اتصل بنا
 

ندوة حوارية بمناسبة مئوية الثورة العربية الكبرى في السلط

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2016-03-30 الساعة 14:43

x
نيسان ـ

قال المؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي انه "بعد مائة عام على انطلاقة الثورة العربية الكبرى علينا ان نقرأ تاريخها من الجوانب السياسية والاجتماعية والعسكرية بصفتها نهضة امة ارادت تحرير الارض والانسان، وكان لها اهداف تأسيس الدولة العربية المستقلة ذات السيادة، ومن هنا انطلقت جيوشها الثلاثة بقيادة انجال الشريف الحسين بن علي، علي وفيصل وعبدالله وزيد".
واضاف المجالي في الندوة الحوارية التي جرت في غرفة تجارة السلط مساء امس، ان الثورة العربية الكبرى انطلقت في العاشر من حزيران 1916 بعد ان وضع المتنورون العرب اسسها الفكرية، واختاروا الشريف الحسين بن علي قائدا لنهضتهم لمكانته الدينية والتاريخية، وبعد انجاز وإنهاء المراسلات الشهيرة بين الشريف الحسين ومكماهون التي نظمت العلاقات العربية البريطانية.
وأوضحت هذه المراسلات العلاقة العسكرية مع ضمانات بتحقيق اهداف العرب، ولكن كان هناك مخططات اخرى تستهدف تقسيم الارض العربية كمناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا، ثم اتبعت بوعد بلفور ومن بعدها بصك الانتداب، وشكل كل ذلك عقبات بوجه مخطط الثورة العربية لتحقيق اهدافها، خاصة ان الشريف الحسين في كل مراسلاته كان يؤكد على وحدة الارض العربية وعدم استثناء اية قطعة خاصة فيما يتعلق بالقدس وفلسطين.
وخاضت جيوش الثورة العربية الكبرى معارك عديدة في مسارح الحجاز وبلاد الاردن وفي الساحة السورية، وحقق الجيش العربي النصر في معظمها، وتمكن الامير فيصل من دخول دمشق في الثاني من تشرين الاول من عام 1918م، لتبدأ مرحلة الدولة العربية الحقيقية التي وضعت الدستور واصدرت العملات الورقية ورفعت راية الثورة العربية الكبرى التي اضيف اليها النجمة السباعية في يوم اعلان الاستقلال في 8 آذار 1920.
ولكن هذا كان ضد اطماع فرنسا في الارض العربية خاصة في لبنان، من هنا كان انذار غورو للملك فيصل بحل الجيش ووقف العملة والغاء التجنيد الاجباري، ثم كان العمل العسكري الفرنسي؛ فكانت معركة ميسلون في الرابع والعشرين من تموز من عام 1920.
وأشار الى ان الثورة العربية الكبرى تميزت بأنها ثورة العرب جميعهم، وسعت لتحقيق اهداف سامية بعد عهد طويل من التغييب، وبعد مائة عام نشعر اننا بحاجة الى ديمومة البحث فيها والتعريف بها بسبب قيمتها خاصة في ظل الظروف الحالية التي رغم كل الاحداث من حولنا فإننا نحن الاردنيين ننعم بالأمن والاستقرار بفضل اجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة، وبفضل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني سليل آل البيت وحامل لواء الثورة العربية الكبرى.
وبين رئيس رابطة الكتاب الدكتور محمد العطيات ان الثورة تعد اول حركة قومية تحررية قام بها العرب في العصور الحديثة، فبعد اربعة قرون من الحكم العثماني سادت الفوضى وتفشت الامية وغاب الامن وانقطعت البلاد العربية عن النهضة الاوروبية ونبتت فكرة في اذهان المثقفين والمستنيرين بعد ان كانت الامية تشكل 98 بالمائة بعد هيمنة عقلية التتريك، وما رافقها من عدم الاهتمام بعوامل التنمية المتمثلة بعدم فتح المدارس وتغييب العدل.
وظهرت بوادر الثورة في الاردن وسميت آنذاك ثورة الكرك عام 1910 اعتراضا على الاجراءات التي كانت قائمة، من فرض للضرائب وتجنيد الشباب للزج بهم في الحروب التركية، فتجمع الثوار بقيادة الشريف حسين بن علي عازمين على التخلص من الظلم والاستبداد الواقع على الامة العربية.
وكان القوميون العرب في دمشق أسَّسوا جمعياتهم القومية، مثل جمعية الفتاة سنة 1909 مقابل "تركيا الفتاة"، وكان لهم جمعيات أخرى كـ (القحطانية) التي تجمّع فيها الضباط العرب في دمشق، وبادر القوميون العرب وأرسلوا إلى الحسين عن استعدادهم للتحرك في دمشق.
وعندها أرسل الحسين ابنه فيصل إلى دمشق، فالتقى بأولئك الرجال واتفق معهم على قيام الثورة بقيادة والده، وكان الهدف ممَّا سُمَّي بميثاق دمشق، تأسيس دولة عربية واحدة من جبال طوروس إلى البحر العربي ومن البحر الأحمر حتى الخليج العربي يكون الشريف حسين رئيسها.
واكتشف الحسين خطة والي المدينة (المنورة) لاعتقاله، فزاده الأمر تصميماً على الثورة، وأرسل ابنه الأكبر عبد الله إلى الإنكليز في مصر، ومن ثم بدأت مفاوضات ومراسلات الحسين ـ مكماهون سنة 1916، التي تمَّ الاتفاق فيها على قيام ثورة على الاتراك تدعمها بريطانيا وتعترف باستقلالها وتحميها، وتمدُّها بالمال والسلاح وكان ذلك في سبيل هدف مشترك تمثَّل في الوقوف ضد الأتراك حلفاء الألمان في الحرب العالمية الأولى التي كانت قد اشتعلت سنة 1914 بين ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى.
وأخذت بريطانيا ترسل المال والسلاح على قدرٍ لا يجعل للعرب قوةً فعلية، لكن بما يكفي لدحر الأتراك بدعم من الجيش البريطاني الذي سيدخل من مصر إلى فلسطين ثم إلى الشام سنة 1917 و1918، ونقلت الأسرى العرب والضباط إلى الحجاز، إذ كان الجنود العرب يَفرُّون من جيوش الأتراك ويلتحقون بقوات الحسين.
من جهته قال رئيس بلدية السلط المهندس خالد الخشمان اننا نتطلع الى احتفالاتنا بمئوية الثورة لتمدنا بالعزم والتصميم لمزيد من الانجاز والقدرة على التنافس وفتح الطريق امام الكفاءات الاردنية لنسير جنبا الى جنب مع القيادة الهاشمية في الوصول بالأردن الى القمة والرهان كبير على الاردنيين.
وأشار الى ان قيام الثورة بقيادة الشريف الحسين بن علي وضعت الاردن على خارطة الطريق الصحيح منذ بداية القرن الماضي حين بايع العرب قائد الثورة العربية الكبرى ووضعوا على عاتقه مسؤولية قيادة العرب وتحقيق الأماني القومية التي تعيش في وجدان كل عربي حر وهي أماني الحرية والوحدة والاستقلال، وهي المسؤولية النابعة من المنزلة الدينية العالية التي كان يتمتع بها الأشراف في التاريخ العربي والإسلامي والمنزلة النبيلة لهذه الأسرة الهاشمية المنتمية إلى الرسول الكريم وأحفاده الكرام.
وقال رئيس غرفة تجارة السلط اننا نستقرئ بارتياح الصفحة البيضاء الخالدة للهاشميين في كتاب التاريخ الذي سطروه بدمائهم وتضحياتهم.
وأشار الى ان الحسين بن علي مفجر الثورة كان سديد الرأي ثاقب النظرة، وكانت مصالح أمته تغلب على كل اعتبار لديه، ولقد أبرزت ثورته النظام العربي وأظهرت القضية العربية إلى حيز الوجود في ميدان السياسة العالمية وكرست الشرعية والأماني العربية وحققت تقرير المصير وأقامت دولة عربية تشمل المناطق التي كانت تخضع للدولة العثمانية وأعادت إلى الأذهان معطيات التاريخ القومي والعربي الذي تلاشى مع سقوط الخلافة العباسية.
وبين ان الحسين بن علي ضرب مثالا مشرفا عندما رفض التخلي عن مبادئه طيلة حياته فنفي مرتين إلى اسطنبول لمدة خمسة عشر عاما لمعارضته الشديدة لسياسة الظلم والتعسف وجباية الأموال الطائلة من الحجاج في الحجاز، والثانية إلى قبرص رافضا بكل إباء وشمم جميع المغريات البريطانية.
واكد ان هذا اليوم يمثل منعطفا خطيرا في تاريخ العرب الحديث، فالثورة لم تكن ثورة رجل واحد أو قبيلة أو قطر بل كانت ثورة شعب بأسره، وسرعان ما أحرزت الثورة انتصارات أعادت للعرب روح الثقة بالنفس أكثر من أي وقت مضى انتصارات معنوية عظيمة، ومن هذا المنطلق كانت الثورة العربية الكبرى بمثابة الثورة الأم التي دفعت العرب إلى الوقوف بوجه الاستعمار فيما بعد والإصرار على الحياة الكريمة والوحدة والحرية والاستقلال

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2016-03-30 الساعة 14:43

الكلمات الأكثر بحثاً