اتصل بنا
 

العراق: خمول سياسي وتشريعي وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة

نيسان ـ نشر في 2016-05-08 الساعة 13:57

x
نيسان ـ

يشهد العراق حاليا حراكا سياسيا محليا ودوليا، لحلحلة الركود السياسي والتشريعي والأمني الذي فرضته على العراق، سياسات القوى السياسية المهيمنة على البلد، حيث البرلمان معطل بسبب الإنقسامات بين أعضائه ولا مؤشرات على أي اتفاق لتحديد موعد لإعادة جلساته، والتشكيلة الوزارية الموعودة من رئيس الحكومة حيدر العبادي غابت في أدراج البرلمان المجمد، والإصلاحات أصبحت مجرد شعار لا وجود له على أرض الواقع، وحتى التظاهرات والاعتصامات لم تتفق الكتل السياسية على جدواها وآلياتها وخاصة عقب اقتحام المتظاهرين لمبنى البرلمان وتعطيل أعماله.
وإزاء هذا الواقع، انبرت الدول المعنية بتطورات الشأن العراقي بالتحرك للاتصال بالحكومة والبرلمان من أجل تقريب الخلافات بين القوى الفاعلة وتهدئة الأوضاع بما يسمح بإعادة عمل البرلمان ومواصلة الخطوات لتشريع القوانين إضافة إلى اكمال التشكيلة الوزارية، وقد جاءت في هذا الإطار زيارات ولقاءات سفراء الولايات المتحدة وإيران وبعثة الأمم المتحدة مع المسؤولين في بغداد وأربيل والسليمانية، الذين أكدوا على دعم حكومة العبادي كونه الخيار الوحيد المتاح حاليا وسط فوضى التناحر والصراع السياسي.
ورغم الجهود المحلية والدولية لتنقية الأجواء الملبدة بالغيوم، تصاعدت مؤشرات الخلافات بين القوى السياسية وبين الكتل نفسها. وانبرى قادة التحالف الوطني (الشيعي) يتسابقون في توجيه الانتقادات إلى التيار الصدري وتحميله مسؤولية تعطيل أعمال البرلمان على خلفية التظاهرات التي نفذها أتباع التيار واختراقهم البرلمان والاعتداء على النواب. وقد وجه قادة التحالف الوطني أمثال حيدر العبادي ونوري المالكي وعمار الحكيم، هجوما لاذعا على تلك التظاهرات، متوعدين بعدم السماح بتكرارها. بينما رد التيار الصدري الذي تركه زعيمه الصدر وتوجه إلى إيران، بتوجيه سيل من الاتهامات إلى بعض قوى التحالف الوطني وخاصة الدعوة وكتلة القانون، بالمسؤولية عن انهيار أوضاع العراق وعرقلة الاصلاحات.
وبرز هذه الأيام مؤشر أمني خطير أثار قلق العراقيين، وهو تنامي دور الميليشيات في المشهد العراقي، عقب انتشار عناصرها المسلحة في مناطق من العاصمة وبعض المحافظات بحجة السيطرة على الوضع الأمني في خضم تداعيات اجتياح المتظاهرين للمنطقة الخضراء، في استعراض للقوة ضمن محاولة لايصال رسالة للعراقيين بأنهم أصبحوا واقعا فرض نفسه على المشهد الأمني للبلاد. وكان انتشار ميليشيات الخراساني المقربة من الحرس الثوري الإيراني في مناطق حساسة من بغداد وتعمد تسريب أفلام عن معممين وقادة عسكريين منها يتجولون في المناطق المحيطة في المنطقة الخضراء ضمن مواكب سيارة ترفع أعلاما إيرانية ردا على ترديد بعض المتظاهرين من التيار الصدري شعارات معادية لإيران، في رسالة ذات مغزى مقصود.
كما كررت ميليشيات معروفة في ديالى، عرقلة عقد مجلس المحافظة جلسة استجواب للمحافظ مثنى التميمي، القيادي في منظمة بدر، على خلفية مسؤوليته عن الانهيار الأمني في المحافظة، وذلك في موقف تحدت فيه الميليشيات دور السلطات الحكومية وأكدت انها تطبق قوانينها وأجنداتها باستقلالية وبمعزل عن الــحــــكومة التي التزمت الصمت ازاء ذلك.
وفي خضم الفوضى والإنفلات والفشل السياسي للقوى العراقية في إدارة أزمات البلاد، برزت مؤشرات ايجابية تستحق الاهتمام والتشجيع من خلال تصاعد دعوات لتشكيل «حكومة انقاذ» لسنة أو سنتين وتعطيل البرلمان والدستور والتحضير لانتخابات جديدة باشراف الأمم المتحدة، بينما أعلنت نخب فكرية واقتصادية وسياسية عن تشكيل سياسي جديد باسم التيار المدني «موطني» الذي يرفع شعار «العراق للجميع» ويدعو إلى تكوين حركة وطنية جامعة لجميع الطاقات والكفاءات العراقية ومتجاوزة للطائفية والمحاصصة والأعراق. وعقدت حركة «موطني» عدة لقاءات ومؤتمرات في بغداد وعمّان بجهود مفكرين وباحثين منهم غسان العطية ورجال أعمال عراقيين خارج البلد، إضافة إلى نواب وناشطين شباب وإعلاميين، جمعتهم فكرة بروز قيادات وحركة وطنية تحل محل القيادات السياسية التي فشلت في قيادة البلاد طوال 13 سنة الماضية واوصلتها إلى طريق مسدود بالتزامن مع التحديات الأمنية والاقتصادية الخطيرة.
كما برزت هذه الأيام من جديد، عقدة انتهاكات حقوق المعتقلين في السجون الحكومية، عندما أعلنت منظمة العفو الدولية وجود انتهاكات وأوضاع وصفتها بالمرعبة في أحد السجون الحكومية في منطقة عامرية الفلوجة في الأنبار ضد نازحين هاربين من جحيم المعارك الدائرة بين القوات العراقية وتنظيم «الدولة» الإرهابي، وذلك في أعقاب قيام وفد من المنظمة بزيارة السجن المذكور ضمن فعاليات قام بها في العراق.
وقد حظي الإعلان باهتمام القوى السياسية (السنية) التي أكدت انها طالما نادت بوجود أوضاع وانتهاكات فظيعة في السجون العراقية ضد معتقلين معظمهم أبرياء وبتهم كيدية أو مجرد الشك، والتي طالبت الحكومة العراقية بالتحقيق بمثل هذه الانتهاكات والإفراج عن الأبرياء، وهي دعوة لا يبدو ان آفاق الاستجابة لها واردا في ظل الأوضاع السائدة في العراق ونظرة الشك في الآخر وعدم الثقة بين أطراف الوطن الواحد.

القدس العربي

نيسان ـ نشر في 2016-05-08 الساعة 13:57

الكلمات الأكثر بحثاً