اتصل بنا
 

مجمعات النقل.. خدمات رديئة وبؤر للتحرش والعنف

نيسان ـ نشر في 2016-04-17 الساعة 08:08

x
نيسان ـ

يشتكي مواطنون ومرتادون لمجمعات النقل في عمان يوميا من تحول تلك المجمعات إلى بؤر للمشاكل والعنف والتحرش بالفتيات، في ظل غياب الرقابة المستمرة فيها.
واثناء قيام "الغد" بجولة على مجمعات نقل في عمان، تبين ان غياب الرقابة داخل تلك المجمعات على رأس المشاكل التي يواجهها الركاب، ما يؤدي إلى شعور مرتادي هذه المجمعات بعدم الأمان، علاوة على انتشار البسطات في أغلب المجمعات، الأمر الذي يتسبب بالفوضى وانتشار العشوائية التي ينشب عنها العديد من المشاكل.
ويقول هؤلاء، لـ"الغد"، ان مشاكل الركاب لا تتوقف داخل المجمعات وانما يوجد العديد من التجاوزات التي يواجهونها مع السائقين تتمثل بعدم الالتزام بالمسارات المخصصة لخطوطهم، إضافة إلى الحمولات الزائدة وأعطال الحافلات المتكررة.
وتقرّ أمانة عمان أن مجمعات النقل الموجودة حاليا تعاني من بعض المشاكل، مؤكدة انها ستعمل على حلها عن طريق اعادة ترتيب وتصنيف هذه المجمعات.
ويوجد في عمان 3 مجمعات للنقل؛ وهي مجمع الشمال ومجمع الجنوب ومجمع المحطة.
مأمون الجبور، مواطن يستخدم وسائط النقل يوميا، يقول ان مجمعات عمان هي مأساة حقيقية يتعرض لها الركاب يوميا، حيث لا يتوفر داخل أغلب المجمعات المظلات التي يحتمي بها الركاب من الشتاء علاوة على وجود البسطات والتي تشكل عقبة أمام حركة الركاب داخل المجمعات.
ويلفت إلى أنه وبسبب غياب الرقابة تشهد العديد من المجمعات مشاجرات بشكل يومي، فالمجمعات تشهد سباقا بين السائقين على اولوية التحميل ومن منهم سيحمل أكبر عدد ممكن من الركاب الزائدين عن اعداد المقاعد فبعض السائقين يحمل 10 ركاب زيادة في حافلات الكوستر التي تتسع فقط لـ 24 راكبا.
من جهة اخرى، كشف الجبور عن سلوكيات وتجاوزات يمارسها بعض سائقي الحافلات، فالبعض منهم لا يلتزم بالوصول إلى نهاية الخطوط التي يعملون وفقها أو مسارات سيرهم "خط الباص".
ويقول علاء لافي، أحد المواطنين الذين يستخدمون وسائط النقل العام بين عمان والزرقاء، إن أغلب مجمعات عمان تنتشر فيها العديد من القضايا التي لا يجوز غض الطرف عنها، فبمجرد الدخول لكافة المجمعات يشاهد الركاب العشوائية والفوضى التي تملأ مجمعات الباصات.
ويشير إلى باعة البسطات الذين يفترشون الارض ببضائعهم، الى جانب تجمعات الشباب والتي تتسبب بالعديد من المضايقات خاصة للفتيات.
ويرى لافي ان المجمعات عبارة عن تجمع تكثر فيه المشاجرات والمشاحنات بين الركاب والمتواجدين من سائقين ومحصل الاجرة "الكنترول" وباعة البسطات.
ويقول لافي ان وسائط النقل لا تلتزم بالتعليمات التي تفرض عليها الصيانة الدورية والالتزام بشروط السلامة العامة.
ويلفت إلى أن الركاب يتعرضون دائما لتوقف مسار الحافلة في منتصف الطريق، وان السائق غالبا ما يطالب الركاب بالمغادرة والبحث عن وسيلة اخرى دون ان يعيد للركاب الاجرة.
ويضيف لافي انه بكثير من الاحيان لا يلتزم السائقون بالقوانين وتكثر تجاوزاتهم، خاصة في حال تعطل الحافلة فان الركاب يضطرون إلى مغادرتها والبحث عن وسيلة نقل اخرى للوصول إلى غايتهم.
مطالبات وحلول
يرى الطالب الجامعي، صهيب النجار، انه على الجهات المعنية في القطاع أن توفر الرقابة الكافية داخل المجمعات للحد من المشاجرات اليومية ومنع التحرش بالفتيات الذي يكون على مرأى من المارة دون حساب.
ويؤكد انه لا يوجد أي جهة رقابية داخل المجمعات تنظم الحركة وتراقب التجاوزات والانتهاكات التي ترتكب يوميا بحق الراكب الذي يقضي أكثر من ساعتين يوميا ذهابا وايابا في المواصلات.
ويقول النجار انه يجب تخصيص اسواق واماكن خاصة لباعة البسطات لمنعهم من دخول المجمعات، اضافة إلى أن المجمعات تحتاج للعديد من المظلات ليحتمي بها الركاب.
فداء الناطور، موظفة تعمل لدى إحدى الشركات، تلفت إلى أنه يجب ربط المجمعات بالمراكز الأمنية من خلال كاميرات المراقبة لرصد كافة المشاجرات والمشاكل الاخرى التي تقع يوميا داخل مجمعات الباصات.
وتؤكد ان المجمعات خالية تماما من الجهات الرقابية في الوقت الذي يتوجب تكثيفها في هذه الاماكن لكثرة التجاوزات التي تقع داخلها.
عدم الشعور بالامان والتحرش اللفظي
عالية (وهو اسم مستعار)، طالبة في الجامعة الهاشمية، تقول انه وبمجرد الدخول لمجمع المحطة تصبح فاقدة للأمان النفسي، فالمجمع مليء بالمشاكل التي تتعرض لها الفتيات، سواء من التحرش اللفظي او مزاحمة الشباب على المقاعد.
وتضيف انه وعلاوة على المأساة التي تعانيها مجمعات الحافلات في عمان وعدم توفر أماكن مظللة للركاب وانتشار البسطات وغياب الرقابة الا انه من الطبيعي ان تسمع الألفاظ البذيئة من قبل السائقين من جهة ومحصلي الأجرة "الكنترول" من جهة أخرى والمعاكسات التي تكون، غالبا، مصحوبة بعبارات مخلة بالآداب.
وتلفت عالية إلى ان التجاوزات تتعدى ذلك لتصل إلى أن يقوم سائق الباص في منتصف الطريق بتغيير مساره او تنزيل الركاب وبيعهم لحافلة اخرى او تنزيلهم في اقرب نقطة دون اتمام طريقه وذلك بحجة الهروب من أزمات السير.
وتقول سهى (وهو اسم مستعار) إنها تتعرض للتحرش اللفظي بشكل يومي بالمجمعات التي تتنقل من خلالها وصولا لعملها او بيتها، وهو ما يشعرها بعدم الامان والراحة خلال تواجدها داخل أحد المجمعات.
وتلفت إلى أن المعاناة مع وسائل النقل ليست جديدة بالنسبة لراكب يومي في خطوط النقل المختلفة، ففي المجمعات يوجد العديد من الممارسات اللااخلاقية دون وجود أي رقابة على سائقي الباصات او اصحاب البسطات المنتشرة في اغلب مجمعات عمان.
وتضيف ان الممارسات السلبية تتعدى ذلك حيث يقوم السائقون باستغلال المواطنين المتواجدين على الطرقات وتحميلهم وقوفا في ممر الحافلة التي لا تتسع الا لـ 24 راكبا، فمن الطبيعي ان يصل العدد لـ30 راكبا بسبب عدم وجود تعليمات صارمة تتخذ بحقهم.
أعطال مستمرة في الحافلات
وعلى الرغم من أن مدير سير العاصمة العقيد ياسر الحراحشة يؤكد أن "قانون السير ينص على أن أي حافلة ركوب صغيرة أو كبيرة تحمل الركاب وتعطلت اثناء المسير يجب على السائق ان يؤمن ركابها بوسيلة نقل اخرى، وخلاف ذلك يجب على الركاب ابلاغ شرطة السير أو أي مركز أمني".
الا أن ركابا يؤكدون انه وفي حال حدوث أي عطل في المركبة التي تقلهم فإن السائق يطلب منهم المغادرة والبحث عن وسيلة أخرى تقلهم إلى أماكن وصولهم.
بيان الخالدي تقول ان مشاكل النقل لاتنتهي، وتبدأ مع الركاب بعد انطلاق الحافلة من المجمع، واصفة الرحلة بـ"المأساوية"، مبينة أنه إلى أي مكان تريد الذهاب ستواجه نفس المشاكل مع وسائط النقل في عمان، ابتداء من إهمال صيانة العديد من الحافلات والتي تتعطل على الطرق وتؤدي، بالتالي الى تقطع السبل بالركاب، إضافة الى عدم وجود نظام يحدد مواعيد انطلاق الحافلات؛ حيث يبقى الركاب في انتظار امتلاء الحافلة حتى ينطلق السائق.
وتضيف الخالدي أن مشاكل النقل لن تحل لأنها متفاقمة ومتجذرة، والجهات المعنية بالقطاع لا تعمل على الحد منها وانما يتم دفع مبالغ هائلة على إصلاح شوارع ومشاريع لم يتم تنفيذها دون ان ينعكس ذلك على المواطن بأي ايجابية، في الوقت الذي يحتاج فيه الراكب لمظلة تحميه من الشتاء وحرارة الشمس أو مقاعد في أماكن انتظار الحافلات التي تمتد في بعض الاحيان لساعات.
بسطات مخالفة ومواد ممنوعة
يؤكد أحد اصحاب الاكشاك داخل مجمع المحطة، فضل عدم ذكر اسمه، ان المشاكل داخل المجمع لا يمكن أن تروى، حيث أن البسطات المنتشره داخل المجمع تقوم ببيع العديد من المواد الممنوعات، علاوة على التحرش بالفتيات من قبل اصحابها.
ويقول صاحب كشك آخر غسان (وهو اسم مستعار) انه لا أحد يجرؤ على التحدث مع اصحاب البسطات المنتشرة على اطراف المجمع.
ويبين ان المجمع يشهد يوميا العديد من المشاجرات بسبب هذه البسطات التي تعيق الطريق أمام الركاب أو حافلات النقل، ويضيف ان البسطات هي مصدر للعديد من المشاكل في المجمع.
وكانت أمانة عمان في العام 2014 واجهت انتشار البسطات والعشوائيات التي شكلت اعتداءات على الارصفة والشوارع وعملت على أزالتها، لكن العديد من تلك البسطات سرعان ما عادت تدريجيا.
مخالفة قوانين السير وطرق يلجأ لها السائقون
السائق في مجمع المحطة، عادل عشيبة، أكد ان مشاكل مجمعات النقل عديدة، لافتا الى ان المشاجرات والاصطدامات شبه يومية خاصة بين السائقين واصحاب البسطات داخل المجمع.
ويشير الى ان البسطات تتسبب بازدحامات وفوضى عارمة داخل المجمع؛ حيث تغلق طريق الحافلات ومن جهة اخرى يبين انه لا يوجد رقابة من الجهات المعنية للحد من العشوائية داخل المكان.
ويؤكد عشيبة ان العديد من سائقي الحافلات لا يلتزمون بدورهم في تحميل الركاب، الامر الذي تسبب بالعديد من المشاحنات والمشاجرات بين السائقين.
ويقول سائق، سمير غالب، ان الازدحامات المرورية تقف على رأس المشاكل التي تواجههم في الشوارع الرئيسية والتي يرجع سببها لأعداد السيارات الهائل في شوارع عمان غير المؤهلة لاستيعاب اعدادها.
ويضيف ان اغلب السائقين يغيّرون مسار الطرق ويلجأون لطرق اخرى للهروب من الازمات، ويقوم البعض الاخر بتحميل اعداد اكبر من التي تتسعها المقاعد، حيث يستخدم المقعد الذي يتسع لشخصين لثلاث اشخاص او تحميلهم وقوفا في ممر الحافلة.
ويوضح ان هذا يعتبر مخالفا لقوانين السير الا انها وسائل يلجأون لها باعتبار أن أزمات السير قللت معدل رحلاتهم ذهابا وايابا.
ويقدر عدد سيارات التاكسي العاملة في المملكة بنحو 16 ألف سيارة، و10 آلاف مركبة وباص نقل عام (سيارات سرفيس، الحافلات المتوسطة والكبيرة) بحسب هيئة تنظيم النقل البري.
وبالنسبة للعاصمة عمان يوجد فيها أكثر من 11 ألفا و500 تاكسي، وحوالي 4 آلاف سيارة سرفيس، وما يقارب 6 آلاف حافلة متوسطة "كوستر".
عبد العزيز جروان، سائق آخر، يبين أن التجاوزات التي يقوم بها السائقون هي وسيلة لتفادي الخسائر، ويوضح أن أكثر التجاوزات تتمثل في عدم التزام السائقين بالمسارات ذهابا وايابا وتغيير الطرق وتحميل ركاب يفوق أعداد المقاعد.
ويقول ان أزمة السير الخانقة في العديد من الشوارع الحيوية، اضافة إلى كثرة المناهل الهابطة والحفر المكشوفة وبعض المطبات المبنية يلحق الضرر بالمركبة، علاوة على حاجة الشوارع الخارجية للصيانة الدورية وتوسعتها في بعض المناطق كلها امور تكبد السائقين خسائر تضطرهم لارتكاب المخالفات.
يأتي ذلك في الوقت الذي اعتبر فيه البنك الدولي أن ملف النقل العام في الأردن يشكل خيبة أمل ومصدراً لمشاكل كبيرة تصطدم بها المملكة سنوياً، وذلك ضمن إطار أجندته الأخيرة التي صدرت في حزيران (يونيو) 2014 حول قطاع النقل.
وعزا البنك ذلك الأمر إلى سوء تخطيط وعدم التزام بعض العاملين في القطاع فضلاً عن التراخي الحكومي.
وأشار التقرير إلى أن مسارات الحافلات لم تخضع لتطوير يجعلها تخدم الطلب أكثر، فقد أظهرت دراسة حديثة أن 39 % من الشباب يضطرون إلى استخدام حافلتين فأكثر للوصول إلى غايتهم. وذلك فضلاً عن قضية مرافق محطات الحافلات رديئة النوع التي تقع غالباً في ضواحي المدينة.
واوضح التقرير ان المواصلات مكلفة جداً، خاصة بالنسبة إلى الشريحة الفقيرة، فيما كشف مسح أجري على هذا الصعيد أن تكاليف النقل تستهلك 25 % من الدخل الشهري للفرد في الأردن، بينما قد تصل هذه النسبة إلى 30 % لدى ميسوري الحال.
من جهته، يؤكد المدير التنفيذي للنقل والمرور بأمانة عمان، ايمن الصمادي، ان الغرض الاساسي للمجمعات هو انتقال الركاب من محطة لاخرى بطرق سريعة وسهلة.
ويبين، لـ"الغد"، أن المجمعات الموجودة حاليا تعاني من بعض المشاكل التي تعيها امانة عمان وستعمل على حلها عن طريق اعادة ترتيب وتصنيف هذه المجمعات.
ويلفت الصمادي الى ان الامانة قامت بوضع تصاميم جديدة للمجمعات بحيث يكون الحيز المتوفر لمستخدمي وسائط النقل محمي من التداخل مع الحافلات والمركبات، لتتوفر بذلك سبل السلامة والراحة للركاب.
ويضيف ان التصاميم الجديدة للمجمعات التي سيتم العمل على إعادة تأهيلها وعلى رأسها مجمع صويلح اخذت بعين الاعتبار التقليل من مساحات المجمع لتفادي قطع المستخدم مسافات طويلة، حيث ستكون المجمعات بشكل عمودي ومكونة من طوابق وهو ما تم تصميمه لمشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء BRT .
من جهة اخرى، يقول الصمادي إن حالات تغيير المسار وعدم التزام بعض السائقين بالمسارات هي فردية ولا تحدث الا نادرا ووجود بعض الملاحظات على بعض حافلات النقل العام هو امر طبيعي امام الرقم الهائل لحافلات النقل العام.
ويضيف ان هناك عددا كبيرا من الملتزمين بالأنظمة ومسار الخط، مؤكدا ان هنالك رقابة على اتجاه المسارات لحافلات النقل العام.
وبين الصمادي انه من الضروري وضع ارقام على الحافلات لرصد الحالات الفردية ومعرفة الشخص المخالف وهناك متابعة حثيثة ورقابة موجودة من قبل امانة عمان وادارة السير في رصد أي ملاحظة أو مخالفة.
بدوره، قال رئيس هيئة تنظيم النقل البري، مروان الحمود، إن الهيئة لديها فريق من المندوبين الميدانيين يعملون على مراقبة الخطوط التي تقع ضمن اختصاص الهيئة.
واضاف ان المجمعات تخضع لرقابة من قبل امانة عمان وفرقها الميدانية اضافة لفرق الهيئة، حيث يقوم المراقبون بضبط المخالفات والمخالفين وتحويلها للجهات المختصة للتعامل معها.

رجاء سيف- الغد

نيسان ـ نشر في 2016-04-17 الساعة 08:08

الكلمات الأكثر بحثاً