اتصل بنا
 

حقوق الإنسان.. خطر النفس القصير

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2016-04-03 الساعة 11:49

نيسان ـ

هل نعرف على وجه التحديد مصير هشام جعفر وحسام السيد؟ هل نعرف على وجه التحديد مصير عمرو على؟ هل نعرف على وجه التحديد مصير الدكتور طاهر مختار والطالبين حسام الدين حماد وأحمد حسن؟ هل نعرف على وجه التحديد أوضاع المسلوبة حريتهم فى سجن العقرب من الذين أضربوا عن الطعام احتجاجا على المعاملة غير الإنسانية من المحامى عصام سلطان إلى الدكتور أحمد سعيد؟

الإجابة هى لا. وعلى الرغم منها توقفت حملات التضامن المعنوى معهم وحملات الدفاع العلنى عن إنسانيتهم وعن حقوقهم وحرياتهم، وصمتت أغلبية الأصوات التى تعالت لتوعية الرأى العام بخطورة تجاهل الظلم الذى يعانونه والقمع الذى يتعرضون له.

قد يرتبط أمر توقف الحملات وصمت الأصوات بالتلاحق السريع للمظالم والانتهاكات التى تسقط بانتظام ضحايا جدد يستحقون هم أيضا التضامن.

قد يرتبط الأمر باستنزاف طاقات المدافعين عن الحقوق والحريات فى سياقات تبتعد عن أوضاع المسلوبة حريتهم والقابعين وراء الأسوار، سياقات كالضغوط الحكومية المتصاعدة على منظمات المجتمع المدنى .

قد يرتبط الأمر بالتقلبات السريعة التى ترد على اهتمامات مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى، وتجعلهم دائمى الانتقال بجهودهم التضامنية من ضحايا الأمس البعيد إلى ضحايا الأمس القريب، ومن المظاليم غير المعروفين للرأى العام أو المعروفين على نحو محدود إلى الضحايا المعلومة أسماؤهم للكافة. بل إن تقلبات شبكات التواصل الاجتماعى (وهذه الشبكات تقدم اليوم وإزاء السيطرة الحكومية على الإعلام التقليدى مساحة رئيسية للدفاع عن الحقوق والحريات) باتت تحدد أولويات بعض أصحاب الرأى الحر الذين يسارعون إلى التضامن العلنى مع الضحايا الذين يتصدرون تفضيلات مستخدمى فيسبوك وتويتر، بينما يتجاهلون ضحايا آخرين ليس للتضامن معهم أن يجلب معدلات تداول عالية.

قد يرتبط أمر توقف حملات التضامن مع هشام جعفر وحسام السيد وعمرو على وطاهر مختار وغيرهم بتلك العوامل، وقد تكون هى أو غيرها المتسببة فى صمت أصوات الدفاع عن إنسانية من أضربوا عن الطعام فى سجن العقرب. غير أن المؤكد هو أن مرتكبى المظالم والانتهاكات هم المستفيد الأول من ذلك، من النفس القصير للمدافعين عن الحقوق والحريات.

يستطيع الحكم فى مصر، دون مخاطرة كبيرة، أن يفترض أن التضامن مع الضحايا مآله أن يخبو سريعا، وأن المطالبة برفع الظلم تتحرك فى دورات زمنية قصيرة من اسم إلى اسم ومن مجموعة إلى مجموعة، وأن كثيرين من ضحايا الأمس البعيد يتوالى سقوطهم من على قوائم «من ينبغى التضامن معهم» ويستمر تهميشهم حتى يختفون تماما من وعى المدافعين عن الحقوق والحريات.

النفس الطويل والذاكرة الجماعية الحية وعدم الاستسلام «لموضات» شبكات التواصل الاجتماعى، جميعها شروط جوهرية للتضامن الحقيقى مع ضحايا الظلم والانتهاكات. دعونا نرفع كلفة القمع بحملات تضامن طويلة المدى تمزج بين الدفاع عن ضحايا الأمس البعيد والقريب.

الشروق

نيسان ـ نشر في 2016-04-03 الساعة 11:49

الكلمات الأكثر بحثاً