في عناوين يوميّاتنا
ماجد شاهين
أديب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-05-12 الساعة 15:11
استخدام الهامش ولعبة الخصوم وانشغال الناس بالصراخ
( 1 ) هوامش .
في المدارس ، كان المعلّم يرشدنا إلى ضرورة استخدام الهامش لإجراء الحسابات الرياضيّة و لكتابة ملاحظات قد تنفع للامتحان !
إلا ّ أن ّعددا ً آخر من المعلمين ، لم يكن مسموحا ً لنا استخدام الهامش في برنامجهم الدراسي و حصصهم .
كانوا يعلنون ويقولون لنا : اتركوا الهامش فارغا ً !!
...
الهامش ، لا يعني ، بالضرورة ، المكان المتروك بلا اعتناء !
والهامش قد يساوي المساحة الاحتياطية للاستخدام حين تضيق الدفاتر أو القلوب أو الشوارع أو الهتافات !
والهامش ، ربما يعني ، مساحة لتحريك الأشياء وربما يعني أو يساوي :
مساحة للعب بحجم الربح والخسارة
مساحة للعب بالكلام
مساحة للنقد
مساحة للفرجة
مساحة للنوم
مساحة للتلصّص على الآخرين
مساحة للاختباء وراء الأبواب
مساحة للبقاء في العتمة
مساحة للفرح
مساحة للحياة
مساحة للصراخ
مساحة للانتظار
مساحة للحب ّ !
المشكلة بالنسبة للناس ليست في حجم الهامش ، بل المشكلة والمعضلة الأساس في الناس أنفسهم حين يختارون هوامشهم .. إلى أي هامش يروحون !
( 2 ) لعبة الخصوم !
" صُنع القادة " و " صناعة النجوم " .. كنـّا نعرف أن ّ الأمر له أدواته و طرائقه و وسائط إعلامه وانتشاره و فضاءاته !
الآن نرى ، في المستويات كافة ، أن متخصّصين يبرعون في " تشكيل الخصوم " !
هذا زمن صناعة الخصوم ، في مستوى الأفراد والمجتمعات الصغيرة ، وكذلك في مستوى الصراعات الكبرى .
الأفراد المتنفذون وغير المتنفذين ، يبرعون الآن في لعبة " صناعة الخصوم " في الحارات والمواسم ، ويديرونها باقتدار .
( 3 ) انشغال بالصراخ !
الناس ُ ، الآن ، ينشغلون و يخوضون صراخا ً على شكل كلام ٍ أو " حكي " و يصعد الصراخ ويتنوّع في الشوارع والمدارس والمساجد والكنائس والمنازل والجامعات والملاعب والمقاهي و الدكاكين و محال ّ بيع أواني الطبخ و دكاكين العطارة والخردوات ، و عند الأرصفة والمسارح والميادين والمطابخ والدواوين والمضافات وبيوت العزاء و صيوانات الأفراح و الصالونات المفتوحة والمغلقة و تحت الطاولات و فوقها و في كوّات/ كوى الجدران والشبابيك و وراء الأبواب .
الهتاف لا يزال كثيرا ً و الورد نراه قليلاً .
..
عديدون أولئك الذين يحدثون ضجيجا ً يصم ّ الأسماع ، و يتوقعون أنهم أحدثوا حضورا ً أو أثرا ً !
كثيرون يملؤون الأجواء صراخا ً و يتركون وراءهم زوبعة سرعان ما تتلاشى ، ولا يبقى منهم أثرا ً .
الواثقون الهادئون يتجنّبون الضجيج و يصنعون أفكارهم في هدوء و تؤدة ٍ و حلم .
..
الناس يصرخون ،
الناس يتبادلون الأدوار
الناس يتوهمون أنهم يصنعون المواقف والحكايات
الناس يفعلون الأشياء كلّها في الوهم
الناس في أحوالهم جميعها .. يصرخون !
..
هل أتينا على سيرة التظاهرات ؟
ربـّما فيها و أكثر يحدث الذي يحدث .
..
الهتاف لا يزال كثيرا ً ،
والنتائج : صراخ محشوّ بالصراخ .
نيسان ـ نشر في 2016-05-12 الساعة 15:11
رأي: ماجد شاهين أديب أردني