اتصل بنا
 

وثائق سرية: خيوط شبكة ملياري دولار تؤدي إلى ...بوتين

نيسان ـ نشر في 2016-04-04 الساعة 10:54

x
نيسان ـ

تطرّقت صحيفة غارديان البريطانية الى مجموعة من الوثائق التي فسرت الثراء الفائق للدائرة المقرّبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وعلى الرغم من أنّ إسم الأخير لا يظهر في هذه السجّلات، تفيد البيانات بوجود نمط معين – إذ امتلك أصدقاؤه الملايين من صفقات يبدو أنّها لم تكن لتؤمّن لولا رعايته. واقترحت الوثائق أن عائلة بوتين استفادت من هذه الأموال.

وتشكل الملفات جزءاً غير مسبوق من ملايين الأوراق المسربة من قاعدة البيانات لـ"موساك فونسيكا" رابع أضخم شركة محاماة حول العالم. وتكشف كيف أن الاغنياء والأقوياء قادرون على استغلال الأنظمة الضريبية الخارجية بطرق متعددة.

وتبدأ الدرب الخارجية من بنما منطلقة بسرعة الى روسيا وسويسرا وقبرص، وتضم منتجع تزلج خاصاً حيث تزوجت إبنة بوتين الصغرى سنة 2013.

رولدوجين ... الموسيقي والعرّاب والمصرفي

وتضيء وثائق بنما على سيرغي رولدوجين الصديق الأقرب الى بوتين والذي عرّفه الى المرأة التي تزوجها، ليودميلا، وصار لاحقاً عرّاب ابنته الكبرى ماريا.

ورولدوجين، عازف موسيقى محترف، راكم ثروة بعدما عيّن مراقباً على مجموعة من الأصول تساوي على الأقل 100 مليون دولار. وكان قد نفى لمسؤولي مصارف في سويسرا ولوكسمبورغ أنّه مقرّب من أيّ شخصية عامة في روسيا كما نفى أنّه رجل أعمال. ومع ذلك تكشف الوثائق أنّه يملك %12.5 كحصة من كبرى وكالات الاعلان التلفزيوني في روسيا التي تقدر عائداتها بأكثر من مليار ومئة مليون دولار أمريكي. وكانت ملكيته هذه في غاية السرّية سابقاً.

وعُرض عليه سرّاً خيار شراء حصة صغيرة في شركة كاماز المصنّعة للآليات العسكرية. ويملك رولدوجين 3.2% من مصرف "بنك روسيا" الخاص، الذي يقع في سانت بطرسبرج والمحسوب على بوتين. وفرضت عقوبات أمريكية على ذاك المصرف، بعد اجتياح روسيا لشرق أوكرانيا سنة 2014.

كوفالشوك وقروض غير مضمونة بالمليارات

يرأس "بنك روسيا" يوري كوفالشوك، الذي تعتبره أمريكا المصرفي الخاص لعدد من المسؤولين الحكوميين الروس ومن بينهم بوتين. وكشفت الوثائق أن كوفالشوك وبنك روسيا أنجزا تحويلاً مقداره مليار دولار على الأقل الى شركة أنشئت خصّيصاً في الخارج "ساندالوود كونتينانتل". أتت هذه الأموال من مسلسل ضخم لقروض غير مضمونة من المصرف التجاري الروسي الخاضع للسلطة المركزية والواقع في قبرص، بالإضافة الى مصارف أخرى تابعة للدولة. ولا تفسير في الملفات عن سبب موافقة المصارف على توسيع خطوط الإئتمان غير التقليدية. وأعيد بعض الأموال التي حصل عليها المصرف التجاري الروسي الى روسيا مع معدّلات فوائد مرتفعة جداً، ومن ثمّ تسربت الأرباح الى حسابات سويسرية سرّيّة.

يخت بالملايين وقروض رخيصة أيضاً

وقامت ساندالوود بشراء يخت بستة ملايين دولار، حيث أرسل الى مرفأ قرب سانت بطرسبرج. وتم تسليم الأموال الى دائرة بوتين، هذه المرة على شاكلة قروض رخيصة بلا ضمانة وبفائدة منخفضة تصل الى 1%، بدون معرفة ما إذا أعيد دفع أي قرض منها.

الحلقة أقفلت

وفي سنتي 2010 و2011 عقدت ساندالوود ثلاثة قروض بحوالي 11.3 مليون دولار أمريكي الى شركة في الخارج تدعى أوزون، التي تملك منتجع إيغورا للتزلج الذي يقصده بوتين غالباً في منطقة لينينغراد. تعود ملكية أوزون الى كوفالشوك والى شركة قبرصية.

وبعد 18 شهراً على القروض، استخدم الرئيس الروسي المنتجع لزفاف كاترينا التي تزوّجت كيريل شامالوف، إبن صديق قديم لبوتين. ولم تخرج اخبار الاحتفال الذي تمّ بعيداً عن عدسات الكاميرا، إلى العلن إلا سنة 2015.

شراكات وهمية واستشارات غامضة ...

وتم الحصول على السجلّات من قبل مصدر مجهول في الصحيفة الألمانية "سودتشه تسايتونغ" ونشرها الإتحاد الدولي للصحفيين المحققين مع "الغارديان" وهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي". وتكشف السجلات عن عدد آخر من المناورات التي نفذتها دائرة بوتين من أجل نقل الأموال الى الخارج. ولكن لا شيء غير شرعي في استخدام الشركات الخارجية، وإن تكن المعاملات على ما يبدو تتضمن عقود شراكة وهمية مع حصص تم التداول بها بشكل رجعي.

مئات الملايين تساوي دولاراً واحداً

وسنة 2011 قامت شركة لرولدوجين بشراء حقوق قرض بمئتي مليون دولار مقابل دولار واحد فقط. "هذه ليست أعمالاً، هذه هي خلق لمظاهر الأعمال بهدف التحرك باستمرار وإخفاء الأصول" قال لل "بي بي سي"، أندرو ميتشل كيو سي، المتخصص في مكافحة تبييض الأموال.

وأحاطت هذه الجدران من السرية الصفقات الخارجية حيث أرسل الفريق العامل في "بنك روسيا" في سانت بطرسبرج جميع تعليماتهم الى وسيط خاص، هي شركة من المحامين السويسريين في زوريخ.

بوتين لا يملك ثروة ... بنفسه

بدورهم ساهم المحامون السويسريون في مساعدة موساك فونسيكا على إنشاء شركات وهميّة، وتسجيلها في جزر العذراء البريطانية مع تعيين مديرين صوريين لها من بنما لتوقيع الموافقة على الصفقات.

واستمرت التكهنات بشأن ثروة بوتين الشخصية حوالي عقد من الزمن، بعد صدور تقارير سنة 2007 تفيد بأنها تساوي 40 مليار دولار. وسنة 2010 أفادت قنوات ديبلوماسية بأنّ بوتين يدير ثروته عبر وكلاء له، وأن الرئيس لم يكن يملك أيّ شيء رسمياً بحسب المصادر نفسها، لكنّه كان قادراً على الاعتماد على ثروة أصدقائه، الذين يسيطرون على موارد وصناعة النفط والغاز بكاملها.

أصدقاء بوتين أصبحوا عصبيين

وبعدما سيطرت روسيا على القرم، فرض البيت الأبيض عقوبات على أفراد من الدائرة المقربة من بوتين، من بينهم كوفالشوك. وأبرزت أوراق بنما أن مجموعة بوتين أصبحت عصبية لأسباب غير واضحة بعد أكتوبر(تشرين الأول) 2012. وأقفلت ساندالوود ونقلت عمليّاتها الى شركة خارجية أخرى تدعى "أوف فايننشال كورب" في جزر العذراء البريطانية.

جريمة غامضة

وتعود ملكية إحدى الشركات المرتبطة ب"أوف فايننشال كورب" الى ميخائيل ليسين وزير الاعلام الروسي السابق الذي أسس قناة "روسيا اليوم" لكن لم تعد له أي حظوة في ما بعد، ووُجد مقتولاً في ظروف غامضة في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي داخل فندق في واشنطن، من جرّاء ضرب حاد على رأسه.

رولدوجين يرفض التعليق

وعندما سئل رولدوجين الأسبوع الماضي عن الشركات الخارجية المرتبطة به قال :"لأكون صادقاً لست مستعدّاً لإعطاء تعليقات الآن ... هذه مسائل حساسة. كنت متعلّقاً بهذه القضية منذ فترة طويلة. قبل البيريسترويكا. لقد حصلت ... وبدأت تكبر وحدثت أمور مماثلة. بيت الموسيقى (في سانت بطرسبرج) مدعوم من هذا المال". ورفض رولدوغين التعليق على مزيد من الأسئلة المكتوبة.

ومن بين المقربين من بوتين الذين يعملون في شركات خارجية، صديقه منذ ثلاثين عاماً، تاجر النفط غينادي تيمشنكو الذي فرضت عليه أمريكا عقوبات ماليّة سنة 2014. وفي لائحة المقربين أيضاً شريكاه السابقان في الجودو أركادي وبوريس روتنبرغ، الثنائي المليارديريّ الذي يعمل في قطاع البناء، بالاضافة الى أحد مالكي فريق أرسنال الانكليزي لكرة القدم أليشر أوسمانوف.

بيسكوف يتهم الغرب

ورفض الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف التعليق على الموضوع قائلاً إن وكالات الغرب الإستخبارية كانت وراء "الهجوم المعلوماتي" ضد بوتين من أجل زعزعة روسيا قبل الإنتخابات. ورفض بيسكوف التحقيق الذي أجرته غارديان لأنه "مكشوف وعمل مدفوع ومبتذل"، معتبراً أنّ روسيا تملك "وسائل قانونية" للدفاع عن كرامة بوتين وشرفه.

وقالت الباحثة في العلوم السياسية كارين داويشا إنّه من غير المعقول إمتلاك أصدقاء بوتين للثروة بدون رعايته. "هو يأخذ ما يريد. عندما تكون رئيس روسيا، لا تحتاج الى عقد مكتوب. أنت القانون".

نيسان ـ نشر في 2016-04-04 الساعة 10:54

الكلمات الأكثر بحثاً