حذاء المرحلة
نيسان ـ نشر في 2016-04-15 الساعة 19:13
لقمان إسكندر
- في الصورة حذاء.
هو عند البعض (ذنب) وعند آخرين (نعل) والجمع (نعال). وعند مذهب آخر من الناس (جزمة).
لا يعرف أول من ارتداه. ليقي نفسه غضب طين الناس. فبالحذاء يمكن أن تجري الأمور على ما يرام.
- عندما سألته عنه استحى.
يرغب البعض في أن يؤرخ لمكيافيلي في كونه أول من أصّل لارتدائه. لكن الأمر فيه جدل. فمنذ اجتماع الناس وحاجتهم الى (من) يقودهم على الأرض سيعرف الحذاء بألوانه المتعددة.
- لم يخفض رأسه لكنه استحى.
فالحذاء يصلح للأرض الصحراوية كما يصلح للأسفلت. ربما ستكون هنا الفروقات باللهجة مرة، وباللكنة مرة، وباللسان مرات.
- هو لم يقل إنّ الحذاءين يعبران عن طبيعة المرحلة.
الهدف منه هو أن يمشي المرء على السطوح القاسية أو الناتئة دون أن يحدث لنفسه أي ضرر. هنا من دون الحذاء لا يمكن أن تستقر الأمور أو أن تسير وفق ما يرغب صاحبه.
ويسمى صانع الأحذية سكافي وعند البعض سياسي. وتستخدم لصناعته جلود ميتة، لا قلب فيها ولا نبض. لا شرايين تتدفق منها الدماء الحية ولا أوكسجين.
وبالدباغة - بعد الذبح والسلخ - يصنع صاحب الحذاء النعال. وهنا سيطول به المقام في معالجة جلود الحيوانات الأليفة حتى تصبح داجنة.
- هو لم يقل إن لوني حذائي أقل مفارقة من مواقف متضاربة في رؤوس كثيرة.
ولأن الحذاء يحتاج الى كرسي سيصنع له (ضبان) ليساعده على المشي، بواسطة العصا تارة والجزرة تارة أخرى. عندها ستخاط قطع الناس حول النعل ليصبح على هيئته المعروفة.
وللحذاء قياسات مختلفة لحجم النعال والأرض التي تسير عليها، لكن في راهن العصر سنتعارف على أن لـ (الجزمة) قياسات عالمية، عبرها تصنع القوانين والأخلاق حتى تأخذ أخيرا شكل شرعيتها النهائي.
- هو لم يقل: (على الأقل ان تناقضه في حذائه)
أما أنواع الأحذية، فمنها ما يلبس في القدمين، وهي على ما يبدو أدنى المراتب، ألا يقول الناس: عقله مثل جزمة قديمة!. أما كلمة قديمة فهي تعبير عن صلابتها وعنادها.
وهذه – أي الجزمة - لها أيضا مستويات ومراتب. فمنها برقبة، قد تصل حد الركبة، وهي تلبس حسب الحاجة أو لأداء توجه معين.
ومنها ما يلبس في الرأس، ويسمى نعلا. ومنها مجرد صندل مفتوح على الأرض يستعمل للمهمات السهلة. ومنها الخُف أو الجوارب وهذه باطنية لا يراها الناس.
في الصورة حذاء وليس ذنب. عندما سألته عنه استحى. لم يخفض رأسه لكنه استحى. لم يقل إنّ الحذاءين يعبران عن طبيعة المرحلة. ولم يقل إن لوني حذائي أقل مفارقة من مواقف متضاربة في رؤوس كثيرة. لم يقل: (على الأقل ان تناقضه في حذائه). لكنه استحى.