اتصل بنا
 

عودة العنصرية

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2016-04-04 الساعة 13:20

نيسان ـ

فى ٢٠١٦، نجد أنفسنا أمام مجتمعات غربية تنتخب بها مجموعات سكانية كبيرة أحزاب وحركات يمينية متطرفة، ويتعاطف بها كثيرون مع ديماجوجيين كدونالد ترامب وينجذبون إلى خطاب كراهية الآخر والتمييز ضد الأجانب الذى يروجونه.

تخبرنا استطلاعات تفضيلات الناخبين وقياسات الرأى العام بكون غضب الشرائح الوسطى والشرائح محدودة الدخل هو العامل الرئيسى فى اندفاعها يمينا. وتخبرنا أيضا بكون الغضب يعود إلى عوامل مختلفة: ١ــ تزايد معدلات تركز الثروة فى المجتمعات الغربية واتساع الفجوات الفاصلة بين الأقليات الغنية والأغلبيات متوسطة ومحدودة الدخل. ٢ــ فقدان الثقة فى النخب السياسية التقليدية التى تراكمت فضائح فسادها وتشابكت علاقاتها بالنخب الاقتصادية والمالية على نحو قلل من قدرتها تنفيذ سياسات عامة تخدم مصالح الأغلبيات. ٣ــ التحديات المرتبطة بالهجرة غير الشرعية واللجوء والعمالة الوافدة التى صنعت منها الأحزاب المتطرفة وصنع منها الديماجوجيون أزمات وجودية واقترحوا كعلاج وحيد إغلاق أبواب المجتمعات الغربية فى وجه من باتوا يصنفون كغرباء.

غير أن الغضب لا يكفى لتفسير الاندفاع يمينا، والقبول الشعبى المتزايد لمقولات لا شىء بها سوى الجنون؛ لنبنى الأسوار حول حدودنا، لنرحل جميع المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين المتسللين، لتطلق عناصر الشرطة النار على كل من يحاول التسلل عبر حدودنا، لنمنع دخول العرب والمسلمين إلى بلادنا، وغيرها.

أغلب الظن أن الاندفاع يمينا ترتبه عنصرية لم تندثر تماما من المجتمعات الغربية. هى عنصرية بعض الأمريكيين ذوى الأصول الأوروبية باتجاه ذوى الأصول الإفريقية الذين يسكن أحدهم فى البيت الأبيض منذ سنوات ويشعل غضب العنصريين بصورة يومية، عنصريتهم ضد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أمريكا الوسطى والجنوبية الذين يريدون إعادتهم إلى بلادهم على الرغم من كونهم يسهمون بكثافة فى النشاط الاقتصادى ويسدون الكثير من ثغرات سوق العمل، عنصريتهم إزاء العرب والمسلمين الذين يصنفون جماعيا كمصدر خطر وتهديد.

هى عنصرية البعض فى المجتمعات الأوروبية باتجاه العمالة الوافدة التى تصور ظلما كمسئولة عن معدلات البطالة المرتفعة بين أهل البلاد «الأصليين»، عنصريتهم ضد المهاجرين غير الشرعيين والباحثين عن اللجوء الآمن على الرغم من كون هؤلاء لا يزاحمون المواطنين على وظائف أو مواقع عمل، عنصريتهم إزاء العرب والمسلمين الذين باتوا يقرنون إعلاميا بوحشية داعش ودمويتها وجنونها.

ليس غضب الأغلبيات فقط هو سبب الاندفاع يمينا، بل هى أيضا العنصرية المقيتة التى تعود بقوة إلى واجهة مجتمعات لم تبرأ منها بالكامل.

الشروق

نيسان ـ نشر في 2016-04-04 الساعة 13:20

الكلمات الأكثر بحثاً