اتصل بنا
 

مرحلة الممثل المذيع والضيف اللواء

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2016-05-14 الساعة 14:25

للأخلاق والإنسانية.
نيسان ـ

لا أعرف لماذا لم يستقر عربياً إلى الآن أن الإعلام مهنة، تتعدد مدارسها، لكنها في النهاية ليست مجالاً يمكن لأي عابر سبيل أن يلتحق بها!
على أيامنا كان من المأثورات أن الصحافة أصبحت مهنة من لا مهنة له، وأيام كان يُقصد بالصحافة، العمل في الصحف الورقية. والآن صار التقديم التلفزيوني هو مهنة مفتوحة، لا سيما بعد أن دخل رجال الأعمال مجال تملك القنوات التلفزيونية، وهم لا يفرقون بين الفنان النجم، وبين مهنة الإعلامي، فضلا عن أن حالة الركود في المجال الفني أنتجت ظاهرة «الممثل المذيع»!

لا أعرف آخر عمل للفنان «أحمد أدم»؟ لكني أعرف أن سوق الدراما لو كانت رائجة بالنسبة له فلن يكون قد وجد لديه الوقت ليقوم بدور «المهرج» على مسرح قناة «الحياة»، لصاحبها السيد البدوي شحاتة، رئيس حزب «الوفد» المصري، وما يستجد من ملاك، فقد قرأنا أن ملاكها في الأصل رجال أعمال خليجيون، لهم رأي سلبي في «ثورة يناير»، فوقع الإختيار على المذكور ليقوم بجانب في دور «الحياة» في الثورة المضادة!

كما أعلم أن «أدم» لو حقق نجوميته في مجال تخصصه، لتعفف عن أن يطلبها في مجال بعيدا عنه، وهو التقديم التلفزيوني، حيث يقدم برنامجا سخيفاً اسمه «بني أدم شو»، الذي شاهدت بعض حلقاته، وساءني أن يبتذل نفسه بهذا الشكل ويقوم بدور المهرج، الذي هو بعيد تماما عن دور الفنان الكوميدي، أو مقدم البرنامج الفكاهي، حيث يوشك أن يمشي على دماغه لكي يجلب المشاهدين، وقد أحاط نفسه بظاهرة الحضور، الذين يصفقون له، ونعلم أنه حضور وهمي، وكما نعرف ظاهرة مقاولي الأنفار، الذين يقومون بجلب من يحضرون هذه البرامج، في استغلال للبطالة، التي تفشت في المجتمع المصري، وهم يصفقون بإشارة من المخرج، ويضحكون بإشارة أخرى وقد ينتصب أحدهم فيوجه سؤالاً جرى الاتفاق عليه مسبقاً في البرامج التي تقر هذا!

ولم يكن مفاجأة لي و«آدم» ليس إعلامياً محترفاً، أن يقع في شر أعماله بالسخرية من الشعب السوري، ومن مذبحة حلب، وأثبت بما فعل أنه ليس فقط يفتقد للحد الأدنى للياقة المهنية، ولكنه يفتقد لهذا الحد في مجال الإحساس الإنساني، ومثلي يعلم أن هناك من ينحازون لبشار الأسد، لأن الإنقلاب العسكري ينحاز له، لكن تكمن المشكلة في هذه السخرية من هذا المحنة الإنسانية، فتصرف المذكور كالدبة التي قتلت صاحبها، لكنه وإن أساء التعبير فلم يخالف سياسة القناة التي يعمل فيها، والتي ربما وجدت نفسها أمام استهجان الرأي العام، فاعتذرت عن بث الحلقة التالية، واعتذرت للشعب السوري، لكنها تمسكت بأحمد آدم لأنه لم يخرج على سياسة القناة، غاية ما في الأمر أنه اجتهد أكثر مما ينبغي ولأنه يفتقد للمعايير المهنية، ولأنه كذلك قرر أن يواصل تهريجه في ساحة لا تحتمله، فقد وقع التجاوز، لكن القناة لم تر أنه ارتكب خطيئة!

«الحياة» أداة من أدوات الثورة المضادة، وعندما نعرف من هم أصحابها على وجه التحديد، فيمكننا أن نحدد توصيفا لحالة «البدوي شحاتة»، الذي ظلمناه عندما تعاملنا معه على أنه المالك، فإذا به وسيطا!
وسيكون مهماً أن نعرف دور دولة بعينها في الإقليم تسعى لابتذال مهنة المذيع، وهو دور يتجاوز الانحياز للثورة المضادة وإفشال الربيع العربي، إلى «عكشنة» وسائل الإعلام. هم العدو فاحذرهم.

«رانيا وريجيني»

ولم تكن حالة «أحمد آدم» هي الوحيدة من نوعها، فقد فوجئنا برانيا محمود ياسين، وقد تحولت إلى مذيعة، بعد أن عملت بالتمثيل، وكل إمكانياتها أنها ابنة «محمود ياسين» والمعتزلة «شهيرة»، ولأن الواسطة في مجال الموهبة قد تفتح لها الأبواب، لكنها لا تمكنها من الاستمرار، أو تحقيق حضور لا تؤهله لها إمكانياتها المهنية!
لقد تم فرضها كممثلة، فلم تثبت «كرامة» في هذا المجال، فعزف المنتجون عن التعامل معها، لكن لأن هناك قنوات تلفزيونية ترى أن «ربع نجمة»، يمكن أن تغني عن مسألة الاستعانة بمذيع موهوب يفتقد للنجومية، فصارت «رانيا» مذيعة في زمن أصبح فيه «التقديم التلفزيوني» مهنة من لا مهنة له، ويكفي أن تضرب المذيعة شعرها في الخلاط، ليصبح هذا كافيا عن نقص الموهبة وانعدام المهارات اللازمة في عملية التقديم، أو إدارة الحوار!

كان واضحاً أن المذكورة تبحث عن تحقيق تواجد على الساحة الإعلامية، ودل على هذا أنها استضافة ملحدا لتطرده من الأستوديو وهي تصفه بالكافر، وكأنها كانت تتوقع أن ينطق بالشهادتين، وأن يصلي على النبي، وربما أرادت بمشهد الطرد، الذي جرى تناقله في سرعة البرق على مواقع التواصل الإجتماعي، أن تدفع الرأي العام المسلم للإشادة بقوة إيمانها، لكن بدت أمام من شاهدوا الحلقة أو عاينوا الفيديو أنها تفتعل موقفاً لجذب الأنظار إليها.

ولأنه ليس في كل مرة تسلم الجرة، وأن من يسعى للإثارة ويفتقد للقدرة على التحكم في المشهد، سيقع حتماً في شر أعماله، فقد استضافت «الفلكي شاهين» أو شيئاً من هذا القبيل، والذي توقع أن يقتل «عبد الفتاح السيسي» قبل منتصف هذا العام، لتسبب هذه الحلقة في إنهاء تعاقدها في قناة «العاصمة» وهي قناة جديدة سأكون ممتناً لمن يخبرني بأسماء ملاكها باعتبار أن المعلومة ضالة الصحافي!
فما يعنيني الآن هو أن تبدو لي أن هناك شركة قابضة تملك أو تدير ترسانة القنوات التلفزيونية، التي تمثل أذرعاً إعلامية للانقلاب العسكري، فالمذيعة أو المذيع قد يرتكب حماقة تدفع القناة التي يعمل بها لتداركها فيتم وقفه ليظهر على شاشة قناة أخرى، كما حدث مع صاحبة برنامج «صبايا الخير» التي تركت «المحور» إلى «القاهرة والناس» قبل أن تشهر بالشعب السوري فيتم إبعادها لفترة ستعود بعدها، و»أماني الخياط» التي تركت «القاهرة والناس» على ما أتذكر، لتطالعنا على «أون تي في» ومنها طالعتنا على التلفزيون المصري، بعد الإساءة للشعب المغربي!
ففي أزمة «رانيا محمود ياسين» راعني أنها انتقلت لقناة «الحدث»، فما هي قيمتها الإعلامية لكي تتعاقد معها هذه القناة في اللحظة، التي تفقد فيها عملها في قناة «العاصمة»، مع أنها لم تثبت حضوراً، ولم تحقق نجاحاً؟!

«رانيا» لافتقاد الموهبة، والوعي المهني، ولأنها ممثلة تفتقد للقدرة على التمثيل، فقد قامت بدور «خالتي فرنسا» وهي تتطرق لقضية الشاب الإيطالي «ريجيني»، الذي وجد مقتولا في القاهرة وعلى جسده أثار تعذيب!
قالت المذكورة، في «وصلة ردح» وصفاً للشاب الإيطالي «غار في داهية»، لكن قناة «الحدث» لم تقرر إنهاء تعاقدها على هذا التجاوز المؤسف! فأمثال «رانيا محمود ياسين» و»أحمد آدم» لديهم حماية لتجاوزاتهم، التي تمثل خروجا بسيطا على قواعد العمل في هذه القنوات!

الجنرال المفدى

اللافت أن الأزمة لم تعد فقط في عملية ابتذال مهنة «مقدم البرامج التلفزيونية»، ولكن أيضاً في ابتذال الإعلام كله، باستدعاء ضيوف يفتقدون لأبسط المقومات الواجب توافرها في المحلل، أو الخبير، سواء كان أمنياً أو استراتيجيا!
فمصر تقريباً الدولة الوحيدة التي تعرف مسمى «الخبير الاستراتيجي»، وهو يعني في المقام الأول، أن الحائز على المسمى جنرال متقاعد، لذا عندما تم الترويج لمقطع باعتباره يحتوي على أقول غريبة وبدون اسم المتحدث، إلا أنه «خبير استراتيجي» لم أكن بحاجة إلى بحث عميق لأقف على أنه «لواء» بالجيش، وهو ما توصلت له فعلا بعد عملية بحث بسيطة، فصاحبنا هو الجنرال المفدى «محمود منصور»، وإمعاناً في التأكيد على إستراتيجيته الخلابة، فقد تم تقديمه على أنه رئيس ما يسمى بالجمعية العربية للدراسات الإستراتيجية؟

فهل توجد جمعية فعلاً بهذا الاسم؟ وهل هذه الجمعية مشهرة رسميا؟ وهل يوجد فيها خبراء غير الخبير الأوزعي «محمود منصور».. وهل أصدرت دراسات في مجال تخصصها!؟
ما علينا، فاللواء منصور رئيس الجمعية العربية للدراسات الإستراتيجية تمدد بالحرارة وانكمش بالبرودة، وأعلن في قناة «العاصمة» أيضاً عن وجود قطريين «مش لاقين ياكلوا»، وهو قول على غرابته أثبت فعلا أنه لواء، واللواءات يقولون كلاماً غير مسبوق في عالم الجنس البشري!
البحث كان سبباً للوقوف على أقوال أخرى مأثورة للجنرال، مثل أن حادث حلوان الذي راح ضحيته أكثر من ستة من رجال الشرطة هو دليل نجاح الأمن في القضاء على الإرهاب في سيناء، فقد انتقل الإرهابيون للقاهرة وارتكبوا جريمتهم ليرفعوا من «روحهم المعنوية»!

ولا نملك في مواجهة هذه الغرائب، إلا أن نطلب من الإتحاد الدولي للصحافة أن يتبنى فكرة «الكشف الطبي» على مقدمي البرامج والضيوف، للتأكد من سلامة قواهم العقلية. قطريون لا يجدون ما يأكلونه؟ يا له من اكتشاف جبار اكتشفته عقلية معملية واستراتيجية فذة!

نيسان ـ نشر في 2016-05-14 الساعة 14:25


رأي: سليم نصار كاتب لبناني

الكلمات الأكثر بحثاً