لا نزال نرى الطريق !
نيسان ـ نشر في 2016-04-28 الساعة 20:02
بقلم الاديب الاردني ماجد شاهين
( 1 ) لا أنفع إلا ّ بي !
لو تـجرّب أو تُحاول !
قالوها كثيراً لي و عنـّي ، و كانوا يؤشرون إلى أنه " كان بالإمكان أفضل ممـّا هو كائن الآن " !
لا أستطيع إلى غير الذي أنا فيه سبيلا ً ،
حاولت أن أتعلّم شيئاً ذا قيمة ، فوجدتني أنخرط في صخب الشارع والرصيف ،
حاولت أن أغيب و أصمت ، فتواريت و حين عدت ُ لم أجد مدى واسعا ً و أكثر رحابة من شارع ٍ و مقهى ،
حاولت أن أكتب في الرواية ، فلم تكن الحكايات تنضج إلا ّ حين تلتصق بالشارع و بالعربات والإسفلت و جوانب الطرقات و صراخ الباعة ،
حاولت أن أقترب من الشعر ، فكان هواؤه من روح الناس و من لجّة المارّين قرب الأغاني العتيقة ،
حاولت أن أقترب من زوايا و مصاطب سياسيّة، ولا أزال أحبّها ، فوجدت أنـّها تمعن في خنقي ، فانزحت ُ إلى الشمس و حسب !
حاولت أن أكون غير ما أنا فيه وعنده ، فضاعت العبارة واتـّسع الخرق و ذوت فكرتي !
حاولت ، و وجدت أنـّني لا أنفع إلا بي ، بـــ ِ ترهلي و كسلي و جنوني و فوضاي و بجيوبي الفارغة إلا من دفاتر الحب ّ !
...
لا ينفع شيء معي ، سوى ما أنا فيه ، لا أنفع إلاّ كما أنا !
( 2 ) عن حصـّة القمح !
أنا لا أنفع ُ مصفـِقا ً ولا أنفع راقصـاً .. يداي انهكتهما التلويحات للعابرين ، و جسدي لا يقوى على الرقص ِ .
أفكـّر في أن آخذ زاوية مطلّة عند رصيف ٍ واضح ، و أرى الصورة
و أكتب هناك ، عن الصورة والرقص و لعبة النرد الغائبة و الماء المصبوغ الذي يسمّونه شايا ً ، وأقول : تعجبني وتروق لي الفرجة !
لكنـّي سرعان ما أتذكر أن " نظارتي الطبيّة " غدت تالفة ، و بالكاد أرى الطريق !
هكذا ، أفكـّر و أرى و أسمع و أنتظر و أحاول أن أشارك الراقصين رقصَهم .. لكن :
لا أحد من الرّعاة يحضر الآن ، فالطيبون منهم غادروا أو تركوا الماشية تهيم في الأرجاء ، كان والدي واحدا ً من رعاة الغنم و كان يحب ّ عشب البلاد و الماء الذي في جوف الأرض وكان يعرف أن ّ " التقوى " طاعة لله ومحبة للناس وكفى و الطريق إليها سالكة بالصلاة والحكمة والصبر .
غادر مثلما غادر آخرون ، نحبّهم !
لم أفلح في أن أحصد مكانا ً في حصة " القمح البهي ّ " ولا مكانا ً في أرصفة الصامتين ، فغدوت تائها ً لا ألوي على موقف .. أروح في اتجاه الصخب ِ فأراني قليل الحيلة ، فأروح باتجاه الصمت فأراهم يؤشرون بأن ْ : هذا كهل اكتفى بالغياب !
قلت لا أنفع للرقص ، سأجرّب ، إذا ً ، أن أصعد السلّم .
الجمهور يصفق قليلا ً و يهتف أنني أليق ُ و بهي ّ و ينفع أن أصعد كثيرا ً أو قليلا ً .
لكن ،
الجمهور بعد قليل ٍ يتهامس أو يتهامسون و يندبون عنّي حظـّي و يقولون : لم تنفعه دفاتر الذاكرة !
الفرجة أنفع و أجدى و أقوم .. و ينفض ّ المولد بعدما حملت ُ سلالمه و أباريق وضوئه .
ينفض المولد و أنا بـلا حمّص !
قلت أنني لا أنفع مصفقا ً أو لاعبا ً في حلقة رقص ، و لا أنفع الآن حاويا ً في زمن رحل عنه زُرّاع القمح الأتقياء .


