اتصل بنا
 

(أوراق بنما): سبحة الاستقالات تكر .. ولندن القلب النابض للملاذات الضريبية

نيسان ـ cnbcarabia ـ نشر في 2016-04-07 الساعة 15:05

x
نيسان ـ

تستمر موجة الاستقالات حول العالم بعد تسريبات “أوراق بنما” التي شكلت “فضيحة العصر” فيما فتحت تحقيقات في أمثر من دولة ومنظمة لاستقصاء حقيقة االوثائق التي تتهم مسؤولين سياسيين ونجوما بالتهرب الضريبي وصولا الى غسل الأموال وتجارة الأسلحة في بعض الحالات.

وبعد أيام على ننشر الوثائق فتح المدعي العام في جنيف تحقيقا جنائيا في مضمون الأوراق التي كشفت عن استخدام شركات في الخارج منها شركات كثيرة أسسها محامون ومؤسسات مالية في المدينة السويسرية.

أيضا أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إنها ستراجع “أوراق بنما” المسربة التي تكشف عن آلاف من حسابات البنوك السرية تحسبا لأي انتهاكات لقانون مناهضة الرشوة.

لكن رئيس وحدة مكافحة الممارسات الفاسدة في الخارج التابعة للجنة لم يذكر تفاصيل بشأن ما ستراجعه اللجنة في الأوراق المسربة من شركة “موساك فونسيكا” القانونية في بنما والمتخصصة في تأسيس شركات في الخارج كثيرا ما تستخدم لإخفاء أموال سياسيين وشخصيات عامة في أنحاء العالم، علما أن الولايات المتحدة هي الأقل تأثرا حتى الآن بحسب الوثائق المسربة.

وقال مسؤولو صناعة المال في المؤتمر المعني بمكافحة غسل الأموال والجريمة المالية إن غسل الأموال خط أحمر يشير إلى نطاق واسع من الممارسات غير القانونية وأبرزها تجارة المخدرات وتمويل شبكة الإرهاب، كما أن له دورا ليس معروفا بشكل كبير ولكنه خطير فيما يتعلق بعدد من حالات الرشوة والفساد بين مسؤولين وشركات في القطاع العام الخاضع لإشراف لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.

التهرب الضريبي آفة عالمية:

ومع الاحراج الذي سببته الوثائق لدول العالم وأنظمتها المالية، يتعهد قادة غربيون بالعمل على مكافحة التهرب الضريبي من قبل الاثرياء والشخصيات النافذة مع استمرار تداعيات الفضيحة المدوية التي كشفتها “اوراق بنما” حول التهرب الضريبي.

وتثير الشفافية الضريبية اهمية كبرى في الولايات المتحدة الى درجة ان اول اقتصاد في العلم يكافح بقوة اي محاولة للتهرب الضريبي بما في ذلك عبر الاستحواذ. وقد تم التخلي عن عملية اندماج كبيرة بقيمة 160 مليار دولار في قطاع الصناعات الدوائية بين “فايرز” منتج الفياغرا و”اليرغانط منتج البوتوكس.

وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اعلن الثلاثاء ان “التهرب الضريبي مشكلة هائلة”، وطالب بتشديد القوانين وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة التهرب الضريبي، فيما أكدت حكومته انها ستدرج بنما مجددا على لائحة الملاذات الضريبية، وسرعان ما ردت هذه الدولة في اميركا الوسطى بانها تفكر في ردود اقتصادية ضد فرنسا.

ودعا وزير المالية الفرنسي ميشال سابان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الى القيام بالمثل قائلا “للاسف ان بنما متقلبة في تعاطيها مع هذه المسالة وهذا الامر لا يمكن ان يستمر”.

اما وزير الاقتصاد الفرنسي بيار موسكوفيسي فقد صرح ان فضيحة “أوراق بنما” تؤكد “الحاجة الملحة” الى وضع “لائحة سوداء” واحدة للملاذات الضريبية على اساس معايير مشتركة للدول الـ 28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي.

من جهته شدد الامين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية انخيل غوريا على ضرورة أن تسغل هذه الفرصة للضغط على بنما.

لندن في صلب الملاذات الضريبية:

وبحسب تحليلات غربية، تلقي “أوراق بنما” الضوء على الدور المركزي الذي تلعبه لندن في صلب الملاذات الضريبية، حيث تكشف ملفات مكتب المحاماة البنمي “موساك فونسيكا” التي سربت الى وسائل الاعلام العلاقات بين المملكة المتحدة وآلاف الشركات المتمركزة في هذه الاراضي التي لا تفرض ضرائب كبيرة وتعتمد تشريعات غير صارمة، وهي تشير الى ان هذه الاموال السرية استثمرت في موجودات بريطانية وخصوصا في سوق العقارات اللندني الذي يشهد مضاربات كبيرة.

وقال مؤلف كتاب “الملاذات الضريبية” نيكولاس شاكسون أن “لندن هي مركز لجزء كبير من الاعمال المثيرة للشبهات التي تجري في العالم”، ويشبه هذا الخبير العاصمة البريطانية “بشبكة عنكبوت” تمتد الى مناطق بعيدة وراء البحار هي بقايا الامبراطورية الشاسعة مثل الجزر العذراء.

وبريطانيا بحد ذاتها تتسم نسبيا بالشفافية في القطاع المالي، لكن اكثر الاعمال المثيرة للشبهات تبرم في اراضي ما وراء البحار وفي اغلب الاحيان عبر شركات وهمية كما يقول شاكسون الذي يعتبر أن “التهرب الضريبي وهذا النوع من الممارسات يجريان في مناطق خارج الشبكة “وبشكل عام نرصد علاقات مع حي الاعمال في لندن او شركات بريطانية متخصصة بالضرائب والمحاسبة”.

واكد الاستاذ في جامعة “يونيفرسيتي اوف لندن” ريتشارد مورفي ان هذه الملاذات الضريبية “كلها من عملاء حي الاعمال حيث يتم الاشراف على كل النظام”.

والترجمة العملية لهذه الدائرة هي ان عددا من شخصيات العالم السياسي والمالي يمتلكون عقارات كبيرة في لندن بواسطة شركات اوفشور تدار بمساعدة المكتب البنمي كما كتبت صحيفة الغاريان.

وفي افتتاحية صحيفة “ايفنينغ ستاندارد الشعبية” قال الكاتب سايمون جينكينز ان “معظم مدن العالم تتحفظ امام الاجانب الذين يصلون محلمين بحقائب مليئة بالمال لشراء منازل او شركات لكن هذا لا ينطبق على لندن”.

وقال خبراء انه من غير المستغرب ان تكون لندن مركزا لتدفق هذه الاموال وقد نجحت عاصمة المال العالمية في الترتيب المرجعي لمراكز المال “غلوبال فايننشال سنترز ايندكس” في استثمار ارث الامبرطورية البريطانية وتقاليدها التجارية، حيث تعتبر العاصمة البريطانية مثل مفترق طرق يمر عبره مال العالم منذ قرون.

وقد عززت هذا الموقع عوامل عدة مثل استخدام اللغة الانكليزية في عالم المال ونظام قضائي مستقر وموقع جغرافي مثالي بين اوروبا والولايات المتحدة وكذلك تقاليد سياسية بعدم التدخل في الاقتصاد، ومع ذلك تتعرض لندن اليوم لضغوط لجعل هذه الاراضي ما وراء البحار اكثر شفافية الا ان الارادة الحسنة تصطدم بمجموعة الضغط التي يمثلها القطاع المالي البريطاني.

وبجسب توقعات الاستاذ في “يونيفرسيتي اوف لندن” ريتشارد مورفي فإنّ حي المال في لندن سيفقد الامتياز الذي يحتاج اليه للمنافسة بدون هذه الشبكات.

اسلحة ونووي ومخدرات:

وأكدت صحيفة “سودويتشه تسايتونغ” الالمانية التي حصلت على غالبية الوثائق أن بين زبائن مكتب المحاماة البنمي تجار مخدرات كبار او اشخاص وشركات تخضع لعقوبات اوروبية واميركية.

وقالت الصحيفة انه على لائحة زبائن المكتب “مهربو مخدرات من المكسيك وغواتيمالا واوروبا الشرقية”.

واشارت الصحيفة ايضا ضمن هذه الوثائق الى “مسؤول مالي يعتقد انه من حزب الله واشخاص يدعمون البرامج النووية الايرانية والكورية الشمالية وشخصين يشتبه بانهما يدعمان رئيس زيمبابوي روبرت موغابي”.

وقال المصدر نفسه ان “22 شخصا على الاقل و24 شركة” تعامل معها مكتب موساك فونسيكا كانوا على لوائح مستهدفة بعقوبات اميركية او اوروبية.

بنما تراجع ممارساتها المالية:

ووسط الفضيحة التي هزت العالم قرر رئيس بنما الدولة المعنية التي خرجت منها ملايين الوثائق خوان كارلوس فاريلا تشكيل لجنة مستقلة لمراجعة الممارسات المالية للبلاد.

وستشكل اللجنة عبر وزارة الخارجية وستضم خبراء محليين ودوليين لتقييم الأنشطة الحالية واقتراح اتخاذ إجراءات ستشارك فيها بنما مع دول أخرى في العالم لتعزيز شفافية نظامها المالي والقانوني.

وتوقع مستشار كبير في حكومة بنما أن ترفع اللجنة تقريرها خلال ستة أشهر، وأقر بأن التسريب أضر بسمعة البلاد التي يعتمد 83% من اقتصادها على الخدمات، لكنه لفت الى أنه لا دليل يشير إلى أن شركة “موساك فونسيكا” تصرفت على نحو خاطىء.

لكن بنما تعرضت لهجوم غربي ومطالبات فرنسية بوضع “لائحة سوداء” للملاذات الضريبية على اساس معايير مشتركة والضغط على بنما.

وجاء الرد سريعا من بنما حيث قال الوزير المكلف شؤون الرئاسة الفارو اليمان “هناك قانون في بنما يحدد اجراءات رد ضد دول تدرج بنما على لوائح “رمادية” أي غير متعاونة في مجال التهرب الضريبي.

ورفضت بنما اتهامات الامين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الذي وصفها بانها “الملاذ الاخير” لشركات الاوفشور ونددت باتهامات “ظالمة وتنطوي على تمييز”.

الارجنتين:

وفي الأرجنتين قدمت نائب من المعارضة شكوى ضد الرئيس ماوريسيو ماكري بتهمة التهرب الضريبي بعد ورود اسم الأخير في سجلات شركات الأوفشور في فضيحة “أوراق بنما” في شركات في الخارج، مطالبة بأن يحقق القضاء بدور ماكري في شركتي أوفشور هما “كاغيموشا” و”فليغ ترايدينغ ليمتد”.

ويتهم رئيس الارجنتين موريسيو ماكري الذي تولى مهامه في كانون الاول/ديسمبر واعدا بمحاربة الفساد وانهاض الاقتصاد بأنه أدار شركة أوفشور مسلجة في باهاماس بين العامين 1998 و2008 وأخرى في بنما أنشئت عام 1981، وأكد ماكري أن كل ما قام به في هذا الاطار كان قانونيا ولم يرتكب اي مخالفة.

آيسلندا:

وفي آيسلندا التي كان رئيس حكومتها أول ضحايا “أوراق بنما”، عينت الأحزاب اليمينية التي تمسك زمام السلطة وزير الزراعة رئيسا للحكومة خلفا لديفيد سيغموندور غونلوغسون الذي استقال على خلفية كشف الوثائق انه إمتلك مع زوجته شركة اوفشور في جزر العذراء البريطانية ووضعا ملايين الدولارات فيها.

وأعلن رئيس الوزراء الجديد إنه سيتم إجراء انتخابات نيابية مبكرة “الخريف المقبل”.

النمسا:

وفي النمسا قدم الرئيس التنفيذي لبنك “هيبو لاندزبنك فورارلبرغ” الذي يتولى المنصب منذ عام 2012 استقالته بعدما ورد اسم البنك في البيانات المسربة ليكون من أوائل كبار المصرفيين الذين يقدمون استقالتهم بسبب التقارير المتعلقة بهذه الوثائق.

وكانت الوثائق كشفت أن البنك له صلة بشركات معاملات خارجية (أوفشور) عبر أوصياء في إمارة ليختنشتاين.

وتجري الهيئة المعنية بمراقبة أسواق المال في النمسا تحقيقا لمعرفة ما إذا كان البنك ومصرف نمساوي آخر ورد اسمه في الوثائق اتخذا خطوات لمكافحة غسل الأموال.

الفيفا:

وكانت الشرطة السويسرية داهمت ألاربعاء مقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لجمع معلومات حول عقد ذكرت وثائق بنما المسربة أن جياني إنفانتينو الرئيس الحالي للاتحاد الدولي (الفيفا) وقعه أثناء فترة عمله في الاتحاد الأوروبي للعبة.

وقال مكتب المدعي العام السويسري إن البحث كان جزءا من “إجراءات جناية جارية” بدأت بسبب “اشتباه في سوء إدارة ينطوي على مساءلة جنائية واختلاس.”

وتتعلق الإجراءات الجنائية بحقوق البث التلفزيوني وموجهة في الوقت الحالي ضد أشخاص غير معروفين و”هو ما يعني أن هذه الإجراءات لا تستهدف شخصا بعينه” بحسب تعبير المدعي العام السويسري.

وكانت “وثائق بنما” ذكرت أنّ الاتحاد الأوروبي باع حقوق بث دوري أبطال أوروبا في الفترة ما بين 2006 و2009 في أمريكا الجنوبية لرجلي أعمال من

الأرجنتين هما هوغو وماريانو ينكيس، ووفقا للتقارير فقد باع الرجلان، وهما صاحبا شركة أرجنتينية اسمها كروس تريدينغ، حقوق البث بثلاثة أمثال ثمنها الأصلي لشركة تيليأمازوناس في الإكوادور.

وأشار الاتحاد الاوروبي للعبة إلى انه ليس على علم بمثل هذه الصفقة، لافتا الى أنّ إنفانتينو الذي كان يعمل في الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت كان واحدا من بين اثنين من مسؤولي الاتحاد القاري قاما بالتوقيع على العقد.

ونفى الاتحاد الأوروبي ارتكاب أي مخالفات سواء بنفسه أو بواسطة إنفانتينو.

الجزائر وتونس:

عربيا، استدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفير فرنسا في الجزائر لتبلغه استياءها من “الحملة المعادية” للجزائر في وسائل الاعلام الفرنسية بعد نشر “اوراق بنما” التي وضعت وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوراب موضع شك.

وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية نشرت أنّ بو شوارب يملك شركة في بنما هي “رويال ارايفل كورب” وقد انشئت في نيسان/ابريل 2015 من خلال خدمات شركة تنشط في تسجيل شركات اوفشور، وكانت مهمتها “ادارة محفظة من الاصول العقارية بقيمة 700 الف يورو مملوكة حاليا” من الوزير.

وكانت الصحف الجزائرية تساءلت عن اسباب الصمت الحكومي ازاء التحقيق المنشور حول “اوراق بنما”.

وفي تونس رفع سياسي تونسي شكوى بتهمة “التشهير” ضد مجلة الكترونية محلية بعد ان ادرج اسمه في اطار التحقيق حول “أوراق بنما” حسب ما اعلن مسؤول في حزبه واحد محاميه.

نيسان ـ cnbcarabia ـ نشر في 2016-04-07 الساعة 15:05

الكلمات الأكثر بحثاً