عبدالهادي المجالي: ايران لم ترتق إلى مستوى دولة
نيسان ـ نشر في 2016-03-19 الساعة 14:18
أعده للنشر نانسي الشروف
وصف المهندس عبد الهادي المجالي، رئيس مجلس النواب الأردني الأسبق، إيران بأنها لم تنتقل بعد إلى حيز الدولة و قال إن الحرس الثوري يمتلك صلاحيات وموازنات، ويستطيع العمل في كل مكان، ولم تصل إيران بعد إلى مستوى الدولة، وانتقد دورها في تخريب سوريا.
وتالياً تفاصيل الحوار مع عبد الهادي المجالي الذي تطرّق إلى الوضع في سوريا ومخاطر تأثر الأردن بما يجري على مرمى حجر من أراضيها في العراق وسوريا.
هل أنت مع تدخل عربي عسكري لإنهاء الأزمة في سوريا؟
الوضع معقد في سوريا ومركب، والحلول تجاوزها الزمن، وكان الخطأ في عدم وضع حلول خلال الشهور الأولى من قبل النظامين السوري والعربي.
مع مرور خمس سنوات تعقد الملف أكثر، والتداخل فيه أصبح رهيباً. أنا أؤمن بالحل السلمي.. وكنت أقول دائماً إن الأزمة السورية بحاجة إلى طرف ثالث محايد. الآن أصبح الأمر في سوريا صراعاً دولياً أميركياً روسياً وأوروبياً، وكما أصبحت إقليمياً.
الانتصارات من أي طرف لن تكون عاملاً مساعداً للحل من أي طرف، لنفرض أن النظام انتصر، هل يستطيع أن يحكم سوريا بعد خمس سنوات من التدمير، وبعد الضحايا، وبشاعة الحرب؟ هل يعقل أن تحكم الأطراف نفسها في سوريا؟ من الصعب ذلك. بل حتى من المعارضة .. أما الشعب فهو حي وناضج، ويريد دولة مدنية تضم جميع المكونات. إذا وجد طرف ثالث يمثل هذا التوجه الحقيقي، وليست لديه نية الانتقام من النظام، ولا من المعارضة، فمن الممكن لهذا الطرف أن يقوى ويصبح هو الحل أو الطريق الثالث.
هل من السهولة أن نجد الطرف الثالث الذي تتحدث عنه؟
المظاهرات التي حدثت بالآلاف، لا بد أن يكون من بينهم عناصر كبيرة تريد التغيير، وتريد التقدم للأمام بفكر جديد بديل، لكنهم مغلوبون على أمرهم حتى الآن.
في الستة شهور الأولى لم تستطع الأطراف جميعها حل الأزمة، لماذا؟
لم يتوقع أحد أن تتطور الأمور إلى هذه الدرجة. لم أكن أتوقع أن تضع روسيا ثقلاً ضخماً جداً في سوريا، لم يكن متوقعاً أن تعطى المعارضة هذا الدعم الكبير.
لم يكن عند أحد هذا التصور بأن الأطراف كلها في المنطقة والعالم لها مصلحة ويد في سوريا.
كيف تصف الدور الإيراني في سوريا؟
إيران لها الدور الأكبر في التدخل. لكن دعني أقول إن سوريا اتجهت لإيران قبل هذه الأحداث، لأنها لم تجد من يدعمها، كان هناك فترة انعزالية ضد سوريا.
أنت ترى أن لا مستقبل لبشار الأسد؟
أنا لا أقول ذلك من منطق عسكري، بل مدني. من الممكن أن يبقى النظام، لكن كيف سيحكم شخص بلداً بعد كل هذا الدم والدمار والكراهية، هل من الممكن أن يبقى ويستمر؟ ذلك صعب.
تأثّر الأردن
ما هي المخاطر التي قد تؤثر في الأردن من الجنوب السوري؟
الأردن يتأثر بما يجري حوله من تحديات، خاصة في سوريا والعراق، لكن خلال عشرات السنين بنى الأردن نفسه بناءً قوياً، والدفاع عن الوطن أولوية في سياسته، وكان التركيز على احترافية القوات المسلحة وأجهزة الأمن، وتوسعها من دون التأثر بالمعطيات الموجودة، كان عاملاً كبيراً لجعل الأردن آمناً نوعاً ما، على حدوده.
ليس من مصلحتنا أن يكون على حدودنا أي تنظيم أو دولة، معادية لنا.
الخطر المتوقع أن يكون لهذه المنظمات دور على الحدود، ويكون جزء منه المغامرة في التدخل على الحدود الأردنية.
انتبه الأردن لهذا الموضوع مبكراً، ونحن قادرون على صد أية محاولة من هذا النوع. ولا أرى أن علينا خطراً من سوريا، والصراع الموجود في الجنوب، كما يقولون من أن عناصر التنظيمات وجبهة النصرة و “داعش” تقدمت على الحدود وأن علينا القلق. نحن نقلق، لكن لا نخشى ذلك، ولا نخافه، فمثلاً كانت هذه التنظيمات في الرطبة على الحدود العراقية لفترة طويلة.
هذا من حيث النصرة و “داعش”.. ماذا عن الميليشيات الإيرانية وحزب الله الإرهابي؟
من الصعب اختراق الجبهة الأردنية لعمل امتداد لحزب الله، لانه لاتتوفر فيه حاضنة، يمكن أن تعتمدد عليها هذه الجهات.
ما هي أقصى مخاوفك في الأزمة السورية؟
مخاوفي من الداخل، لا أخاف خارجياً، فجيشنا قوي، ولديه احتراف عالٍ.
نحن نخشى من تنظيمات الحركات الثورية التي لها حواضن ووجود في المجتمعات العربية والإسلامية، وكانت هذه التنظيمات تعالج من قبل القيادة الأردنية بالحكمة، ومن الممكن أن تنفجر هذه الحواضن بدعم من تنظيمات أخرى سواء داعش أو النصرة.
ما سبب توفر هذه الحاضنة؟
جزء من أسبابها هو الوضع الاقتصادي، إضافة إلى أعداد اللاجئين الضخمة على حساب لقمة عيشه.
هذه المجموعات تشعر بالخوف من القيام بأي عمل، لمعرفتها بقدرة الشعب الأردني على حماية نفسه.
الوضع شرقاً
هناك جبهة ساخنة في الأنبار وهذا تزامن مع الهدنة في سوريا.. هل ترى أن هناك محاولات دولية للحل في كل المنطقة وليست سوريا وحدها أو العراق وحده؟
يوجد صفقات شاملة في العراق وسوريا واليمن.. ويخطط لتنفيذ هذه الصفقات بهدوء.
فتنظيم داعش الإرهابي كان أداة من أدوات الغرب. فقد شكل عدواً له، بعد أن غذوا فهم روح الكراهية والعنف، من هنا دعم “داعش” لتنفيذ أغراض وأهداف سياسية. والآن انتهى دوره. وبدأت عمليات حقيقية لطرده، بعد ان انتهى دورهم . وسيبقى لهم دور سيئ في المستقبل كما كان للقاعدة.
إذن، لا مستقبل لإيران في العراق؟
بالتأكيد، فالهدف من تدمير العراق انتهى، ويحتاج العراق إلى سنين حتى يعود ويرجع إمكاناته وهذا الحال ينطبق على سوريا.
التصرّفات الإيرانية
لماذا تصر إيران على تصدير الثورة؟
نعم، هي كذلك، وبما أن الحرس الثوري يمتلك صلاحيات وموازنات، ويستطيع أن يعمل في كل مكان، ولم تصل بعد إلى درجة الدولة. و لو كانت لإيران دولة فستحترم جيرانها وتعتمد الحوار في علاقاتها. ولا تنشئ نفوذاً بواسطة العمل العسكري. فالدول تريد أن تحقق النفوذ داخل المجتمعات لكن ليس عن طريق الإرهاب والسلاح، بل عن طريق عصري متقدم .
تقسيم سوريا
يقال إنّ الأميركيين يتحايلون على الأكراد رغم علاقتهم الوطيدة معهم ولن يوافقوا على إقامة دولة لهم؟
لا مصلحة لأميركا بإقامة دولة كردية، لأنها ستأخذ من العراق وإيران وتركيا وسوريا، وحتى تنفذ أميركا ذلك ستشكل عداءً مع كل هذه الدول وليست لها مصلحة.
أما ولاية لها استقلال نوعي مثل كردستان، فهذا ممكن لكن تحت خيمة الدولة العراقية، بأن تصبح ولاية جنوب سوريا سُنّة تحت حكم فيدرالي، ويصبح فيها نوع من الاستقلال المحلي، هم يعملون على هذا الأساس... هذا التوجه موجود وضد هذا التوجه داعش، لذلك يجب أن يقضوا عليه، اعتقد أنه خلال سنة ونصف السنة ستحل هذه القضايا.
أما عراقياً، فهناك حملة ضخمة ضد النفوذ الإيراني ستقوى مع الزمن، عند الانتهاء من مشكلة داعش والأنبار وتعود هذه المناطق التي لا تزال حاضنة للتطرف.
ينشأ الآن تيار ثالث لا يعبر عن الشيعة أو السنة، فقط عراقيون، بحيث لا مستقبل لإيران في العراق.
الاقتصاد وارتفاع الدين أخطر الملفات المحلية
قال رئيس المجلس النيابي الأسبق في الأردن إنّ الوضع الاقتصادي في بلاده يزداد تعقيداً مع ارتفاع الدين العام، منتقداً الفرق الاقتصادية التي تدير اقتصاد المملكة.
ولدى سؤاله عن مخاوفه في الملفات الأردنية الداخلية المحلية، قال المجالي إنّ «أخطر ملف هو الاقتصاد، فهو سيئ ويسوء. محاولات الدولة كلها لتحسين الوضع الاقتصادي لم تنجح للأسف».
وأضاف: «نحن ننظر للنتائج.. الفقر زاد، والبطالة كذلك، والعجز في الموازنة كبير، والدين العام وصل إلى 90 في المئة خلافاً للقانون والدستور الذي ينص على عدم تجاوز الدين العام 65%، ذلك يزيد على الشعب الأردني أعباء الدين في المستقبل».
ورداً على سؤال: ما تفسيرك بأن لنا إدارة مهمة وفاعلة أمنياً لكن لدينا عثرات في الإدارة الاقتصادية؟ قال المجالي إنّ «المشكلة في أن الفرق الاقتصادية التي تحكم مع الأسف تدعي أنها قوية لكنها ضعيفة، نحن منذ سنوات نتراجع. نحن علمنا الناس الإدارة لكننا نعاني. فالإدارة في تراجع، نحن في منتهى السوء بالحكم الإداري والاقتصادي».
وشدّد على أنّ «نهج الملك عبدالله إصلاحي، بدليل محاضراته ودوراته النّقاشية، لكن مع الأسف توجد نخبة لا تنفذ نهج وتوجهات الملك، الأفكار المتقدمة كلها تحدث عنها الملك، ولكن على أرض الواقع ليس هناك تطبيق لهذا النهج، لأن هناك نخباً تحول دون ذلك لمصالح شخصية».