اتصل بنا
 

كلمة قبل السقوط

ناشطة وكاتبة مصرية

نيسان ـ نشر في 2016-04-25 الساعة 13:19

سقوط السيسي: نجاحه في خراب مصر وفشلنا في الوعي والإدراك
نيسان ـ

مبدئيا ..سقط السيسي ،سقط وانتهى منذ زمن بعيد ، سقط في أعين مؤيديه قبل معارضيه ، سقط في بلاعة التاريخ وليس مزبلته، لم يسقط السيسي لفشله ، السيسي نجح نجاحا منقطع النظير ،
ابن حارة اليهود وبطل إسرائيل القومي ، (كما نصبه إعلام الصهاينة) حقق كل ما جاء من أجله ، خرب مصر وباع نيلها وأرضها وثرواتها ، خرب مستقبل أجيال قادمة ، لم ينجح لمهارته أو ذكائه لا سمح الله ، بعضهم شكك في قواه العقلية ، بل نجح السيسي لفشلنا واستحقاقنا هذا المصير ، فالأجساد التي تلوت طربا فوق الدماء والأشلاء ، كان لابد لها أن تتلوى أيضا لكن من الجوع وضرب السياط ،

الكل دفع الثمن ، الأطهار دفعوا ثمن سذاجتهم وثقتهم بمن لا يستحق ، والأنجاس دفعوا ثمن نجاستهم وتأييدهم للظالم المستبد ،

سقط السيسي بعد ان انتهت مهمته ، و بات حملا ثقيلا حتى على من عينوه ، وكما تم التضحية من قبل بمبارك ، سيتم التضحية بالسيسي ، للإبقاء على ذات النظام ، النظام الذي يمثل ذنب المحتل ويده الباطشة ،

نظام ثرنا عليه من قبل وضحينا بالمئات ، فالتف على انتصارنا وسرقه منا ،ثم قتل واعتقل منا الآلاف ،

في كل مرة ننجح في اختبار العزم كما قال الشيخ العالم حازم أبو إسماعيل ،بينما نفشل دائما في اختبار الوعي والإدراك ،

الوعي الذي يحمي ثوراتنا من الالتفاف عليها أو الانقلاب،

تثور أوروبا مرة واحدة تعبر بعدها نفق التقدم والإزدهار ، ونثور نحن مرات تلو مرات ، وفي كل مرة ، نخسر في معركة الوعي فيسرقوا منا حلاوة الانتصار ،

قلتها من قبل ، وما زلت ارددها إلى لآن ، الإنقلاب العسكري في يوليو 2013 هو واحد من أعظم نعم الله على مصر ،فهل من دونه كنا سندرك ما ندركه الآن ؟!

ظللنا نحارب أدوات لأدوات لأدوات ، مرة نتحدث عن فساد رجال أعمال ،ومؤسسات خاصة وحكومية ، مرة ننادي بسقوط مبارك ، وقبلها نتحدث عن التوريث لابنه جمال ، حتى كشرت الحقيقة عن أنيابها ، بدون رتوش أو مساحيق تجميل ، وبات واضحا لكل ذي عقل ، أن بلادنا عادت لأسوا عصور العبودية ، ولكن ليس بفرعون واحد بل بمجموعة فراعين ، مجموعة من عساكر جيش كونوا ما يسمى بمجلس قيادة الثورة ، وما هو إلا إنقلاب عسكري ، خدعوا به شعب مغيب واستولوا على أرضه ومقدراته ، وأصبح لديهم من العبيد ، ظلوا يتداولون الحكم فيما بينهم ستة عقود ، يختارون أسوأ من فيهم ، يساندونه ويدعمونه فإذا ما سقط ..كانوا جاهزين فورا بالبديل.

الشعب الذي نادى بشعار : (الجيش والشعب إيد واحدة) ، أدرك تماما أن دولته : جيش يأوي لديه شعب كمجموعة من اللاجئين ،

أدرك كل من لديه ذرة عقل ، أن الإحتلال الغربي لبلادنا العربية لا يزال جاثما فوق صدورنا ، ولكنه استبدل فقط عامله بالعميل ، وجيمي بجمال ، فدماء عساكره أغلى بكثير من أن يضحي بها ، وهناك عساكر آخرون يمكنهم ان يخدموه ويقوموا حتى بأفضل مما يريد ،

اعترف عرابهم من قبل ، وفي حوار له شهير ، مع لميس الحديدي ، قال منظر العسكر الذي هلك "محمد حسنين هيكل" : أن رئيس مصر من العسكر لابد أن تشارك في إختياره أمريكا وإسرائيل

مازال الغرب يحاربنا ويحارب نهضتنا ، والدين الذي يفيقنا من غفلتنا ، ولكن ليس بجيوشه ، بل بعملائه على جيوشنا نحن ،

ظهرت الحقيقة واضحة جلية ، كالشمس تنشر نورها في كل مكان ، عرفنا أن ما يصدره إعلامنا ما هو إلا طفح مجار كريه ، رموزنا هم أسوأ من فينا ، والمسئولون لدينا حفنة من نصابين وقوادين ولصوص ، حزب النور ليس حزبا دينيا بل حزبا أمنيا بامتياز ، الدعاة الإسلاميون لا علاقة لهم أساسا بالإسلام ،

الاحزاب السياسية ما هي إلا (دكاكين) يبيع فيها الطاغية ما يريد للشعب أن يشتريه من مخدرات ، شعارات مسكنة وسياسات منومة ، تسمح له ولحاشيته أن يسرقوا ويقتلوا في هدوء ،

دعاة الليبرالية والحرية والديمقراطية ، لا يقصدون بشعاراتهم ابدا حرية شعوبنا ، بل حريتهم هم في فعل ما يشاؤون ، وما يخالف تقاليد مجتمع مسلم على أرضه يعيشون ،

الديمقراطية لديهم تعني فقط الوصول إلى كرسي الحكم ، وليس ما تأتي به صناديق ملأها بأصواته شعب من الفقراء والأميين ،

وحيث أن الانتخابات لا تأت سوى بهؤلاء الإسلاميين ، فالحل الوحيد إذن هو الإنقلاب ، والمبرر المضحك : حماية هوية مصر من التغيير ،

مصر التي فتحها الإسلام منذ اكثر من 1400 عام ، و 95% من سكانها مسلمين ، سيغير هويتها الإسلام ،

والله لو حكمنا أبو لهب وزوجته أم جميل ، ما فعلوا معشار ما فعله هؤلاء ،

ما سر هذا العداء ؟! لماذا يكرهون هكذا الإسلاميين ؟؟!

تذكرت مقولة الشيخ الجليل "الشعراوي" رحمة الله عليه ، حينما سئل عن العلماني الذي يزعم حبه للإسلام ، فأجاب قاطعا : "كداب في أصل وشه ، ده يعمى ولا يشوف المتدين أو الدين"

والإسلامي الذي وصل للحكم ، النظيف طاهر اليد ، العالم صاحب أعلى الشهادات ، لم يسرق ، لم يقتل ، لم يخن ، ولا يملكون عليه التسجيلات ولا السيديهات ، ولا مكالمات جنسية فاضحة ، فبدا كنقطة بيضاء فضحت سواد الثوب ، فصرخوا بأعلى صوتهم : اخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ،

ولأنهم ملكوا الصحف والفضائيات والأبواق والشاشات ، قلبوا الحق باطل والباطل حق ، ومن شهد الناس في عهده أزهى عصور الحرية أصبح ديكتاتور ، ومن لم يتقاض مليما من خزينة الدولة ، لم يجدوا له تهمة سوى التعاون مع حماس ،

خربوا العقول وأفسدوا الأذواق ، قتلوا النخوة ، ودمروا الأخلاق ، عادت مصر على إيديهم لجاهلية أبشع من عصور ما قبل الإسلام ،

اجتمع جهل مع فقر مع كراهية للدين ، وإن لم ننتصر في معارك الوعي القادمة ، فلا أمل لدينا في أي انتصار ،

من ينزلون إلى الشوارع منذ بداية الإنقلاب ، تحملوا مالا يحتمله بشر من ظلم وتنكيل وقتل واعتقال ، هؤلاء فقط هم الثوار ، من سيحصدون ما زرعوه بدمائهم وأرواحهم وأمنهم وأمن عائلاتهم منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

هم الشرفاء ، هم صفوة الشعب المصري على اختلاف أفكاره وأيدلوجياته ، مهما حاول الإعلام مستميتا أن يحصرهم في فصيل واحد وهو الإخوان.

"رابعة" هي رمز مذبحة سفكت فيها دماء أشرف وأطهر من في البلاد ،
مصريون من كل الاتجاهات والأطياف،(وارجعوا للفيديوهات والتسجيلات) ، اعتصموا رافضين أن تداس كرامتهم ، أو أن تلقى بأصواتهم تحت جنازير الدبابات ،


باتت "رابعة" شعار لكل شعب يريد حريته من كل ظالم وديكتاتور ، وأضحت سكينا للحقيقة يشهرها الشعب في وجه قاتله ليذكره بما اقترفت يداه ،


الرئيس القابع الآن في سجون الإنقلاب ، لا يمثل نفسه ، بل يمثل إرادة شعب ، نزل منه 25 مليون إنسان ، في انتخابات شهد بنزاهتها الجميع ، وصوت له فيها الأغلبية ،

رجوعه للحكم يعني ، أن الشعب الذي اختاره لا يمكن كسر إرادته بدبابة وسلاح ،

رجوعه للحكم يعني رجوع الأمور لنصابها ، ويضمن للأمة منذ الآن ، أن يعامل مواطنوها كبشر تحدد إرادتهم شكل ما يرتضونه من حياة ، فلا يساقون ثانية كقطعان غنم بالعصاه ، تهلل للقاتل تسلم الأيادي ، وتغني للديكتاتور : اخترناه وبايعناه

والأهم : أن عودة مرسي للحكم تعني بطلان كل عقود البيع والتخريب والإذلال التي أنفذها الإنقلاب ،


تعني أنه باطل التنازل عن نيلنا بموجب اتفاقية الخيانة مع اثيوبيا

باطل التنازل عن حقول الغاز في شرق المتوسط ، وبيع ثروات بلادنا لإسرائيل وقبرص والحكومة اليونانية،

باطل بيع أرضنا وجزرنا للسعودية

فنحن لا نعترف أساسا بحكم إنقلاب غاصب ، وليس لنا رئيس سوى ما اختارته صناديق الانتخابات.

وستعود مصر لشعبها ومكانتها عاجلا أو آجلا ، مهما علا في خلسة من الزمن فوق عرشها الأقزام.

كلمتي

نيسان ـ نشر في 2016-04-25 الساعة 13:19


رأي: شرين عرفة ناشطة وكاتبة مصرية

الكلمات الأكثر بحثاً