اتصل بنا
 

أوهام العدو والصديق

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2016-04-13 الساعة 15:26

نيسان ـ

كثيرمن القوميين العرب استبدل قوميته العربية بقومية هجينة جريا وراء سراب المقاومة والممانعة ومن هنا فحسن نصر الله وبشار الأسد لا يزالون في أذهان هؤلاء أبطالا.

ما يزيد الحيرة أن كثيرا من هؤلاء ليسوا أصحاب مصالح بالمطلق في تبني قومية هجينة تقوم على أوهام ليس لها وجود في الواقع.

المثال الأبرز في طريقة تفكير هؤلاء هو المقارنة بين السعودية وإيران فهم في دفاعهم عن إيران يتشبثون بأن السعودية حليف وثيق لأمريكا فينطبق عندهم المثل : صديق عدوي عدوي.

أنا أعاكس هؤلاء جميعا في طريقة التفكير وأقول أن أمريكا والغرب ومناصرتهم لإسرائيل ومشروعها في المنطقة ليست شيئا يذكر في ظل مشروع أخطر بألف مرة يستهدف محو الأمة وليس مجرد تحويلها لعبيد وأسواق لمنتجات إسرائيلية وغربية.

إذا كان من فطرة الإنسان الدفاع عن وجوده أولا فالتخندق في هذه الحالة مع توجهات المملكة العربية السعودية هو فرض وليس اختيارا.

ضبابية الرؤية هذه لدى قطاع من المثقفين العرب مردها عدم إدراكهم أنه في عالم جديد يتشكل ربما يصبح العدو صديقا والصديق عدوا فالقصة ليست قصة شعارات ترفع إن كان كل ما تحتها يناقضها وأصبح نقل المعلومة بسرعة البرق ينسف نظرية الأحلاف التي بقيت قائمة حتى نهاية الثمانينات فنحن الآن في عالم جديد يتشكل على وقع ثورة المعلومات وهناك واقع الإنسان المعولم الذي تشكل في الغرب والشرق وأصبح كفيلا بجعل عدو الأمس صديقا مقربا اليوم وقد يعود عدوا غدا ولا سيما أن مما يتغير بسرعة أيضا مفهوم القوة ذاته فماذا لو امتلك تنظيم مثل داعش سلاحا نوويا, إذن نظرة العالم الجديد للأخطار أصبح مختلفا وهذا ما على العرب والمملكة العربية السعودية استغلاله أحسن استغلال.

في ضوء ما سبق اضطرت المملكة العربية السعودية أن تكون مبادرة لمشروع قومي عربي إسلامي بدأنا نرى ملامحه وهو ما شكل مفاجأة لم تكن في الحسبان لا عند العدو ولا عند الصديق فأمريكا والغرب لم يتوقعوا أن يكون العرب مبادرين وهنا السياسة الجديدة الرائعة للمملكة العربية السعودية في استغلال التحالف التاريخي مع أمريكا والغرب استغلالا جديدا في مقاومة مشروع إيراني اتضح بعد احتلال العراق أنه أخطر من المشروع الصهيوني بألف مرة.

أكبر دليل على ما أقول أن مبادرة المملكة العربية السعودية في عاصفة الحزم شكلت صدمة لأن هذه المبادرة أنهت أربعة عقود من الاكتفاء برد الفعل أي منذ حرب رمضان أكتوبر 73.

إذا لا يمكن لأي قومي عربي سواء كان مسلما أو مسيحيا ولا يمكن كذلك لأي مسلم أن يقف ضد المملكة العربية السعودية لأنها حليف للولايات المتحدة الأمريكية.

لا يمكن الاستهانة بمشروع إيران في المنطقة والعالم في ظل دولة اختارت العالم السفلي في تحقيق مشروعها على نحو كان مفاجئا بل وصادما.

إن مما يغفله كثير من مثقفينا الذين يدافعون بشراسة عن المشروع الإيراني أن هذا المشروع يلغي بالضرورة أي قدرة على الاصطام مع أية مشاريع عدائية في المنطقة ويشوه الهوية الثقافية برمتها من منطلق دخوله تحت مسمى الجمهورية الإسلامية.

هذا الاختراق الثقافي لم يستطع المشروع الصهيوني أن يفعله على رغم مرور أكثر من مائة عام على بدايته ....المشروع الإيراني الحديث ورغم ابتدائه منذ أربعة عقود فقط استطاع أن يكون شبكة عالمية تفوقت في أدواتها القذرة على المشروع الصهيوني.

يحضرني هنا تصريح وزير داخليتنا سلامة حماد حول أنشطة تهريب المخدرات الى المملكة وأن هذه الشبكات تمتد من أفغانستان مرورا بإيران الى سوريا ثم الأردن وليست السعودية ولا حتى الغرب وأمريكا بعيدة عن هذه الأخطار.

ليس بعيدا عن هذه المسارات القذرة في المشروع الإيراني ما ثبت من تسهيل دخول عناصر القاعدة وداعش من أفغانستان الى إيران ثم العراق إبان الاحتلال الأمريكي للعراق لإجبار الولايات المتحدة على مشاركة إيران احتلالها للعراق.

وليس بعيدا عن هذه الأدوات القذرة شبكات الدعارة والاتجار بالبشر التي يجري كشفها تباعا في لبنان ويديرها نشطاء المشروع الإيراني.

إن أهم أخطار المشروع الإيراني أنه يسير بيننا بأدواته وشخوصه بطريقة لم ولن يتمكن من تحقيقها المشروع الصهيوني فهذا المشروع مغلف منذ البداية بالصحوة الإسلامية الى أن وصل بنا الى تلبس مشروع المقاومة ولذلك فنحن نفاجأ أحيانا كثيرة كيف تسلل بكل خفة بين ظهرانينا الى درجة أن تبناه أناس بسطاء ليس لهم معه أي مصلحة سوى أنه يطرح شعارا زائفا بالعداء لإسرائيل مع أن هذا المشروع أصبح يحقق من العوائد لإسرائيل ما لم تحلم به في يوم من الأيام حتى أصبحنا نرى غض الطرف عن كل ما تفعله إسرائيل من قبل دولنا ضرورة لتفادي ما قد تفعله بنا إيران.

على المملكة العربية السعودية أن تسير بسرعة صاروخ في تنفيذ تحالفاتها السنية في المنطقة وأن تكون مركزا للمنطقة بأذرع اقتصادية وسياسية وإعلامية جبارة فالمشروع الإيراني يلتف حولنا كالعربيد ويحاول الوصول الى كل نقطة يمكن الوصول إليها باتجاه أفغانستان وباكستان شرقا الى درجة الدفع بمقاتلين من أفغانستان وباكستان باتجاه المنطقة ثم التحالف شمالا مع روسيا والانقضاض في العراق وسوريا ولبنان والتوغل في كل مكان يمكن الوصول إليه في أفريقيا بين المسلمين السنة وتشييعهم إضافة الى خلايا نائمة مرعبة في الخليج العربي وباقي الدول العربية إضافة الى الكارثة التي أنقذتنا منها عاصفة الحزم في اليمن ويسير كل ذلك مع جرائم تقشعر لها الأبدان في التطهير العرقي ابتدأت في العراق وتسير على قدم وساق في سوريا وكانت ستأكل الأخضر واليابس في اليمن لولا عناية الله.

إذن لن يقضي على أوهام المشروع الإيراني في المنطقة وعلى خلاياه النائمة وعلى استعداده للتحالف حتى مع الشيطان ضد كل ما هو عربي ومسلم إلا أن تحافظ المملكة العربية السعودية على زخم مشروعها وحيويته وقدرته على جلب كل رصيد ممكن عربيا وإسلاميا ودوليا وأن تنطلق به بسرعة صاروخ وذلك تداركا لعقود من التراخي والتردد وترك المشروع الإيراني يتمدد الى أن أوصل جمهورا لا يستهان به من مواطنينا الى قناعات مستهجنة تجعل من قاتل الأطفال والنساء ملاكا ومن الاتجار بالبشر والمخدرات أدوات مشروعة الى أن أصبح كل بيت عربي مهددا على نحو لم يستطع أي مشروع عدائي في المنطقة أن يصل الى شيء يذكر مما وصل إليه هذا المشروع.

تصوروا أن من أدوات هذا المشروع القذرة استغلال الأسماء والأنساب ولذلك استطاع الحوثيون في اليمن تجييش قبائل كثيرة فقط بدلالة نسب زائف لآل البيت.

إن مشروع المملكة العربية السعودية لن ينقذ العرب والعالم فقط بل سينقذ الشعب الإيراني ذاته وهو شعب متعدد الأعراق ويشكل فيه العرب سنة وشيعة نسبة لا يستهان بها في مناطق الأحواز إضافة الى الأكراد وغيرهم كثير من الأعراق المطحونة تحت سطوة مشروع فارسي قذر لا يقيم اعتبارا لأي قيمة إنسانية بغية الرجوع الى حدود إمبراطورية فارس.

نيسان ـ نشر في 2016-04-13 الساعة 15:26

الكلمات الأكثر بحثاً