اتصل بنا
 

تصفية العصابة التي قتلت جوليو ريجيني ؟!

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2016-03-25 الساعة 19:12

نيسان ـ

أعلنت وزارة الداخلية اليوم أن معلومات تجمعت لدى أجهزة البحث والتحرى، أشارت إلى تورط أفراد تشكيل عصابي فى عديد من جرائم السرقة بالإكراه، خاصة من الأجانب والسياح وأن هذا التشكيل العصابي ينتحل صفة ضباط شرطة أثناء ارتكابه لجرائمه ، وأنه على ضوء تلك المعلومات تحركت حملة أمنية مكبرة ، شاركت فيها القوات الخاصة وتشكيلات قتالية والأمن الوطني بالتنسيق مع الأمن العام، وفور وصول القوات إلى منطقة منتجع النخيل بالتجمع الخامس، بادر الجناة إلى إطلاق النيران صوب القوات، فبادلتهم إطلاق الرصاص من داخل ميكروباص أجرة يحمل أرقام (ق.ف.ر. 871) مما أسفر عن مقتلهم جميعًا.

هذا هو القدر المقطوع به في بيان الداخلية الصحيح ، ولكن صحفا عديدة نشرت معلومات إضافية للخبر منسوبة إلى ما أسمته "مصدر مسئول" بوزارة الداخلية ، تقول أن من بين الجرائم التي ارتكبها هذا التشكيل العصابي سرقة وقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، الذى عثر على جثته مقتولا فى صحراء أكتوبر بالجيزة فى بدايات شهر فبراير الماضى ، ولا أعرف دقة هذا النقل عن المصدر المشار إليه ، وإن كنت أتمنى أن يكون كلاما غير دقيق أو غير صحيح ، لأن الرواية على النحو المطروح محرجة للغاية وتثير الشكوك أكثر مما تعطي إجابات فيما يخص قضية الباحث الإيطالي المغدور جوليو ريجيني .

والحقيقة أنه بدون أي ربط رسمي بين الحادثة وبين جريمة مقتل الباحث الإيطالي ، فإن جميع من علقوا على الخبر ربطوا بين المسألتين بصورة فيها قدر كبير من الشك ، خاصة أن مفردات الواقعة : انتحال صفة ضباط ، تخصص خطف الأجانب وسرقتهم ، تصفية المجموعة بالكامل ، تتيح المجال أمام كل من يسيء الظن ، لكي يتصور أن هذا التفسير محاولة لتحميل دم ريجيني على هذا التشكيل العصابي الذي تم إفناؤه بالكامل ، وبالتالي لا مجال للتحقيق مع أحد منهم من أي جهة ، وبهذا يمكن القول أن ملف ريجيني قد تم دفنه مع هؤلاء الخمسة الذين قامت الحملة الأمنية بتصفيتهم . لا أتصور أن الداخلية تقدم هذه الرواية بذلك الربط المكشوف ، وأغلب الظن أنه اجتهاد من تلك الصحف أو المواقع ، وأن القدر المتيقن من الرواية أن هناك تشكيلا عصابيا نجحت قوات الأمن في الوصول إليه وحدث اشتباك قتلوا فيه ، بدون ربط بين الواقعة وبين أي واقعة أخرى ، وإن كانت حكاية "التصفية" المتكررة الآن أصبحت لافتة للنظر وتحتاج إلى مراجعة نظرا لخطورتها وعلامات الاستفهام الكثيرة التي تلاحقها مؤخرا .

ملف الباحث الإيطالي خطير بالفعل ، وواضح أنه ضاغط بقوة على عصب الدولة في أكثر من جهاز ووزارة ، واليوم كان هناك اجتماع للجنة برلمانية خاصة لإعداد رد رسمي على البرلمان الأوربي الذي حمل الحكومة المصرية المسئولية ضمنيا عن اغتيال ريجيني ، وحضرت قيادات من وزارة الخارجية لهذا الاجتماع ، كما أن الحوار الذي أجراه الرئيس عبد الفتاح السيسي مع صحيفة إيطالية شهيرة كان هذا الموضوع ـ بداهة ـ محورا أساسيا في المواجهة ، وحاول الرئيس التهرب منه بالحديث عن مواطن مصري مختف في إيطاليا أيضا ، يعني واحدة بواحدة ، وهو كلام استفز الصحيفة التي نشرت الحوار ووصفت فيه الرئيس بوصفه "الجنرال" وليس الرئيس ، ثلاث مرات ، وهو لفظ شديد السلبية بطبيعة الحال في المخيال الغربي ، كما أتى البيان الغاضب من البرلمان الأوربي ليضيف سخونة وتوترا على الحادثة ، وقد تعامل معه رئيس البرلمان المصري بطريقة سطحية ولا تليق ببرلمان دولة يتحمل مسئولياته أمام العالم .

لا أعرف ما هي الرواية التي سيقدمها البرلمان المصري للعالم عن واقعة اختطاف ريجيني وتعذيبه وقتله ، ولكن المؤكد أن تلك الواقعة تضغط بقوة على أجهزة الدولة المصرية كافة ، وأن صاحب القرار السياسي يبحث بإلحاح عن رد مقنع ينهي به هذا الملف الخطير ، لكن يبدو أن التوتر والضغط والاستعجال يجعل الجميع يتصرف بطريقة تضر أكثر مما تنفع وتثير الشكوك أكثر مما تبعث على الثقة .

المصريون

نيسان ـ نشر في 2016-03-25 الساعة 19:12

الكلمات الأكثر بحثاً