اتصل بنا
 

مخاوف أوروبا الكبيرة من ليبيا

اعلامي مصري يعمل في قناة الجزيرة

نيسان ـ نشر في 2016-04-17 الساعة 14:18

نيسان ـ

لم تكن مساعي الدول الغربية بشكل عام والأوروبية بشكل خاص لترتيب الأوضاع السياسية في ليبيا بعد خمس سنوات من الفوضي نتاج رغبة من تلك الدول في أن يعيش الليبيون ثمار ثورتهم ويجنون ثمار سنوات صبرهم على الديكتاتور المستبد معمر القذافي الذي حكمهم اثنين وأربعين عاماً بالحديد والنار فبدد ثروات بلادهم وهجر علماءهم وأودع أبناءهم السجون والمعتقلات وأدخلهم في حروب وصراعات لا ناقة لهم بها ولا جمل، فلم يكن الغربيون الذين دعموا القذافي واستبداده وجنونه حريصين بأي حال من الأحوال على استقرار ليبيا، ولكن ما دفعهم إلى ذلك هو تجربة المهاجرين الذين وفدوا إلى أوروبا من تركيا وعروا إنسانيتها وكشفوا عنصريتها وتعصبها الديني والعرقي وفضحوا شعاراتها الفارغة حول حقوق الإنسان والمساواة وغيرها، ولم يشعر الأوروبيون بالارتياح إلا بعد أن وقعوا اتفاقاً مع تركيا يضمن إعادة اللاجئين الجدد من حيث أتوا، لكن أوروبا اكتشفت أن هناك مشكلة أخرى يمكن أن تكون أكبر بكثير من مشكلة اللاجئين في تركيا هي شواطئ ليبيا القريبة من سواحل أوروبا الجنوبية وإيطاليا تحديداً، حيث تملك ليبيا أطول ساحل على البحر المتوسط بطول ألف كيلو متر وهي كفيلة أن يتوجه إلى ليبيا كل مهربي البشر وكذلك كل راغبي اللجوء والهجرة إلى أوروبا، لكن اللاجئين هذه المرة يمكن أن يكون معظمهم من القارة السمراء التي لها حدود مفتوحة مع ليبيا أضعاف الحدود الساحلية المفتوحة مع المتوسط ومع تفشي الفقر والفساد في إفريقيا ووجود فرصة لدى الأفارقة للوصول إلى أوروبا عبر ليبيا، فإن هذه فرصة لن يضيعوها، وهذا ما دفع الأوروبيين إلى الإسراع بترتيب الأوضاع السياسية حتى تستقر الأوضاع في ليبيا وتتشكل حكومة تكون قادرة بالدرجة الأولى على حماية سواحلها من قوافل المهاجرين التي تقض أضجاع الأوروبيين، الأمر الثاني الأخطر هو أن تنظيم الدولة نجح في أن يكون له موطئ قدم في ليبيا من خلال الدويلة التي أعلن عن قيامها في سرت وما حولها، وهذه الدويلة يمكن أن تكون مكان تجمع جديد يشكل تهديداً للأوروبيين من خلال عمليات التهريب، فإذا كان المهاجرون عبر البحر معظمهم أو كلهم يريدون البحث عن لقمة عيش وأمان واستقرار، فإن تنظيم الدولة يريد تدمير الاستقرار الذي يعيش فيه الأوروبيون، لذلك صدرت تصريحات متضاربة خلال الأيام الماضية عن الأميركان والأوروبيين بشأن إمكانية إنزال قوات في ليبيا لمحاربة تنظيم الدولة لكن خوف الأوروبيين من الغوص في رمال الصحراء الليبية جعلهم يعيدون النظر في الأمر.

إذن أوروبا لم تسع لفرض الاستقرار في ليبيا من أجل عيون الليبيين، ولكن من أجل مخاوفهم من المهاجرين ومن تنظيم الدولة وأيا كانت أهداف الغربيين، فإنها فرصة لدى الليبيين لكي يعيدوا ترتيب صفوفهم ويفوتوا الفرصة على كل الذين يعبثون ببلدهم وثورتهم طوال السنوات الماضية.

الوطن القطرية

نيسان ـ نشر في 2016-04-17 الساعة 14:18

الكلمات الأكثر بحثاً