اتصل بنا
 

دولة أول نيسان !

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2016-04-06 الساعة 12:59

نيسان ـ

هل بالغ كاريكاتور جريدة "الشرق الأوسط" عندما ربط بين الدولة اللبنانية وكذبة نيسان؟
قبل الرد على هذا السؤال، يتعيّن ان يكون واضحاً ان المقصود من ذلك الربط، لم يكن يعني رمز كرامة اللبنانيين جميعاً أي العلم اللبناني، بل الدولة اللبنانية وكان إسمها واضحاً تماماً في الصورة، ويتعين بالتالي الإفتراض ان الذين إقتحموا مكاتب الصحيفة، اساؤوا فهم هذا الربط وجاء فهمهم غوغائياً تماماً مثل تصرفهم الكيفي غير المسؤول وغير المقبول الذي تمثّل بالدخول العنفي الى مكاتب الصحيفة، ونحن في بلد يرفع راية حرية الإعلام والرأي.
والسؤال: هل كثير القول بأن الدولة اللبنانية باتت مثل كذبة نيسان؟
لا ليس كثيراً على الإطلاق لأن اللبنانيين مفجوعون جميعاً بدولة غائبة عن الوعي وباتت في خبر كان، وأيضاً لأن الذين اقتحموا مكاتب "الشرق الأوسط" قالوا ويقولون فيها ما هو أكثر بكثير وأسوأ من كذبة نيسان، ولعلها في رأي جميع مواطنيها تقريباً تلك الكذبة التي باتت تتكرر ٣٦٥ يوماً في السنة!
بماذا لم تصبح هذه الدولة الغائبة المغيّبة كذبة، بموضوع النفايات الذي جعل من لبنان مزبلة العالم أم بموضوع الكهرباء أو الماء أو بالفساد المتوحش، أم بالمواضيع الوطنية المصيرية ونحن نعيش في بلد بلا سلطة تشريعية وبلا رئيس للجمهورية وبلا سلطة تنفيذية تقريباً، ثم أولم يقل رئيس الوزراء تمام سلام مُحقاً ان عندنا نفايات سياسية كما عندنا نفايات منزلية، أولم يسمع الذين إقتحموا مكاتب الصحيفة هذا الكلام أولم يقولوا هم في الدولة الفاشلة ويكتبوا على جدران بيروت ما هو أسوأ بكثير من تعبير كذبة نيسان ؟
وعندما تقفل قناة "العربية" مكتبها في بيروت وتعلن ان ذلك يأتي حرصاً على سلامة العاملين فيه، ويقول السفير السعودي علي عواض عسيري قبل ايام قليلة " نعم لقد تلقينا تحذيرات من ان هناك تهديداً لحياتي أنا شخصياً وهذا لن يحِدّ من أداء واجبي الديبلوماسي والقيام بمهامي لتفعيل العلاقات وتنميتها بين السعودية ولبنان"، ثم عندما يكون قد أعلن في ١٧ آب من العام الماضي انه كان قد تلقى تهديدات تطاوله والسفارة في بيروت، ثم عندما تعلق لافتة تسيء الى السعودية في منطقة جل الديب عقب إقتحام مكاتب الصحيفة السعودية، هل كثير القول ان الدولة اللبنانية ممتهنة ومُغيّبة الى درجة باتت معها اشبه بكذبة نيسان؟
قبل السفير عسيري كان سلفه الدكتور عبد العزيز خوجة والسفارة السعودية عرضة لتهديدات قوية عام ٢٠٠٧، ولهذا دعونا من العراضات الغوغائية بحجة الحرص على مصلحة لبنان الوطنية، فالقصة ليست قصة صورة كاريكاتورية بل قصة سياسات تدميرية معروفة تمضي في تهديم مصالح لبنان الذي غُيّبت دولته مع بداية نيسان!

النهار

نيسان ـ نشر في 2016-04-06 الساعة 12:59

الكلمات الأكثر بحثاً