(اعتناق) الأردنية .. مواطنون قدماء وآخرون حديثو (الايمان)
نيسان ـ نشر في 2015-05-12 الساعة 23:24
إلا اذا كنا نملك عصا موسى، حينها فقط سنقول إننا نستطيع إيجاد حل للأزمة السورية خلال السنوات القليلة المقبلة وإنهاء حالة اللجوء القسري الذي فرض على الناس.
يحق للسوريين أن يحلموا بالعودة إلى حاراتهم، ويحق لنا أن نحلم مجدداً بان نستمتع بمشاهدة (ضيعة ضايعة) في مساءات رمضان، ونضحك ونشعر بأن كل الأمور على ما يرام، لكن الواقع يقول إنه وبينما انشغلنا طوال سنوات بالدعوة إلى ضرورة فرض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم، انفجر في وجوهنا (حق عودة) جديد لكن هذه المرة الى سوريا.
دعونا نغمض أعيننا دقيقة، ثم نفتحها فجأة الآن، فاذا بنظام بشار الأسد وقد رفع الراية البيضاء وأفاق من إجرامه وقدم نظامه إلى محاكمات شعبية، وتراجع حزب الله الى لبنان، واستغفر، وقرر الجميع فجأة بناء سوريا من جديد. السؤال هو: كم من الوقت نحتاج حتى يعود الاردن كما كان عليه الحال قبل العام ٢٠١١م؟ وكم سنحتاج من الوقت حتى نعيد اللاجئين الى مدنهم وقراهم وحاراتهم؟
نحن لم نأت حتى الان على ذكر جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، وباقي الفصائل السورية المقاتلة التي يزيد عددها بتقديرات ساذجة عن المائة الف مقاتل عنيد.
ونحن ايضا لم نتذكر معا أن الأمور في المنطقة كلها آخذة الى مزيد من الانهيارات لا الى التهدئة.
نحن لم نقل بعد ان امريكا التي تتراجع عن المنطقة لصالح قوى جديدة تتشكل، لا تعرف هي نفسها ما الذي تفعله.
نحن لم نتحدث عن انزياح العراق نحو الاراضي السورية وإذابة سوريا على الحدود العراقية.
لم نقل شيئا عن الدولة الكردية التي قارب مخاضها على الخروج.
"سوريا مطولة" هذا ما يجب ان نفهمه فما الذي أعددناه لذلك؟
اليوم (النسمة) الأردنية ذات شعب متعددة. أولها السابقون الأولون أولئك المقربون الآن، ثم أصحاب (بدر) من جماعة اللاجئين الفلسطينيين، من حملة الأرقام الوطنية، وهؤلاء جميعاً يمكن أن يطلق عليهم قريباً جداً اسم (المواطن القديم)، ثم يأتي من (اعتنق) الاردنية متأخراً ربما بعد (عام الوفود)، وهؤلاء ممن وَقَرَ (الأردن) شيئا يسيرا في قلوبهم، وهؤلاء سابقا كما هم اليوم وغداً، (كمالة عدد)، ثم تأتي جماعة (المؤلفة قلوبهم) الذين تطمع الدولة في طلب المعونة المالية لها ولهم من الغساسنة ومن خلفهم حتى تستطيع تلبية حاجاتهم.
المعادلة المقبلة هي: مواطن قديم ومواطن جديد. مواطن قبل (الفتح) ومواطن بعد (الفتح)، وسيتحول قرار فك الارتباط الى مزحة سمجة. أي قرار هذا الذي تتحدثون عنه، والبلد بحاجة الان الى عشرين قرار فك ارتباط مع الشمال والغرب والشرق والجنوب.
هنا نحن لا نتحدث عن الهوية الوطنية فقط، وما هو مؤكد أن شعورنا بالانتشاء أننا ما زلنا بخير شعور تخديري نتعاطاه (تحشيشا)، فما يجري هو تفتيت للهوية الجامعة مقابل هويات فرعية هلامية سننزلق معها نحو الهاوية.
نحن لا نبشّر، ولا ندعو، وكيف لنا أن ندعو بذلك. نحن نبصر مشهدا أمامنا، فما نحن فاعلون يا قوم.