القطيع

نيسان ـ

.

دخلت على دائرة الكاتب العدل، كان فيه شباكين فاضيين، شباك عنده مراجع واحد، وشباك عنده 3 مراجعين، واكثر من 5 شبابيك عندهم الناس أزمة، وزحمة كثير.

وقفت عند اول شباك، مكتوب عنده اعلان: اعتبارا من تاريخ كذا سوف يتم اصدار عدم محكومية باللغة الانجليزية. صيغة الاعلان مش واضحة، ان هالاعلان مجرد اعلام الناس ان بتقدروا تقطعوا شهادة عدم محكومية بالانجليزي، او ارشادهم ان هالشباكين بس للانجليزي.

فإذا بالشب المراجع الواقف عنده بقول: بدك ياها عربي والا انجليزي؟ قلت عربي، فقال: هون والشباك الثاني بس للانجليزي.

رجعت لورا، وصفنت اتفرج ع الناس وافكر، مهو بقولوا عدم المحكومية بدقايق بتكون جاهزة، كيف كل هالأمة هون، وبدها تجهز بدقايق، والله ساعتين ما بتجهز.

ظليت واقف مقهور، بسولف بحالي حوالي 5 دقايق: مش معقول طول اليوم تظل هالبنت قاعدة عشان 5 مراجعين، كيف بده يكون راتبها حلال اذا هالحكي صحيح !

ولما شوفت نفس الشب قال لناس غيري نفس الحكي، رحت على البنت من مبدأ اتعب لسانك ولا تتعب تفكيرك، وقلت: لو سمحتي بدي طلب عدم محكومية بالعربي.

اعطيتها الهوية، واعطتني طلب بنص دقيقة، طلعت بوجهي على المحاسب وانا ملخوم، والله مدووش، ليش وكيف هالناس كلها بتزاحم، وعاملين أزمة ع باقي الشبابيك، وفيه شباكين فاضيين.

حاسبت، ورحت ع ادارة المعلومات الجنائية، وكملت شغلي عندهم بدقيقتين. رجعت على كاتب العدل لاوخذ الشهادة، كان شباك البنت بعده فاضي، اعطيتها الطلب لتجهزها.

وأنا واقف عندها اجى شب ومعه مرته، فسألني: هون بنوخذ الطلب. قلتله: اه. قال: بس انا بدي اياها بالعربي، قلت: عادي، بتمشيكوا.

وانا بسولف مع الشب وإن البنت بتقول لزميلتها: عندي موعد ع الساعه وحدة ونص، وبدي اطلع فقلتلها: بالله تمشي هالجماعة قبل تطلعي.

جحرتني، اكلتني بعيونها، وكأنها بتحكيلي منين الله جابك لتدل الناس علي، ماني كنت مرتاحة، وقاعدة ع الفيس.

المهم بعد دقايق اعطتني شهادة عدم المحكومية وطلعت بضحك، وخلصت معاملتي بعشرين دقيقة، كنت خايف أظل ساعتين من الأزمة اللي شوفتها، وما بلوم البنت، ولا الموظف ع الشباك اللي جنبها ع الأزمة، لأن فعلا انا ما شوفتهم ببعثوا الناس لشبابيك ثانية.

لكن أيقنت، طالما فيه ناس بتقبل تعيش مثل القطيع بدون تفكير بأبسط الأمور، بدنا نستنى عقدين، وثلاث، واربعة حتى نفهم معنى كرامتنا، ومعنى انسانيتنا.