اتصل بنا
 

اليقظة السياسية للشعوب العربية

اعلامي مصري يعمل في قناة الجزيرة

نيسان ـ نشر في 2016-03-30 الساعة 11:46

نيسان ـ

رغم الصورة المحبطة التي تعم العالم العربي إلا أنه من المؤكد أننا نعيش مرحلة يقظة سياسية غير مسبوقة تنذر بنهاية حقبة ما بعد الاحتلال المباشر لبلادنا والذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا ودول أخرى خرجت شكليا من بلادنا لكنها بقيت تتحكم في الأنظمة التي خلفتها طوال العقود الماضية،

ومع جمود تلك الأنظمة في أدائها وغمطها لحق الشعوب في المشاركة السياسية وغياب العدل الاجتماعي وتفشي الفساد والاستبداد لكن مع التطور التكنولوجي الهائل الذي قرب المسافات بين الناس وجعل التواصل الاجتماعي أقوى من تأثير وسائل إعلام تلك الأنظمة التي كانت تحتكر الخبر والمعلومة على مدى عقود طويلة،

ومع غلبة الشباب في تعداد السكان في المنطقة العربية وطموحهم في تغيير تلك الأنظمة جاءت ثورات الربيع العربي التي اندلعت في عام 2011 في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن لتنقل اليقظة من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الفعل والمواجهة،

ولأن الأنظمة المستبدة كانت متجذرة في قاع المجتمعات والأنظمة العربية فما كان لهبات شعبية تفتقد الرؤية والمشروع والقيادة أن تقتلعها من جذورها في أول مواجهة لذلك بعد أن انحنت الدولة الفاسدة في البداية للعواصف الشعبية كما حدث في مصر وتونس ثم استعادة الكرة مرة أخرى وسيطرت على الدولة أو دخلت في حروب مباشرة مع الشعب كما حدث في سوريا واليمن،

لكن ما حدث الآن ليس سوى جولة من جولات مراحل اليقظة السياسية التي لم تتوقف عن المواجهة مع أنظمة ما بعد الاحتلال طوال العقود التي سبقت ثورات الربيع العربي لكنها كانت مواجهات قائمة على مطالب جزئية لكن المطالب الواضحة التي وضعت تحت لافتة «الشعب يريد إسقاط النظام» أتت بها ثورات الربيع العربي لتنهي أي فرصة للمصالحة أو التوافق مع الأنظمة الفاسدة،

ورغم تمكن هذه الأنظمة من التواصل مع أنظمة الاحتلال التي صنعتها إلا أن معادلة حرص إسرائيل على بقاء هذه الأنظمة لخدمة مشروعها وعمل اللوبي الإسرائيلي في أوروبا والولايات المتحدة على توفير الدعم السياسي والاقتصادي لهذه الأنظمة ربما يساهم في تمديد عمرها لكنه لن يساعد على الإطلاق على بقائها لأسباب عديدة من أهمها أن الذين يقودون ثورات الربيع العربي الآن في مرحلتها الثانية أغلبهم من الشباب والشباب يعني المستقبل والتمرد والتعليم والتكنولوجيا والطموح مع العلم أن الشباب يشكل ثلثي عدد السكان في المنطقة العربية،

الأمر الثاني هو إفلاس تلك الأنظمة المستبدة وعجزها عن الإمساك بزمام الأمور مرة أخرى أو تقديم الحلول للمشاكل المتفاقمة، لذلك فإن الأمل في بقاء اليقظة السياسية للشعوب واستمراريتها وتطورها،

لقد كسر حاجز الخوف وهذا أكبر انتصار حققته الشعوب في مرحلتها الثورية الأولى وطالما كسر الخوف فإن التغيير قادم والقيد سوف ينكسر عما قريب.

الوطن

نيسان ـ نشر في 2016-03-30 الساعة 11:46

الكلمات الأكثر بحثاً