اتصل بنا
 

عائلات متخوفة من إغلاق مراكز إيواء ذوي الإعاقة.. وحقوقيون يؤيدون

نيسان ـ نشر في 2016-04-26

x
نيسان ـ

فيما أثارت التعديلات التي تضمنها مشروع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديدا البند المتعلق بـ"إنهاء نظام الرعاية الإيوائية في المراكز"، قلقا كبيرا بين أهالي ذوي الإعاقة، أبدى مختصون دعمهم للمشروع، على اعتبار أن الأسرة هي الوسط الأكثر ملاءمة لصاحب الإعاقة.

واعتبر الأهالي أن البند الذي نص على "تدريجية الإلغاء" ليس واضحا ولا يجيب عن تخوفات واستفسارات العائلات، الأمر الذي دفعهم إلى تنفيذ اعتصام أمام مجلس النواب أول من أمس للفت الانتباه إلى التعديل التشريعي الذي ينص على "تحويل دور الرعاية الإيوائية إلى نهارية"، معربين عن أملهم بأن يرفض مجلس النواب هذا البند بعد أن أقرته الحكومة قبل عدة أسابيع.

وتنص المادة 17 من مشروع القانون في الفقرة "ج" على: "تتولى وزارة التنمية الاجتماعية، بالتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، وضع خطة وطنية شاملة تتضمن حلولا وبدائل مرحلية ودائمة، لتحويل الدور غير الحكومية الإيوائية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة إلى جهات خدماتية نهارية دامجة، على أن يبدأ تنفيذ هذه الخطة خلال مدة لا تتجاوز سنة واحدة من تاريخ نفاذ هذا القانون، ولا يتجاوز استكمالها مدة 10 سنوات".

وفي هذا السياق، يوضح الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط أن "القانون لم يقر بعد، وما يزال في القنوات التشريعية، وبالتالي فهو ليس قيد التنفيذ بعد"، موضحا أنه "في حال إقرار القانون كما هو مقترح، فإنه يتوجب تطبيق الآليات اللازمة لتطبيقه".

بيد أن عائلات اشتكت من أن المراكز "بدأت باستخدام مشروع القانون كذريعة للتخلص من الحالات التي لا ترغب برعايتها، نظرا لوجود حالات صحية معقدة".

وتقول سيدة، طلبت عدم نشر اسمها، إنه "منذ إقرار مشروع القانون الجديد من مجلس الوزراء، أصبح المركز يطالبها بإخراج ابنتها منه، بحجة أنه سيتحول الى مركز نهاري".

وتضيف "الى جانب الإعاقة الذهنية الشديدة لدى ابنتي، فإنها مصابة كذلك بورم في الدماغ، وحالتها الصحية ليست سهلة، لكن يصعب على رعايتها في المنزل".

وتوضح "انفصالي عن زوجي وتقدمي بالعمر وعدم قدرتي على خدمة ابنتي، دفع بي الى خيار الرعاية الإيوائية، رعايتي لها في المنزل اليوم مستحيلة، فأنا لا أقوى جسديا على رعايتها، ويبدو أن المركز لا يرغب بتحمل أي مسؤولية عن وضعها الصحي، لذا فهم يدفعون لإخراجها".

بدوره، يبدي أبو سفيان كذلك تخوفا كبيرا من التعديلات على القانون، ويقول: "لدي ابن يعاني من إعاقة ذهنية شديدة، ومع بلوغه سن المراهقة مع أسرة مكونة من ثمانية أفراد وعدم قدرتي وزوجتي على التعامل مع إعاقته، ألحقته بدور الرعاية الإيوائية".

ويتابع أن "العناية بشخص من ذوي الإعاقة في المنزل يتطلب مستلزمات لا أقدر عليها، كتوفير مرافق، فضلا عن مستلزمات العلاج الطبيعي والحفائض وغيرها".

وإلى جانب هاتين الحالتين، فإن عائلات أخرى تتساءل عن مصير أبنائها في حال وفاة الوالدين أو أحدهما، أو عن العائلات التي تتعدد فيها الإعاقات، والأخرى التي تعاني من فقر شديد.

من ناحيتها، تبين رئيسة وحدة الفئات الأكثر ضعفا في المركز الوطني لحقوق الإنسان المحامية كريستين فضول أن "المركز تلقى عددا من الشكاوى من عائلات احتجاجا على التعديل القانوني المتعلق بتحويل دور الرعاية الإيوائية إلى نهارية".

وتقول "اشتكى أهالي من استحالة إقامة أبنائهم معهم، كون أبناءهم يشكلون خطرا عليهم أو لديهم سلوك عدواني، ونتيجة لتلك الشكاوى قمنا بزيارة الأبناء في دور الرعاية، لكن تبين عكس ما ادعاه الأهالي، ففي عدد من الحالات تكون الإعاقة متوسطة، لكن الأهل لا يرغبون بتحمل مسؤولية رعايتهم".

وتعتبر فضول أن "التنازل عن رعاية ابن أو ابنة بسبب الإعاقة يعد جريمة بحق الأبناء"، مبينة أن "المعايير الدولية ترفض الإيواء بسبب الإعاقة، وأن المبرر الوحيد للإيواء أن يكون لدى الشخص ظروف عائلية قاهرة يستحيل معها بقاؤه في أسرته، كحالات التفكك

الأسري أو وفاة أحد الوالدين أو كليهما".

وحول الفقر، باعتباره مبررا للإيواء، تقول فضول "الأصل أن تقوم الدولة بدعم العائلات غير القادرة لرعاية أبنائها داخل الأسرة، وعوضا عن أن يقدم الدعم من خلال دفع رسوم الإقامة في المركز الأيوائي، أن يوجه هذا الدعم للطفل داخل محيط أسرته، من خلال تغطية تكاليف المراكز النهارية، والعلاج الطبيعي، والتكاليف الخاصة للطفل".

وتؤكد فضول استحالة إلغاء دور الرعاية الإيوائية من حيث المبدأ، نظرا لوجود حالات معينة تتطلب الإيواء، لكن واقع الحال أن هناك "العديد من الأطفال الذين يتم إيداعهم في دور الإيواء دون حاجة حقيقية لذلك، ما يؤثر سلبا على شخصياتهم ووضعهم الصحي نتيجة لانفصالهم عن عائلاتهم وعزلهم عن محيطهم الاجتماعي".

في مقابل ذلك، يؤكد المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين أن مشروع القانون الجديد يهدف في كل بنوده إلى "دمج الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير حماية أكبر لهم".

ويوضح أن التوجه في القانون إنما "يأتي انسجاما مع الدراسات العالمية، التي أثبتت أن المكان الأنسب لنماء وتطور الشخص ذي الإعاقة هو محيطه الأسري، مع الحصول على الدعم من المراكز النهارية التي تقدم خدمات تأهيلية، بما يساهم في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومساعدتهم ليكونوا أفرادا منتجين في المجتمع، باعتبار أن فكرة الإيواء والعزل لذوي الإعاقة باتت مرفوضة

عالميا".

وكان رئيس اللجنة القانونية في المجلس، بوصفها الجهة التي أعدت مسودة القانون، الدكتور مهند العزة قال في تصريحات سابقة إن "القانون سيوفر حماية للأشخاص ذوي الإعاقة ويحقق هدف دمجهم، ويوفر بدائل للحالات التي يصعب فيها بقاء الشخص ذو الإعاقة بين أسرته".

ويوضح: "من حيث المبدأ، فإن الإيواء مرفوض عالميا، وله آثار سلبية على الشخص ذي الإعاقة، والقانون لا يتحدث عن إغلاق المراكز ولكن تحويلها من إيوائية إلى نهارية".

وينص القانون على فترة انتقالية مدتها 10 أعوام، يتم خلالها طرح بدائل للإيواء، ووضع خطة شاملة تضمن تدريب وتأهيل العائلات للتعامل مع أبنائهم ذوي الإعاقة، وتحويل دور الرعاية إلى دور دامجة متكاملة تساعد الأهل في رعاية الطفل أو الشخص ذي الإعاقة في المنزل.

وبحسب أرقام وزارة التنمية الاجتماعية، يبلغ عدد المراكز المختصة برعاية ذوي الإعاقة الذهنية 61 مركزا تابعا للقطاع الخاص، منها 30 نهارية و31 إيوائية.

وفي مقابل ذلك، تشير دراسة سابقة أجرتها الوزارة على دور الرعاية الإيوائية الحكومية، إلى أن 63 فقط من بين 550 منتفعا في المراكز الحكومية، تزورهم أسرهم أسبوعيا، وحوالي 20 % من هؤلاء تزورهم أسرهم سنويا، ما يؤشر إلى ضعف التواصل بين الشخص ذي الإعاقة وعائلته

الغد

نيسان ـ نشر في 2016-04-26

الكلمات الأكثر بحثاً