بغداد تسقط للمرة الثانية .. عمليات 2016 تحديث لنسخة 2003 .. وعوائل السياسيين العراقيين تصل الأردن وتركيا في هروب جماعي من المنطقة الخضراء
نيسان ـ نشر في 2016-03-25 الساعة 21:03
لقمان إسكندر
ما زالت تصريحات المسؤولين الأمريكيين غامضة حيال طبيعة وعدد القوات الأمريكية التي ستحتل العراق للمرة الثانية بهدف القضاء على تنظيم داعش.
إن التحرك الأمريكي لا يشي أنه يتعلق بالدواعش فقط، بل بمستقبل العراق برمته، في سياق مشروع أمريكي للمنطقة يتعلق بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، وستكون الجائزة النهائية فيه "لبنان ومصر".
لقد سلمت أمريكا العراق لإيران ضمن اتفاقات ثنائية سرية وعلنية، لكن الحرب الدائرة في سوريا ومآلاتها جعلت واشنطن تنظر الى المسألة اليوم بعيون أخرى.
بالتأكيد لن تكون العين الأمريكية نادمة على ما فعلته في العراق وإزهاقها لأرواح الملايين هناك قتلا وإصابة وتشريدا، ثم تسليمها الحقيبة العراقية كلها الى الإيرانيين. لكن واشنطن فيما يبدو تعمل اليوم على إجراء عمليات (تحديث) لنسختها 2003 من احتلال العراق، البالية التي لم تعد تخدم المصالح الأمريكية، وصار مطلوبا وجود نسخة 2016م للاحتلال.
هذا ما فهمه سياسيو العراق الذين حملتهم الدبابات الأمريكية عام 2003م، فسجلت عمليات هروب جماعية لعوائلهم تباعا الى (الشقيقة) إيران، لكن وبعد أن (حمّرت) أمريكيا عينها وظهر أن الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي وما تخلله من بنود سرية يطفوا اليوم على السطح، أعلن في بغداد عن هروب أكثر من 220 مسؤولاً وبرلمانياً عراقياً إلى خارج بلاهم خلال 48 ساعة الماضية.
وكانت غادرت - وفق إحصاءات مطار بغداد - أكثر من 350 عائلة – نحو 1400 شخص بينهم أطفال ونساء، العراق خلال الأيام الأخيرة، وجميعهم أقارب لمسؤولين ونواب عراقيين.
ووفق إحصاءات المطار، فإن غالبية الحجوزات على الخطوط العراقية وخطوط أخرى، لمسؤولين عراقيين وعائلاتهم ومقربين منهم، توجهوا بالفعل إلى الأردن وتركيا.
لقد أصيب سياسيون وبرلمانيون عراقيون بالذعر وهم يرون وجود طبخة جديدة تعد للعراق، فتبخرت عوائلهم من معظم الوحدات السكنية والمناطق الترفيهية، في المنطقة الخضراء.
إن بغداد تكاد تخلو من سياسييها الذين حكموها مع المحتلين بعد عام 2003 فمن يديرها إذن؟ إنها أمريكا التي حكمت العراق طوال 13 سنة عجاف، رغم أنها نحت بعيدا عن الصورة قليلا.
المفارقة أن خصوم العملية السياسية العراقية جميعهم، سيشعرون بالارتياح من التدخل الأمريكي، لكنه شعور يشبه (الحمل الكاذب) فأمريكا لم تأت عام 2003 إلا لتنفيذ أهدافها ولا تعود 2016 إلا للغاية ذاتها.
وفي هذا السياق يمكن فهم التراجع الإيراني الروسي في سوريا والعراق، وذلك لإفساح المجال للتحرك الأمريكي من أجل أنجاز مشروعه.
عراقيا، لا نعلم بالضبط ما اذا كان ما يجرى يدخل في إطار الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي بأن تعود طهران لموقعها في العراق بعد الاحتلال الأمريكي الثاني لبغداد.
إنها سمات الحرب المعاصرة، حرب سرية رغم كل ضجيجها، وضحاياها. نحن اليوم نشهد حربا طاحنة في بغداد، بالحد الادنى من التغطية الاعلامية عكس ما جرى 2003 وبموازاة ذلك نشهد مثيل لهذه الحرب في سوريا .. حقا كما قال العم سام: الشهر المقبل قد يسجل نهاية لتنظيم داعش، لكن ستكون أمريكا مجددا مخطئة إذا ظنت أن الدواعش سينتهون، فرحم الظلام الأمريكي ما زال قادرا على إنجاب المزيد.