بضاعة المزايدين هى دوما تسفيه الآخر أو ابتزازه عاطفيا، ولا يمكن لأى منهما أن يعمر طويلا).

الشروق

نيسان ـ نشر في 2016-03-15 الساعة 13:03

الكلمات الأكثر بحثاً