اتصل بنا
 

أبو الراغب و (وثائق بنما) .. 

نيسان ـ نشر في 2016-04-05 الساعة 12:05

x
نيسان ـ

محمد قبيلات ..

برصد سريع لردود فعل الدول حيال "وثائق بنما" نلاحظ أنها انقسمت إلى ثلاثة أقسام:

1- الدول الأوروبية التي سارع مسؤولوها إلى الإعلان عن فتح تحقيق، ففي بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، نماذج، أُعلن فيها عن فتح تحقيق في صحة علاقة مسؤوليها بما أوردته الوثائق، وأيسلندا أعلنت إجراء انتخابات مبكرة.

2- دول العالم الثاني مثل روسيا والصين وباكستان سارع المسؤولون هناك إلى النفي.

واعتبرت القصة كلها في إطار "المؤامرة" التي تهدف إلى الإساءة للمسؤولين.

3- دول العالم الثالث مثل الدول العربية التي لاذت بالصمت، فكأنما حط طير على الرؤوس، حيث ساد الصمت الرسمي في معظم الدول العربية، ولم يتم التعليق على هذه الأخبار، بل إن مشهدا ساخرا وقع، ففي صباح أمس سارعت وسائل إعلام عربية رسمية، من دولة خليجية بالنيل من دولة خليجية أخرى، لأن أسماء مسؤوليها وردت في الوثائق. لكن؛ ما هي إلا ساعات قليلة حتى غابت الشمس ليتكشف عن تورط أسماء وازنة لمسؤولين في الدولة الخليجية الأولى في القصة. هنا وقع الجميع في ورطة.

لقد تضمنت تحقيقات صحافية استقصائية تستند إلى 11.5 مليون وثيقة، لم يكشف إلا عن القليل منها والقليل جدا. لكن قليلها بدا كثيرا لنا، ولعل القابل أكثر "أكشن"، فقد أشارت الوثائق إلى اسم رئيس الوزراء الأسبق ــ علي أبو الراغب ــ الذي قالت الأوراق انه أدار شركات "أوف شور" في جزر فيرجن البريطانية، كما امتلك شركات أخرى في سيشل.

وفي 2003 أي قبل استقالته من رئاسة الوزراء - حسب الوثائق ذاتها - أصبح أبو الراغب وزوجته يسرى مديرين لشركة "جار انفستمنت" في جزر فيرجن أيضا.

هذا لا يُدين علي ابو الراغب، فالتعاملات المالية من خلال شركات "أوف شور" لا تعتبر غير قانونية بحد ذاتها، لكن علينا اتخاذ الموقف ذاته الذي اتخذته الدول الأوروبية المتحضرة. وفي الأحوال كلها، ما سبق يبرر طرح الأسئلة حول؛ ما الذي يدفع مسؤولًا حكوميا بارزا لامتلاك مثل هذه الشركات خارج بلاده، في حال ثبتت صحة الوثائق.

التحقيقيات الصحافية - سربت من مكتب المحاماة "موساك فونسيكا"- وكشفت عن شبكة من التعاملات المالية السرية. وتُعد الشركة، بطلة هذه التسريبات، هي رابع أكبر شركة في العالم لتوفير خدمات الشركات الوهمية، فقد أسست وأدارت أكثر من 300 ألف شركة.

يعمل مكتب "موساك فونسيكا" في مجال الخدمات القانونية منذ أربعين عاما، وأظهرت أوراقه المسربة تورط مساعدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأقارب للرئيس الصيني شي جينبينغ، وعشرات السياسيين على مستوى العالم، وعدد من مشاهير السينما والرياضة والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وعن الطريقة التي تدير بها هذه الشركة الأعمال، صممت صحيفة الغارديان فيديو يشرح كيفية إخفاء مليار دولار أو تدويرها بشكل طبيعي!

الأمر قد يبدو مستحيلًا وسط التشديدات الدولية على حركة الأموال، لكن الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين فعل ذلك عن طريق صديقه سيرغي رولدوغين.

لقد قام بوتين بتكليف شركة موساك فونسيكا، عن طريق بنك روسي يديره صديق آخر له، بتأسيس شركات باسم رولدوغين في الجزر البريطانية وغيرها من الملاذات الضريبية الآمنة، ثم قامت "موساك فونسيكا" بتحويل الأموال إلى تلك الشركات الوهمية، النتيجة أنه أصبح لديه مليار دولار نظيفة!

تقوم بعد ذلك موساك فونسيكا بتحويل الأموال إلى الطرف المستفيد أو لأية جهة يحددها المالك، كما حصل عندما دفعت إحدى هذه الشركات ملايين الدولارات لمنتجع تزلج في سويسرا، حيث أقامت ابنة بوتين حفل زواجها.

شخصيات عربية أيضا ورد ذكرها في هذه الوثائق، من بينها أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ، والرئيس السوداني الأسبق أحمد علي الميرغني، ونائب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء الأسبق إياد علّاوي. وما زال تساقط حبات المسبحة في أوله.

كما أظهرت المعلومات المسربة ارتباط شركات سرية بعائلات كل من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، والعقيد الليبي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد.

هذا الشكل من الشركات يمكن استخدامه لإخفاء أصول عن هيئات الضرائب، وتبييض أموال مصدرها نشاطات غير قانونية، أو إخفاء ثروة تم الحصول عليها بشكل غير شرعي.

ما هو الدرس المستفاد من "أوراق بنما".

الدرس المستفاد من "أوراق بنما" وقبلها وثائق "ويكيليكس"، أنه ما عادت هناك من ملاذات آمنة للسياسيين المتورطين بمعاملات مالية غير قانونية، ولعل آلية كشف الوثائق ستشكل أداة رقابية جديدة.

كما أنها تعزز أهمية حرية الحصول على المعلومات ونشرها، ما ينتج عنه بالضرورة الحد من الطرق غير الشرعية التي تشكل مخابئ وممرات آمنة للفساد والتهرب الضريبي.

نيسان ـ نشر في 2016-04-05 الساعة 12:05

الكلمات الأكثر بحثاً