مسرحة السياسة .. كوميديا أردنية سوداء

محمد قبيلات..

طغت على مسرح الأحداث المحلية في الأسبوع الماضي، أخبار تعيينات محاسيب من قبل رئيسي مجلس "النواب" و"الوزراء"، وإغلاق مقار ومراكز جماعة الإخوان المسلمين، وتعيين رئيس جديد للجامعة الأردنية.

للأسف، كان أسبوعا حافلا بالتجاوزات والتعديات على قيم الدولة المدنية، لكن الامر لم يكن ليمر لولا أن الاردنيين- كعادتهم - مسخروه بنوع من أنواع الكوميديا السوداء.

وكأن الأحداث كانت تسير على شكل يهدف الى خلق التسلية، انتهت فرجته بفصل من الكوميديا السوداء، التي كان أساس الحبكة فيه خروج العشيرة لتدلي بدلوها في النقاشات والقرارات المتعلقة بتعيين رئيس الجامعة الأردنية، وهذه ليست السابقة الأولى، فلقد سبق أن خرجت العشيرة لتناصر ابنها المسؤول المتهم بقضية فساد.

وهنا ترجع بنا الذاكرة، المشوهة بالوعي الزائف، إلى التعريف الأول لـ "أنصر أخاك ظالما او مظلوما". أما قصة اغلاق مقرات الإخوان، فهي تأتي على شكل من أشكال إنهاء الخطأ بالخطأ وقتل الأب الروحي للمؤسسة، فلقد مارس الإخوان نشاطاتهم على مدى عقود من خلال "جمعية" كنوع من التواطؤ بين الطرفين للالتفاف على القانون، مارسه الرسمي وقبلت به الجماعة، بينما مُنعت الأحزاب من ممارسة نشاطاتها، بل حوربت.

اليوم نلمس صحوة رسمية بضرورة تصحيح هذا الخطأ، لكن، بخطأ آخر، فالحلول العرفية هي السهلة عند السلطات المفلوتة يداها والبعيدة عن أية رقابة حقيقية.

تغيب عن المسؤول حقيقة أن العلاج لمشاكل الديمقراطية إنما يتم بإرساء المزيد من الممارسات الديمقراطية، وليس باستدعاء الأحكام العرفية، ثم نبلغ قمة المتعة بمتابعة قصة التعيينات، وهذا يحدث في الدول كلها حتى المتقدم منها، لكن ما يميز مشهدنا أنه يمر من دون تحقيق أو حساب.

نشرت وسائل إعلام مختلفة اسماء أبناء وأقارب وأصهار الرئيس، الذين ربما استفادوا من وجوده في المنصب، فتحصلوا على مناصب وامتيازات ربما لم تكن من حقهم.

أما قمة البكاء واللطم، فيشاء صانع الحبكة وراعي سيرورة القصة أن يجعلنا نجهش بها أمام مدرسة المشاغبين الأردنية، بيت الرقابة والتشريع، فبعد قصة تعيين 109 من محاسيب وأقارب النواب، تبين أن هناك قناعات لدى بعض النواب أن أولى الناس بالتعيين في المواقع الإدارية لمجلس النواب هم أبناء النواب.. يا للهول ! هنا تحضر الفنتازيا بقوة، فتظهر بين المتفرجين براقش، وتبدأ بالصراخ :

- أنا من جنت على نفسها!

- انا من جنت على نفسها!